بعد الهجوم الإيراني.. حرب أم تسوية سياسية؟
الهجوم الإيراني على إسرائيل انتهى بعد ليلة عاشها الأردنيون وهم يراقبون السماء ليشاهدوا الطائرات المسيرة، والصواريخ، تسقط على دولة الاحتلال.
هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل من أراضيها، وفي كل المرات السابقة كانت إيران تستخدم وكلاءها، وحلفاءها لتوجيه ضرباتها المحدودة إلى أهداف إسرائيلية، ووفق صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية فإن طهران أطلقت 331 طائرة مسيرة وصاروخا، وإن 99 % منها أسقطت، وهذه التصريحات تشير إلى أن الأضرار التي أوقعتها الهجمة الإيرانية المتوقعة كانت محدودة، إن لم تكن عديمة الأثر، وهي ليست سوى تبييض لصورة إيران أمام جمهورها، وأنصارها أنها لم تسكت، ولم تقف مكتوفة الأيدي بعد الاعتداء الغاشم على سفارتها في دمشق.
قبل 34 عاما، وبعيد الاحتلال العراقي للكويت، أطلق الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين صواريخ استهدفت إسرائيل، وعاش الأردنيون "تجربة عاطفية" فهم بعد عقود يرون ولأول مرة نظاماً عربياً يتجرأ على قصف إسرائيل، رغم أن الضربات كانت نتائجها العسكرية هزيلة جدا، وهو ما تسبب في إحباط لهم، ويبدو أنه تكرر بعد الهجوم الإيراني.
قطعا لا تريد طهران خوض حرب مع إسرائيل، ومنذ خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله الشهير في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة حُسم الأمر، فطهران لا تريد فتح جبهة للحرب، وكل ما هناك ضربات تكتيكية، ومناوشات تقوم بها أذرعها من لبنان، واليمن، والعراق، وحتى اللحظة، الجميع منضبط ضمن قواعد الاشتباك المرسومة مسبقا من القيادة الإيرانية.
لن تخرج الضربة الإيرانية عن محاولات رد الاعتبار، وإذا كانت دولة الاحتلال بقيادة نتنياهو ليست مجموعة من الحمقى فإنها لن ترد، وستعتبر ما قاله الرئيس الأميركي بايدن لنتنياهو أن ما حدث يعتبر نصرا لإسرائيل.
أميركا حسب معلومات نشرتها الصحافة الأميركية ذكرت أن بايدن أبلغ نتنياهو بوضوح أن الولايات المتحدة لن تدعم أي هجوم إسرائيلي على إيران، واللافت أن المعلومات الواردة من الكيان الصهيوني متناقضة عن الرد الإسرائيلي، فهناك من يقول إن "كابينت" الحرب في تل أبيب تبنوا موقف نتنياهو بالرد الكبير، والمؤلم، لكن مصادر أخرى نسبت على لسان قادة إسرائيليين أن تل أبيب لم تتخذ قرارا بالرد حتى الآن.
القراءات الأولية للمشهد السياسي والعسكري تُرجح أن تضغط أميركا، ودول أوروبية على تل أبيت للتمهل، وعدم الرد، حتى لا تجر المنطقة لحرب شاملة، وهناك من يرى أن الجيش الإسرائيلي منهك بعد 6 أشهر من الحرب، والصمود الأسطوري للفلسطينيين في غزة، ولذلك فإن كبح جماح إسرائيل عن خوض مغامرة استهداف إيران بشكل مباشر أمر ممكن.
في كل الأحوال بعثة إيران في الأمم المتحدة قالت إن هجومها انتهى، وإذا ارتكبت إسرائيل خطأ آخر فإن ردها سيكون أكثر حدة، وأن عملها العسكري تم تنفيذه استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بـ"حق الدفاع المشروع" ردا على عدوان النظام الصهيوني على مبانيها الدبلوماسية في دمشق.
رغم الرد الإيراني غير المؤثر، وهناك من تعامل معه باعتباره "مسرحية" فإن أسئلة ما بعد الهجوم الإيراني مهمة، وما يشغل العالم هل نحن على أبواب حرب إقليمية، أم أن ما حدث يفتح الباب لتسوية كبرى ستكون إيران جزء منها، وستكون مقدمة لحل سياسي عنوانه الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
شبكة NBC الأميركية تنقل عن الإدارة الأميركية مخاوفها من تهور نتنياهو، وإن أميركا محبطة من طريقة عمل إسرائيل في دمشق، والرئيس بايدن قلق من إصرار نتنياهو على جر واشنطن لصراع عميق في الشرق الأوسط، وأن تل أبيب تفتقد لاستراتيجية عمل.
توقفت الطائرات والصواريخ الإيرانية، ولكن غزة ما تزال تحت النار والحصار، والعالم يجبس أنفاسه في الساعات القادمة بانتظار ما سيحدث.