لكلّ فاسد خيمة ... والمواطن له الله !!!


بقينا نسمع ولسنوات طوال عن محاربة الفساد والمفسدين والفاسدين , وما أن بدأت هذه الحكومة بالشروع في محاربة الفساد والمفسدين حتى انقلبت الآية , فأصبح الفاسدون والذين كانوا يستفيدون – طبعا - من بعض أعطيات المفسدين ينقلبون على أنفسهم ويطالبون بفتح ملفات أخرى لا تمت للفساد بصلة لا من قريب أو بعيد. والغريب في الأمر أن المتهمين بقضايا فساد مالي وإداري أصبحوا أبطالا قوميين عند عشائرهم , فبعد أن أخلي سبيلهم بضمان إقامتهم وبكفالات عالية لا تساوي جزءا يسيرا من المبالغ المتهمين بسرقتها من جيوب وقوت المواطنين , دخل هؤلاء المتهمون إلى مدنهم وقراهم كالأبطال وبمواكب وكأنهم قد حرّروا القدس والأندلس معا . والأكثر غرابة أن هناك ظاهرة - أصبحت معروفة الآن – وهي أن يقيم كل متهم بقضية فساد خيمة لمؤازرته وأستغرب أنه يؤمّ هذه الخيم الكثير حتى من شخصيات العيار الثقيل. أعلم بأن هناك قاعدة قانونية تنص على ( أنّ المتّهم بريء حتى تثبت إدانته ) ولن أكون قاضيا في هذا المقال فقضاؤنا مشهود له بالنزاهة والعدالة , ولكنني أريد أن أوجه كلماتي هذه إلى هؤلاء المتهمين : أما زلتم تعتقدون أنّ المواطن لا يعلم بحقيقتكم وحقيقة ما اقترفتموه من قضايا فساد إن لم تحاسبوا عليها في الدنيا فستحاسبون عليها في آخرتكم ؟ أما زلتم تريدون إقناع المواطن البسيط – بإقامة خيم الخزي – وتقديم كل ما تشتهي الأنفس لهم كي يكونوا في صفكم عندما يقول القضاء كلمته بحقكم وإدانتكم لخلق البلبلة؟ أما زلتم تمارسون الفساد بإثارة النعرات العشائرية بمحاولتكم إقناع المواطن لماذا بدأوا بي أنا وليس فلان لتجروا – مؤيديكم – ليقولوا لأنّ عشيرته أكبر ولديها ثقل سياسي واقتصادي مؤثر ؟ كفاكم أيها المتهمون بجر المواطنين البسطاء إلى مفاسدكم وإلى ألاعيبكم المكشوفة .
والكلمة الثانية أوجهها إلى الشخصيات ذات الوزن الثقيل التي تؤم – خيم الخزي – إنكم تحجون إلى تلك الخيم لا للمؤازرة ولكن خوفا على أنفسكم , لأنكم تحسون بأنّ الدور قد اقترب منكم لتساقوا كأصحابكم إلى العدالة , إنكم تذهبون إلى أصدقاء المهنة كي تطمئنوهم بأنّكم سوف تقفون معهم , وستبذلون كل جهودكم لشراء أصحاب الأقلام المأجورة كي يقفوا مع أصدقائكم – ورأينا بعض أصحاب هذه الأقلام قد بدأوا بتنفيذ المهمة -,وستضعوا وتجيّروا كلّ خبرتكم السياسية من أجل تحويل الأنظار عن أصدقائكم .
أمّا الكلمة الثالثة فإنني أوجهها إلى المواطن – فهناك نوعان من المواطنين البسطاء الذين يؤمّ تلك الخيم : مواطن لا يعلم شيئا ويذهب لمجرّد أنه يؤازر إبن عشيرته ومنطقته ومواطن مدفوع له كي يؤم هذه الخيم ويقنع من يستطيع للمجيء معه . بالله عليكم أيها المواطنون هل كان هؤلاء المتهمون عندما كانوا في موقع المسؤولية يسألون عنكم وعن مطالبكم؟ هل كانوا يزورون مدنهم وقراهم إلاّ في الأعياد ؟ هل كانوا يصافحونكم كما يصافحونكم الآن؟
أرجو ألاّ تنجروا وراء هؤلاء وأن تؤدوا واجبكم نحوهم عندما يبرئهم القضاء – هذا إن برّأهم - .
وأخيرا أتساءل كم سيبنى مثل نوعيات هذه الخيم – الفايف ستارز – في بلدنا ؟ وهل ستتسع شوارعنا الضيّقة لخيمهم الفسيحة ؟
أرجو الله أن يمد في عمري كي أرى أصحاب هذه الخيم – إن ثبتت قضايا الفساد عليهم – في زنازين لا تتسع حتى لذكريات فسادهم وحياة المجون التي كانوا يعيشونها وبأموالنا .

وإلى الملتقى إن شاء الله ووطننا خال من كل خيمة وفاسد .

عبد الغفور القرعان