الحرية الحقيقية وتهمة إطالة اللسان



إن أمتنا العربية تمر اليوم بظروف قاتمه وصعبة للغاية ومبهمة في الكثير من جوانبها وأطرافها، ولأن الأوضاع في سوريا الحبيبة الجارة القريبة والرئة الحيوية لنا -فرج الله جل جلاله عنها وحفظ أهلها وأرضها وأزال عنها من كان سببا فيما هي فيه إنه ولي ذلك والقادر عليه- تزداد سوء، ولأن الأوضاع في معظم الدول العربية غير مستقرة، لهذا على حكومتنا وأجهزتنا الأمنية أن تبقى حذره من أي تصعيد داخلي قد يدمر سنة كاملة من الحراك السلمي والحماية الأمنية الجميلة له إذا ما استثنينا بعض الحالات القليلة هنا وهناك، فالمراقب للأوضاع الداخلية يشعر بالكثير من الترقب والحيرة والخوف من قادم الأيام، وقد أثرت بعض الأحداث جليا على الساحة الأردنية في الأيام الأخيرة مثل تخبط الحكومة في بعض قراراتها كرفع أسعار الكهرباء ومن ثم العدول عنه، ومن رفض بعض مطالب الموظفين هنا وهناك ومن ثم الموافقة المفاجئة على تنفيذ طلباتهم سواء أكانت نقابة أو تحسين أوضاع أو زيادة، وكان لقضية الفوسفات الأثر الأقسى على قلب شعب يأمل أن يسترد جزء ولو ضئيل مما سرق منه، والأمر الأكثر إزعاجا هو الإعتقالات التي تمت مؤخرا لبعض نشطاء الحراك وخصوصا في الطفيلة، ولا أقصد طبعا من إعتدى على رجل الأمن أو أي شيء من ممتلكات الدولة، فالجميع متفق على أن الأمن يجب أن يقوم بدوره الكامل بحفظ أمن البلاد والعباد، ولكن من الضروري أن يطمئن الشارع أن فكرة الجيش والأمن والمخابرات موجودون فقط لحماية النظام قد إنتهت في هذه المرحلة المفصلية التي نعيش، فالأجهزة الأمنية واجبها حفظ الأمن الداخلي والخارجي للبلاد والأفراد وليس مهمتها إطلاق الإتهامات على أشخاص أو شباب بإطالة لسان أو تقصيره فمن يدعي أنه ديمقراطي حقيقي ويحترم الرأي الآخر يجب ألا يحاسب أي شخص لديه فكرة أو مظلمة أو حلم سياسي ما دام لا يتعارض أو يتصادم مع الشريعة الإسلامية الحقيقية أو يسيء لأحد الأديان السماوية أو الأنبياء أو يجرح أحد الأشخاص دون وجه حق، وبعد ذلك ما دام أي شخص لم يسىء للآخرين فلهو حرية الطرح والمطالبة بالأساليب المقبولة من الجميع، أما أن يتم إعتقال البعض لأنهم طالبوا بالقليل من الحقوق فهو أمر غير مقبول أبدا، والظرف أصلا يحتم على الجميع في الدولة الأردنية أن يتعامل مع الأمور بحكمة ودراية وتنبه ويقظة تامة، فتهمة إطالة اللسان على الملك ما لم تكن بصفة شخصية أي إساءة لشخص الملك أو أي فرد كان يجب أن تلغى من القاموس؛ لأنه من حق أي مواطن حر أن يبدي رأيه بعمل أي سياسي أو مسؤول بحرية تامة ما دام الحديث مركزا على انتقاد أسلوب العمل أو الإدارة أي بالمختصر من ينتقد الأفعال يختلف عمن ينتقد الأشخاص ويجرح بهم، فمن حق أي شخص أن ينتقد أي مسؤول مهما علا شأنه ما دام النقد موضوعي وبناء، ولأننا الشعب يعاني من غياب ممثلين عنه يدافعون عن الحق بدلا من دفاع أكثرهم عن الفاسدين وعرقلة محاسبة أكثرهم، أضطر الكثير من أبناء الأردن أن يقوموا هم بهذا الدور، من مطالبة بالقوانين والإصلاحات ومحاربة الفاسدين وإعادة ما نهب من مال عام، فليتحمل الجميع مسؤوليته فالمرحلة حرجة والظروف من حولنا لا أحد يستطيع أن يقدر أو أن يتنبأ إلى أين ستأخذ بنا؟!... فالله أسأل أن يفرج عنا الهم والغم وأن يحفظ أردننا من كيد الكائدين والمتربصين والمتنفعين والمتخبطين والفاسدين والمتسترين عليهم وأن يحفظ أهل سوريا ويفرج همهم ويحقن دماءهم ويعجل فرجهم وسائر بلاد المسلمين إنه نعم المولى ونعم النصير.


Abomer_os@yahoo.com