هل توقفت دورة هبوط مؤشرات سوق عمان المالي؟

زياد دباس

مؤشر سوق عمان المالي خسر منذ نهاية حزيران عام 2008 وحتى إغلاق يوم أمس الأول ما نسبته 58% من قيمته من خلال دورة هبوط مستمرة اخترق خلالها مستويات دعم قوية وتخللها ارتدادات محدودة وساهم بعمق هذه الدورة وقوتها العديد من العوامل الاقتصادية والمالية والاستثمارية والسياسية المحلية والإقليمية والعالمية وهي عوامل معروفة للجميع وأدت إلى انخفاض كبير في مستوى الثقة في الاستثمار في السوق وبالتالي ارتفاع المخاطر وانخفاض كبير في قيمة التداولات وتفضيل أصحاب السيولة الاحتفاظ بأموالهم لدى البنوك بعائد سنوي محدود تخوفاً من المخاطر المختلفة وهو ما حدث في العديد من أسواق المنطقة. في الوقت الذي استطاعت خلاله معظم الأسواق المالية العالمية تغطية جميع خسائرها وتحقيق مكاسب إضافية إلا أن العديد من العوامل ساهمت بتحسن أداء أسواق المنطقة خلال هذا العام وتزامنت مع فترة إفصاح الشركات المساهمة العامة عن نتائجها عن عام 2011 والتي بدأت منذ منتصف شهر شباط الماضي وحيث حققت بعض الشركات نمو قوي في صافي أرباحها تجاوزت قيمة أرباحها قبل بداية الأزمة المالية عام 2008 إضافة إلى إعلان العديد من الشركات عن توزيعات سخية وحيث أدى الانخفاض الكبير في الأسعار إلى ارتفاع ريع أسهم هذه الشركات بحيث بلغ ريع عدد هام من الشركات أضعاف سعر الفائدة على الودائع إضافة إلى التأثيرات الإيجابية لارتفاع سعر النفط على أداء أسواق الخليج وتحسن أداء مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية ومعظم الأسواق العالمية وحيث ارتفع مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال هذا العام بنسبة 17.5% وهو أكبر أسواق المنطقة وتحركات مؤشراته لها تأثير نفسي على حركة العديد من أسواق المنطقة وارتفعت قيمة تداولات السوق إلى مستويات قياسية خلال هذه الفترة بينما ارتفع مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 23% وسوق أبوظبي بنسبة 9% وسوق الكويت بنسبة 6% وسوق مصر بنسبة 44% وما لفت انتباهي الحركة الإيجابية لسوق عمان المالي خلال هذه الفترة والارتباط النفسي بين المضاربين في سوق عمان المالي والمضاربين في أسواق المنطقة قد يكون أحد العوامل التي حفزت حجم الطلب في السوق وبالتالي لاحظنا تحقيق السوق مكاسب جيدة وتغطية جميع خسائره خلال هذا العام حسب إغلاق المؤشر يوم الاثنين أمس الأول واستمرار الأداء الإيجابي للسوق يعطي مؤشرات أولية لتوقف دورة الهبوط وعلامات على ظهور قاع السوق وحيث يجمع المحللين على أن من أهم علامات ظهور قاع السوق الانخفاض الكبير في قيمة التداولات وظهور العديد من التوصيات بالخروج من السوق وزيادة حدة التشاؤم وظهور العديد من التقارير السلبية وتفاعل المستثمرين والمضاربين مع الأخبار السلبية وعدم تفاعلهم مع الأخبار الإيجابية إضافة إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات تاريخية بحيث تصبح لا تعكس قيمة الأصول إضافة إلى انخفاض كبير في مضاعف الأسعار ومؤشر القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية وهذا ما ينطبق على سوق عمان المالي خلال العام الماضي وبداية هذا العام وللعلم فإنه من الصعوبة معرفة قمة أو قاع أي سوق إلا بعد حدوثه بفترة زمنية وعندما يشعر المستثمرون بوصول السوق إلى مستوى القاع يبدأ التفكير بالعودة إلى الاستثمار نتيجة انخفاض مستوى المخاطر وتوفر فرص استثمارية مغرية إضافة إلى تراجع قيمة عمليات البيع ونشاط المستثمرين على الأجل الطويل عادة ما يبدأ بعد التأكد من ظهور علامات واضحة على بداية تحسن مؤشرات السوق نظراً لتركيزهم على أساسيات الاقتصاد وأساسيات الشركات وكفاءة الإدارة ومؤشر نمو الشركات وجودة أرباحها وظروف الاقتصاد الأردني سواء المتعلقة بالنمو أو عجز الموازنة أو عجز الميزان التجاري وتراجع الاحتياطيات الأجنبية أو ارتفاع حجم المديونية واستمرارية سياسة التحفظ لدى البنوك وانخفاض التصنيف الائتماني إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي تساهم في ارتفاع درجة عدم اليقين عند اتخاذ قرارات الاستثمار سواء بالنسبة للاستثمار المؤسسي والاستثمار طويل الأجل والاستثمار الأجنبي إلا أن استمرارية نشاط المضاربين في السوق خلال الفترة الزمنية القادمة وسيطرة وارتفاع قيمة سيولتهم وارتفاع معنوياتهم قد تؤدي إلى خروج السوق من حالة الإفراط في التشاؤم في ظل توفر فرص استثمارية هامة مغرية للمستثمرين أصحاب القلوب الشجاعة في العديد من أسهم الشركات المدرجة بعيداً عن أسهم المضاربات بحيث يصبح الاستثمار انتقائي، وللحديث بقية.
مستشار في بنك أبوظبي الوطني للأسواق المالية