اقتراح لتطوير جائزة الضمان للتميّز في السلامة والصحة المهنية
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي
فكرة الجائزة مهمة ورائدة، وكان الهدف الأساس أن تُسهم في تشجيع المنشآت على اتخاذ كافة التدابير العلمية اللازمة للوقاية من حوادث وإصابات العمل والالتزام بشروط وتدابير السلامة والصحة المهنية وأدواتها في مواقع العمل ضمن المعايير العالمية، وتطوير وابتكار أدوات وسُبُل متميزة للوقاية والحماية، إضافة إلى تشجيع الدراسات والبحوث والتدريب المتميز والتوعية النوعية في مجالات السلامة والصحة المهنية.
وبالرغم من الأمل الذي كان معقوداً على الحائزة ولا يزال في أن تسهم فعلاً وبصورة ملموسة في الحد من حوادث وإصابات العمل إلا أن النتائج لم تكن بالمستوى المنشود، ولم تخضع الجائزة لتطوير حقيقي كل هذه الفترة، ولقد كنت دعوت إلى تطوير الجائزة بمحاورها وشروطها وقطاعاتها المستهدفة وتصنيفاتها ومستوياتها وقيمتها وأن يتم الارتقاء بها إلى مستوى أعلى بحيث تخرج من نطاق مُسمّاها الحالي كجائزة محصورة بمؤسسة الضمان، لتصبح مثلاً باسم الدولة (جائزة الدولة للتميز في مجالات السلامة والصحة المهنية)، وأن يكون هناك اهتمام أكبر بها على مستوى الحكومة ومؤسساتها بالشراكة الكاملة مع المنظمات الممثلة للعمال ولأصحاب العمل، وأن يعاد النظر بشروطها ومعاييرها وأن تُشكّل لها لجان تقييم وتحكيم من خبراء من المؤسسات المعنية وذات العلاقة مع بقاء مؤسسة الضمان كحاضنة للجائزة.
للأسف لم تخضع الجائزة التي مرّ على إطلاقها عقدان لأي تقييم أو مراجعة حقيقية أو دراسة أو تحليل لنتائجها ومخرجاتها، وثمة الكثير من الأسئلة التي تدور حول هذا الموضوع. ولعل الدراسة التحليلية الأخيرة لإصابات العمل لعام 2022 الصادرة عن مؤسسة الضمان والتي كانت صادمة بمعدلات الإصابات ولا سيما في قطاعات غير متوقّعة ما يؤشر إلى حصول تراجع في تدابير السلامة والصحة المهنية في كثير من بيئات العمل ومواقعه، فما زالت معدلات وقوع الإصابات مرتفعة وكذلك خطورتها، حيث يسقط عامل صريعاً كل 1.8 يوم بسبب حادثة عمل، ويتعرض (13) عامل من كل ألف عامل لإصابة عمل كمعدل عام لوقوع الإصابات لكل القطاعات، فيما يرتفع معدل وقوع الإصابات في منشآت القطاع الخاص إلى (19.3) إصابة عمل لكل ألف عامل، وهذا يطرح تساؤلاً كبيراً رئيساً عن سبب إحجام الكثير من المنشآت عن الترشّح للجائزة.!
أدعو الزملاء في مؤسسة الضمان إلى إطلاق جلسة/جلسات عصف ذهني جادّة ومركّزة حول موضوعات السلامة والصحة المهنية وعن جائزة التميز فيها، فلعل ذلك يقود للوصول إلى أفكار جديدة تسهم في تطوير الجائزة أولاً وإعطائها قيمتها التي تستحق، ثم في إعطاء الأهمية القصوى لقضايا السلامة والصحة المهنية ولا سيما في موضوع الرقابة الصارمة على إنفاذ التشريعات التي أرى أنها ممتازة لكنها تفتقر إلى التطبيق بحزم وصرامة.
وحتى ذاك أكرّر مقترحي بضرورة الارتقاء بالجائزة وتغيير اسمها لتصبح (جائزة الدولة للتميز في مجالات السلامة والصحة المهنية) وأن يرعى حفلها السنوي صاحب المقام الملك حفظه وأمدّ في عمره.
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).