الكرامة الخالدة والقدس الصامدة
كان رجالات الجيش العربي الأردني البواسل في الحادي والعشرين من اذار عام 1968م على موعد مع فجر كرامة عربية خالدة لن يطالها الاحتلال والعدوان مهما طغى وظلم، في مواجهة قوات الاحتلال الاسرائيلي التي حاولت بكل عتادها وأسلحتها المساس بالأرض الأردنية، بذريعة واهية وهي أمن اسرائيل المزعوم، مستندين في مخططهم الصهيوني التوسعي الاستعماري على اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يُهزم، خاصة بعد تراجع الجيوش العربية أمامه في حرب عام 1948م وحزيران عام 1967م، اضافة الى الدعم الغربي غير المتناهي على جميع الأصعدة.
إن خطة الهجوم العدوانية الاسرائيلية يوم الكرامة والقائمة على تعدد محاور القتال وهي (جسر الأمير محمد، وجسر الملك حسين، وجسر الأمير عبد الله، والغور الصافي)، تكشف خبث نواياه العدوانية التوسعية، بإلاعتداء على أراضي الاردن واحتلال مرتفعاته المحاذية لفلسطين والاستيلاء على منطقة الغور وحرمان الأردن من أهم موارده الاقتصادية، ومن الناحية الاستراتيجية كان يوم الكرامة محاولة اسرائيلية فاشلة للانتقال نحو خطة مواجهة جديدة ضد النضال الفلسطيني والعربي، باستنادها على الهجوم خارج حدود فلسطين المحتلة، وبالتالي السعي لهدم معنويات الجيوش العربية والقضاء على قدرتها القتالية، الأمر الذي سيعزز النفوذ الاسرائيلي الدولي، مقابل اضعاف الموقف العربي في دفاعه عن القضية الفلسطينية.
لقد شكل انتصار الكرامة الأردني اهمية استراتيجية بالغة تتمثل بالهزيمة العسكرية الاسرائيلية، وذلك بطلبها ولأول مرة في تاريخ حروبها العدوانية ضد العرب وقف إطلاق النار، وعلى الساحة العربية فقد نتج عن هذه المعركة البطولية رفع معنويات الشعوب والجيوش العربية وثقتها بالقدرة على الانتصار ومواصلة النضال المشروع، كما أكدت الكرامة على مكانة القضية الفلسطينية الدولي، باعتبارها جوهر الصراع والمواجهة الازلية حتى تحقيق الشعب الفلسطيني حقوقه بما فيها تقرير مصيره واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تستذكر بمناسبة ذكرى معركة الكرامة بطولات الجيش العربي الأردني بقيادته الهاشمية، فهم الأوفياء الذين صدقوا عهدهم ووعدهم لمن سبقهم من شهداء وجرحى ثرى فلسطين والقدس، بارين بقسمهم بأن تكون عيونهم على القدس وعمّان وكل شبر من ترابهما المقدس، هي مناسبة طاهرة نترحم فيها على شهداء معركة الكرامة وحروب النضال والدفاع عن فلسطين والقدس، وعلى كل من لحقهم وسار على دربهم الشريف من شهداء جيشنا وقواتنا الامنية في واجب حماية وطننا وأمتنا، بطولات وتضحيات نادرة تدرسها الأجيال وترويها ملحمة بطولية لمن يأتي خلفهم، ليرثوا حب الوطن والأمة ومقدساتها وأرضها.
وتؤكد اللجنة ان إنتصار الكرامة امتداد للنضال من أجل فلسطين والقدس، ونهج نستلهم منه دروس التمسك بالأرض والمقدسات وحمايتها، ونمضي على نهجها خلف قيادتنا الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، فقوة الاردن والدفاع عن ارضه هي قوة لفلسطين والأمة، فالاردن وعبر تاريخه العريق كان وما زال درعاً يصد عن أمتنا المخاطر والتحديات، فتحية اجلال لقيادتنا الهاشمية ولجيشنا العربي الأردني الباسل واجهزتنا الامنية الساهرة على أرض وسماء الوطن، هذا الجيش العربي الاردني الذي يُخلص لوطنه وأمته نراه اليوم ثابتاً على مسيرته وعقيدته يهب على الدوام لمساندة فلسطين وأهلها.
وفي ذكرى معركة الكرامة نسأل الله العزيز القدير الرحمة والمغفرة لشهداء معركة الكرامة ولشهداء الأمة كلها على ثرى فلسطين والقدس، مُستذكرين بكل شموخ واجلال الملك القائد الراحل المغفور له الحسين بن طلال قائد معركة الكرامة بكل جراءة وشجاعة وشموخ، مؤكدين العهد والوفاء بالبيعة على درب الولاء للعرش والوطن لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله صاحب الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
*أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس