الأرض في يوم الأرض

يحيي شعبنا الفلسطيني ذكرى يوم الأرض هذا العام وسط حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ ستة أشهر على قطاع غزة. هذا اليوم الخالد في التاريخ الفلسطيني، حيث شكل علامة من علامات التحدي والوجود والصمود والتشبث بالأرض والتضحية من أجلها. ففي حينه شكل يوم الأرض علامة هامة ودلالة واضحة أثبتتها الأيام والسنوات، يوم صفع شعبنا في الناصرة وسخنين وكفر كنا وعرّابة وغيرها من المدن والقرى، الاحتلال على وجهه، ووقف في مواجهة قرارات مصادرة الأرض لصالح بناء المستوطنات، عبر مشاهد حيّة لم تمحها السنوات، واستبسل بالدفاع عن الأرض، فارتقى الشهداء الذين واجهوا المحتل دفاعًا عن حقهم وأرضهم. وكان يوم الأرض يومًا من أيام فلسطين الحيّة الصامدة والصابرة، وقد شكل أيضًا دلالة هامة على ارتباط الشعب مع بعضه وتوحده في ساحات المواجهة، فكان صورة لانبعاث الفلسطيني الذي ظن الاحتلال أنه لم يعد له صوتًا ولا حقًا ولا قوة. 
تطل ذكرى يوم الأرض هذا العام، على نحو مختلف فهذا الاحتلال يقتل ويمارس الجرائم والمجازر بحق أهلنا في غزة منذ ستة أشهر، في عدوان ربما هو الأفظع والأبشع والأكثر دموية منذ بدأ الاحتلال، ويزيد من قتله ودمويته بفعل الإرادة والصمود الذي يواجه بها من قبل شعبنا الذي يقف رافضًا مخططات الترحيل والتهجير، ولقاء البقاء فوق الأرض يدفع الفلسطيني دمه، بعشرات الآلف من الشهداء وبحرب تشن عليه بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة. 
تعود ذكرى يوم الأرض الخالد والذي نستذكر فيه الهبة الجماهيرية الأكبر التي حدثت في العام 1976 حين خرجت الجماهير العربية الفلسطينية لمواجهة قرارات عنصرية مشابهة لقرارات اليوم، بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأرض من أجل بناء مستوطنات للمهاجرين المستوطنين، وفي ذلك اليوم نستذكر توفيق زياد الذي كان يقود تلك المظاهرات ويتقدم الصفوف ويشحذ الهمم، فكانت الناصرة وعرّابة وكفر كنا وسخنين والطيرة وأم الفحم وغيرها من المدن والقرى العربية شعلة من نور وغضب، ووقفت موحدة متحدة لصد المخططات العنصرية التي هدفت في حينها إلى السيطرة على المزيد من الأرض لصالح المشروع الاستيطاني التوسعي الذي لم يتوقف حتى يومنا، بل يتواصل ويتصاعد بوتيرة أكثر خطورة، وتحت حجج وقوانين عنصرية لا أساس لها غير الأساس العنصري.
تعود ذكرى يوم الأرض وفلسطين التاريخية محط أطماع الاحتلال والاستعمار، فعمليات المصادرة والقضم والتهويد تتواصل في الجليل والخليل والنقب والقدس وتتواصل حرب الإبادة في غزة، كما يواصل شعبنا مسيرة الكفاح والمواجهة ليحافظ على حقوقه في وجه كل أدوات الغطرسة والسرقة والعنصرية، وكل أدوات الإرهاب المنظم الذي تتخذه حكومات الاحتلال.
يحيي شعبنا الفلسطيني ذكرى يوم الأرض، في ظل هذه الحرب المستعرة ليجدد أصحاب الأرض تمسكهم بأرضهم ووطنهم، وطن آبائهم وأجدادهم، بينما يواصل الاحتلال والمستوطنون الغزاة محاولاتهم للاستيلاء على حقوق أهل البلاد بقوة السلاح، وعنجهية القرارات والمحاكم الظالمة، وغطرسة الجنود المدججين بالسلاح ودموية وإرهاب المستوطنين.
تعود ذكرى يوم الأرض والفلسطينيون أهل الأرض وأصحاب البلاد الأصليين يرددون بصوتهم الواحد، كأننا عشرون مستحيل
في اللد، والرملة، والجليل
هنا على صدوركم، باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج، كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار