بوتين عن هجوم موسكو: "أسئلة كثيرة" لا تزال من دون أجوبة!
بعد أيام من المجزرة التي شهدتها موسكو، الجمعة، تحتجز السلطات الروسية 11 شخصاً على صلة بالهجوم الذي نفّذه مسلحون اقتحموا قاعة "كروكوس سيتي هول" حيث أطلقوا النار على الحاضرين ثم أضرموا النار في المبنى، في اعتداء أوقع 139 قتيلاً على الأقل. ويتوقع مسؤولون أن ترتفع حصيلة القتلى، إذ يواصل عناصر الإنقاذ الثلاثاء عمليات البحث في الموقع عن جثث ضحايا بينما ما زال 97 شخصاً في المستشفى.
وأقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، للمرة الأولى بأن من أسماهم "متطرّفين إسلاميين"، بحسب تعبيره، يقفون وراء الهجوم الذي استهدف قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو، الجمعة، لكنّه شدّد على ارتباطهم بأوكرانيا وهو ما تنفيه كييف.
وقال الرئيس الروسي خلال اجتماع نقل التلفزيون وقائعه "نعلم أن الجريمة ارتكبها متطرفون إسلاميون يحارب العالم الإسلامي بنفسه إيديولوجيتهم منذ قرون".
لكنه أشار إلى "أسئلة كثيرة" لا تزال من دون أجوبة، بما في ذلك السبب الذي دفع المهاجمين لمحاولة الفرار إلى أوكرانيا، في حين تنفي كييف أيّ ضلوع لها في الهجوم.
وقال بوتين "من الأهمية بمكان الإجابة عن السؤال المطروح حول السبب الذي دفع الإرهابيين، بعد ارتكابهم جريمتهم، لمحاولة التوجّه إلى أوكرانيا. من كان ينتظرهم هناك؟".
وأضاف الرئيس الروسي "هذه الفظاعة قد تكون مجرّد حلقة في سلسلة محاولات لأولئك الذين هم في حالة حرب مع بلدنا منذ العام 2014"، في إشارة إلى أوكرانيا وحلفائها.
ونفت أوكرانيا أيّ ضلوع لها في الهجوم، ووصفت الاتهامات الروسية لها بأنها سخيفة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مداخلته المسائية، الاثنين، إن "بوتين يخاطب نفسه مجدداً، وقد بثّ ذلك مجدداً على التلفزيون. وهو يحمّل مجدداً أوكرانيا المسؤولية".
ومنذ الجمعة، أعلن تنظيم داعش مراراً مسؤوليتهم عن الهجوم، كما بثّت قنوات إعلامية تابعة للتنظيم مقاطع فيديو مصوّرة للمسلّحين داخل الموقع.
ولدى سؤاله عن إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، قال المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الاثنين، إن التحقيق لا يزال جارياً.
المشتبه بهم أمام القضاء
وعبّر الكرملين، الاثنين، عن ثقته بأجهزة البلاد الأمنية فيما تدور تساؤلات حيال كيفية فشلها في منع وقوع المجزرة على الرغم من التحذيرات العلنية والخفية الصادرة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية في هذا الصدد.
واقتيد المشتبه بهم الأربعة الذين بدت وجوههم متورمة وتحمل كدمات وجروح إلى محكمة منطقة باسماني في العاصمة بحضور عشرات الصحافيين حيث جرت الجلسات في وقت متأخر من الليل وتواصلت حتى الساعات الأولى من الصباح.
وأدخل عناصر جهاز الأمن الفيدرالي مشتبها فيه على كرسي متحرّك بينما كان بالكاد قادرا على فتح عينيه.
ورفض بيسكوف التعليق على التقارير والتسجيلات المصوّرة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأظهرت عمليات تحقيق بأساليب عنيفة مع حق المشتبه بهم بعدما أوقفوا السبت.
يحملون جميعاً جنسية طاجيكستان
عرّفت المحكمة عن الأربعة على أنهم محمد صابر فايزوف وشمس الدين فريدوني وراشاباليزود سعيد أكرامي وداليرجون ميرزويف. وأفاد الإعلام الرسمي الروسي بأنهم يحملون جميعا جنسية طاجيكستان.
وذكرت المحكمة أن اثنين منهم اعترفا بذنبهما.
والاثنين، تم تمديد التوقيف الاحتياطي لثلاثة مشتبه بهم آخرين، قالت وسائل إعلام روسية إنهم أفراد عائلة واحدة وهم أمينشون إسلاموف وديلوفار إسلاموف وإسرويل إسلاموف.
وواحد من المحتجزين يحمل الجنسية الروسية، وفق وكالة إنترفاكس للأنباء.
وقد اتهم جميع المحتجزين بالإرهاب ويواجهون عقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة.
وأفاد الكرملين، الاثنين، بأنه لا يخوض أي نقاشات حاليا بشأن احتمال إعادة تطبيق حكم الإعدام.
وقُتل 139 شخصا على الأقل، في الاعتداء، وفق رئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين.
وبعدما أطلقوا النار على الحاضرين في المسرح، أضرم المسلحون النيران بالمبنى، ليعلق كثر بداخله.
ولقي الضحايا حتفهم إما لإصابتهم بإطلاق نار أو بسبب استنشاقهم الدخان، بحسب لجنة التحقيقات الروسية.
وكان أكثر من 5000 شخص داخل قاعة الحفلات عندما اقتحم المسلحون حفلة لموسيقى الروك بيعت جميع تذاكرها، وفق ما نقل الإعلام الرسمي الروسي عن ناطق باسم مالك الصالة قوله الاثنين.
وأفاد حاكم منطقة موسكو أندريه فوروبيوف بأن عناصر الإنقاذ سيواصلون البحث بين الأنقاض وإزالة الركام في الموقع حتى مساء الثلاثاء.
وقال في منشور على "تليغرام": "تتمثّل المهمة بإزالة الركام للتأكد من عدم وجود جثث تحته". والاثنين أعطى بوتين مجدّدا توجيهات لقوات الأمن بـ"تحديد كل الضالعين في العمل الإرهابي"، بما في ذلك "من أعطوا الأوامر".
وقال بوتين إنه "على الرغم من ألمنا وحزننا الكبيرين وتعاطفنا ورغبتنا المشروعة في معاقبة جميع مرتكبي هذه الفظاعة، يجب إجراء التحقيق بأعلى درجة من المهنية والموضوعية لدون أي تحيّز سياسي".
أعلن جهاز الأمن الفيدرالي أن المسلحين كانت لديهم "جهات اتصال" في أوكرانيا، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأفادت الولايات المتحدة التي حذّرت في السابع من مارس من هجوم "وشيك" قد تشهده موسكو من قبل "متطرفين" بأن تنظيم داعش "وحده يتحمل المسؤولية".
وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا، الاثنين، من "استغلال" الهجوم لإلقاء اللوم على كييف.
وأعلنت روسيا يوم حداد وطني الأحد، إذ قدم العشرات لوضع الزهور على نصب مخصص للضحايا، بينما رُفعت لافتات تكريما لذكراهم على جوانب المباني والمواقف في أنحاء البلاد.
وذكر مذيعو القنوات التلفزيونية الرسمية في نشرة الأخبار أن المدارس الروسية تنظّم حصصا دراسية مخصصة "للإرهاب" الاثنين بينما وضع الأطفال شرائط بيضاء تكريما للضحايا.
والاثنين، جدّد رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن تنديده بالهجوم، بعدما أوردت وسائل إعلام روسية أن المسلّحين هم من طاجيكستان.
ونقلت وكالات أنباء روسية عنه قوله إن الهجوم "يستدعي منّا جميعا خصوصا الأهالي أن نولي مجدداً انتباها أكبر لتربية الأبناء".