الأسباب الخفية لتأجيل زيارة الرئيس إلى بغداد

العواصم العربية الثرية تضغط هذه الأيام على الأردن -كل بطريقته- من اجل تمرير مواقف محددة، ويجد الاردن نفسه في وضع دبلوماسي معقد للغاية، سلاح الأطراف الأخرى فيه هو حاجة الأردن الشديدة للمال وما يعنيه من استقرار داخلي.

هذا أعقد وضع نعيشه هذه الأيام فجميع دول النفط العربي "الخليج والعراق" تعرف ان الاردن يمر بوضع صعب والكل يضغط على الاردن من هذه الزاوية والمفارقة ان الاردن اذا وقف مع هذا خسر ذاك حيث يدير وجوده في بحر من المتناقضات العربية!

سفير العراق في الأردن قال إن "حكومة بلاده طلبت من الرئيس الخصاونة تأجيل زيارته المرتقبة إلى بغداد لما بعد مؤتمر القمة العربية التي ستستضيفها بغداد نهاية الشهر وان المالكي يعتذر كثيرا بسبب التزاماته الكثيرة واستعدادا لمؤتمر القمة العربية ".

العراقيون على الأغلب غير منشغلين الى هذه الدرجة بالقمة المقبلة لأن استقبال رئيس الحكومة ووفده سيحتاج بضع ساعات فقط غير ان القصة تتعلق برغبة بغداد بتأجيل المباحثات الأردنية العراقية حتى تكتشف بغداد من سيمثل الاردن في القمة!

المعلومات لدى العراقيين تقول ان تمثيل الاردن في القمة سيكون منخفضاً وهذا أثار توتر العراقيين ما يفسر تأجيل استقبالهم للخصاونة الى ما بعد القمة وهي رسالة بحد ذاتها لعمان تحمل تهديداً مبطناً ومقايضة مسبقة.

بدلا من استقبال العراق لوفد حكومي والتفاهم معه على مكاسب اقتصادية للأردن هو بأمس الحاجة اليها قرر العراقيون المقايضة بين مستوى التمثيل وزيارة الرئيس وما يريده الاردن اقتصادياً.

بهذا المعنى فإن تمثيل الاردن المنخفض سيؤدي على الأغلب لإلغاء الزيارة كلياً بعد القمة العربية او تأجيلها لإشعار مفتوح.

حاجة الأردن للمال تجعله هذه الايام رهناً للضغوط العربية المختلفة وهذا نموذج عراقي ولدينا نموذج آخر مقابله يتعلق بالملف السوري فالدول العربية الثرية تريد من الاردن موقفا اكثر حدة ضد النظام السوري.

في المقابل لا يستطيع الأردن اتخاذ هذا الموقف لاعتبارات يتعلق بعضها بوضعه الاقتصادي وتشابك الاقتصاد والتجارة بين الأردنيين والسوريين والذين يعتبون على الاردن لموقفه الوسطي يعرفون ان الأردن يقف على حافة صعبة اقتصاديا.

كيف سيتخذ الأردن موقفا حادا ضد النظام السوري وهو بحاجة لمليارات لا يدفعها العرب واذا دفعوا فإنهم يدفعون بـ"القطارة" لبلد تريد كل الاطراف التي حوله اختطافه الى زوايا محددة عبر إمساكه من جرحه ويده التي تؤلمه أي حاجته؟!

ثم ما سقف الموقف المطلوب ضد النظام السوري لأن هناك سقوفاً تتعلق بالتدخل اللوجستي او العسكري او غير ذلك تعد ذات كلفة مرتفعة وخطيرة على أمن الأردن وعلى استقرار الداخل وهي سقوف على الاردن أن لا يتورط فيها أيا كان الثمن؟!.

في نموذجي القمة العربية بمغزاها العراقي وعلاقات الاردن مع الخليج بمغزاها السوري نكتشف بكل بساطة ان السياسات الخارجية لا تخضع فقط للحسابات الداخلية وكثيرا ما تخضع لحسابات الآخرين وهذا شأن البلد كونه يعاني اقتصاديا.

ليبقى السؤال: كيف سيحسم الأردن مواقفه النهائية تجاه هذه الملفات وبأي ثمن؟!.