رصيف بحري للمساعدات أم للتهجير

اعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه سيقيم ما أسماه رصيفًا بحريًا على شاطئ غزة، مدعيًا أنه سوف يستخدم لأغراض إيصال المساعدات والمعونات الطبية والغذائية، الأمر الذي يعتبر تحولًا مهمًا في السياسة الأمريكية الخاصة بإيصال المعونات والمساعدات، بعد أن سكتت طويلًا على الحصار حتى مات البعض جوعًا، فجاءت هذه الخطوة التي أعلن عنها في ادعاء تمكين وصول المساعدات بعد إجراءات فحص خاصة يشرف عليها الاحتلال قبل وصولها إلى شاطئ غزة، ولكن الأمر يحمل في طياته الكثير من المخاوف، خاصة إذا ما تحول الرصيف المائي على شاطئ غزة لممر يدفع الناس نحو الهجرة.


هذه المخاوف شرعية فلا ثقة بالولايات الأمريكية ولا ثقة بإدارة الرئيس بايدن، ولا بسياسات البيت الأبيض بعد أن كشفت نواياهم منذ اليوم الأول للعدوان، كما جاء في الإعلان أنه لن تتواجد على الرصيف المائي أي قوات أمريكية، فمن إذن سيشرف عليه؟


اللافت في الأمر أن الولايات الأمريكية لم تستخدم نفوذها بفتح معبر رفح البري، حيث تتكدس شاحنات المساعدات دون السماح لها بالمرور إلى القطاع منذ أشهر، وبدلًا من أن تدفع بفتح المعبر الذي يرتبط مباشرة بقطاع غزة، من خلال الضغط على الأطراف وهي قادرة على ذلك، تقوم بطرح خطة الرصيف البحري الذي ستقوم على بنائه وحدات من الجيش الأمريكي، بينما ستخضع كافة السفن المحملة بالمساعدات للتفتيش من قبل الاحتلال بطريقة لم يتحدث عنها بايدن.


الرصيف البحري يحتاج الوقت لتحضيره وتجهيزه ليكون قادرًا على استقبال السفن التي سترسو فيه، وهذا يزيد من خطر المجاعة والموت، وبالنظر إلى قطاع غزة فإن هناك أكثر من ممر بري يمكن من خلاله إدخال المساعدات، إذا استخدمت الولايات الأمريكية نفوذها وقدرتها، والكل يعلم أنها تستطيع فعل ذلك، إذن فلماذا الآن وفي هذا الوقت تأتي الخطوة الأمريكية بإنشاء ممر مائي على شاطئ غزة، بعد هذه الحرب المستمرة والمستعرة وقد دمرت القطاع، وأوصلته إلى حال يصعب العيش فيه.


بعض الدول أعلنت عن موافقتها ودعمها لإنشاء الممر المائي، منها قبرص التي سيرتبط بها الممر وستنطلق منها سفن المساعدات، والاحتلال أيضًا أعلن موافقته وهذا ما يدفعنا للشك أكثر، وحتى وإن كانت نوايا الولايات الأمريكية حسنة في الأمر وصادقة، ولا تحمل في طياتها الخبث، ولا تحتوي على مؤامرة ما! فحتى إنشاء الرصيف المائي كيف سيعيش الناس في غزة المحاصرة؟ وهل ينتظر الجوع المدة التي سوف تستغرقها عمليات الإنشاء؟

خطوة غريبة قد تحمل حُسن النوايا، وربما تكون مليئة بالنوايا الخبيثة والسيئة، وإن كانت تحمل إلى الناس في غزة المساعدات الغذائية والدوائية التي هم في أمسّ الحاجة لها، مع اشتداد المجاعة خاصة في شمال القطاع، حيث مات الناس جوعًا.