النائب السابق يونس الجمرة يكتب لاخبار البلد .... إذا كــانَ البِنــاءُ عــلى فســاد
كتبت مقالاً بعنوان " الرئيس في ستين دقيقة " ، وكان أحد التعليقات على المقال ، هل يتغير موقفك إذا لم يعينّك دولة الرئيس مديراً عاماً للشؤون الفلسطينية ؟ ، وكان بودي أن لا أجيب على هذا السؤال ، لكنني أرى الآن أنّ الوقت مناسب للإجابة .
لم ولن أغيّر موقفي أو فكرتي عن دولة الرئيس، فالرئيس رجل محترم ومثقف ، هذا ما لمسته من خلال كلماته التي سمعتها عبر وسائل الإعلام ، وأضيف أنني لا أعرفه شخصيا ، ولست متهالكا للالتقاء به ، وهذا لن يّغير في شيء لا لي ولا له ، لكن بالمقابل كما قال المتنبي :
قلت هذا الصبح ليل أيعمى العالمون عن الضياء؟
ولكن إذا تناولت مسيرة الرجل خلال فترة تولّيه الولاية العامة للحكومة _ وهو يسعى لإعادة الولاية العامة كما سمعنا _ نرى أن الولاية العامة في واد و دولته في واد آخر ، ومن حقي كمواطن أردني أن أبدي ملاحظاتي على عمله ...لا شخصه مع احترامي لشخصه الكريم ، ما دام قد قبل أن يكون في هذا الموقع ، فهذا الموقع يعطيه صفة الرجل العام ، وعليه أن يتقبّل ذلك ، ولا يهمّني من قريب أو بعيد إن غضب أو فرح حين يقرأ كلماتي ، وأول ما ابدأ به ، أن من يريد يا دولة الرئيس أن يستّرد الولاية العامة عليه أن يكون صاحب قرار ، لا ينتظر إرضاء وزيرا من وزارته ، أو أن يرضخ لرغبة ذلك الوزير ، فاسمح لي يا دولة الرئيس أن أقول لك أنّ بعضا من وزراءك يعملون لمصالحهم ، ولا يهمّهم نجاحك أو فشلك ، وللأسف بوادر الفشل بدأت تلوح في الأفق أكثر من النجاح ، فإذا لم تستطع استرداد الولاية العامة من وزير افترى على لجنة مكونة من سبع وزراء ، وكان رأيه الأول والآخر ، فكيف بالله عليك ستستردّ الولاية العامة كما نسمع من مؤسسات ، هي من القوة لا وزريك الحالي ولا كلّ فريقك الوزاري يستطيع أن يصمد أمام شخص واحد منها ؟؟؟؟ .
أما العدالة ، والنزاهة ، ومحاربة الفساد ، والإصلاح ...إلى آخره ، فهذه المصطلحات ، وهذه التعبيرات يمكن أن تساق على غيرنا ، ولا أريد أن أدخل في التفسيرات والمعاني ، أما العدالة وتكافؤ الفرص فقد أثبتت اللجنة الوزارية المعنية أنها أهل لذلك ، وكما يدعّي رئيس اللجنة أن الوزير المختص بدائرة الشؤون الفلسطينية هو المصرّ على تعيين الشخص الذي عيّن ، فكيف تكون العدالة والنزاهة في هذه الحال ؟ ، وكيف يتم اختياري من قبل اللجنة - والحمد لله أنّ خبر التعيين قد سرّب إلى مواقع متعددة- ، وبعد ذلك يتم إيقاف كتاب تعييني إرضاء للوزير الذي قال بالحرف الواحد : إذا تمّ تعيينه سأستقيل وعينوه بدلا مني ... وهل يظن ذلك الوزير أنه أكفأ من غيره ، أم أنّ أرحام الأردنيات جفّت ولم يلدن سواه !!!؟ .
إذن هي العدالة يا دولة الرئيس ، والنزاهة ، والفساد الذي أعلنت الحرب عليه ، والإصلاح القادم من أوسع الأبواب ، ... لا أظن ذلك ، صمتُّ كثيرا ولكن كما يقول الشاعر :
لقد بلغ السيل الزبى ونالني ما حسبي به وكفى
هذا الموقع يا دولة الرئيس يحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار، فقد عززت الفساد بقرارك ... ولا أقول لك أكثر من ذلك ، وقضيت على الإصلاح إن كان هناك إصلاح على يديك ، وأوهمت الناس بالنزاهة والعدالة ، ولا أظن ّ أنّ من يطلّ على ما يجري ، ويحتك بالناس ويعيش مثلي بينهم يثق بحكومتك ، ... كنا نتوسم بهذه الحكومة خيراً ، فالشكل لم يتميز عن سابقاتها ، اللهم إلاّ بزوبعة أثارتها حول نفسها بأنها حكومة إنقاذ . ...وللأسف لم تكن كذلك ، وكما يقول المتنبي :
فــإن الجُــرحَ يَنفِــر بعـد حـينٍ إذا كــانَ البِنــاءُ عــلى فســاد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ