مجلس وهمي ودوائر وهمية؟

وصف مسؤول الملف الوطني في حزب جبهة العمل الإسلامي محمد الزيود مجلس النواب الحالي بأنه «مجلس وهمي جاءت به دوائر وهمية لا تعبر عن ارادة الشعب الاردني» ..

سواء وافقنا أم لم نوافق على هذا التوصيف، فثمة كثيرون من ابناء الشعب الأردني ينظرون إلى المجلس الحالي نظرة أقل ما يقال فيها أنها سلبية، إضافة إلى هذا، هناك حالة احتقان عامة في البلد يرى كثيرون أن لا مخرج حاسما لها إلا بقلب الطاولة في المشهد السياسي والاجتماعي برمته، ولن يتأتى هذا إلا بحل مجلس النواب، وإجراء انتخابات مبكرة، عبر حكومة تسيير أعمال، تشرف على الانتخابات!

طبعا ثمة معيقات قانونية وتشريعية تقف في وجه خطوة كهذه، لكن هذا الأمر يمكن تجاوزه وفق قانونيين، لأن كل عقدة ولها حل، وكلفة حل المجلس أقل بكثير من كلفة الاستمرار فيما نحن سائرون إليه!

ومن باب الإنصاف، ثمة ما يقال بشأن هذا المجلس سلبا وإيجابا، ونبدأ بالإيجاب، فقد أنجز هذا المجلس جملة من الملفات الوطنية، التي كانت تؤرق الأردنيين، وخاصة ما يتعلق بالفساد ولجان التحقيق النيابية، التي أبدع بعض النواب فيها، وأسسوا لسوابق على جانب كبير من الأهمية، وشكلت إضافات نوعية للمجلس، وحظي المجلس بمهمة خطيرة تمثلت بإقرار التعديلات الدستورية، وهي مهمة لا تتاح إلا كل حقبة طويلة من الزمن، وأنجز المجلس مهمته على وجه مرض، كما شهد هذا المجلس جملة من المواقف التي تحسب له، مما شذ عما هو مألوف، منذ بدأ الانتخاب وفق قانون الصوت الواحد...

أما بالنسبة للسلبيات، فقد شهد المجلس جملة من الوقائع والملاسنات والمواقف الغريبة، نحت به منحى غريبا وبعيدا عن حقوق الإنسان، وما استقر في أذهان الناس عن الدور المنحاز للشعب والمواطن، وبدا المجلس أحيانا وكأنه متشدد أكثر من السلطة التنفيذية، التي كانت ليبرالية أكثر منه، كما شذ بعض النواب عما هو مألوف، فخلعوا على بعض أطياف المجتمع صفات غير لائقة ومستهجنة، كما اتخذ المجلس مواقف جدلية، خاصة فيما يتعلق بتبرئة أو إدانة مسؤولين يدور حولهم جدل شعبي مرير، وتهم يعلم الله، إن كانت باطلة أو عادلة، وإلى هذا وذاك، تم انتخاب المجلس برمته وفق قانون جدلي مختلف عليه، ومشكوك في صلاحيته لفرز نواب يمثلون الوطن حق تمثيل، وهذا ليس ذنب النواب طبعا، بل هو نتاج حقبة تغيرت ملامحها تماما، ففي مثل هذه الأيام منذ أكثر من عام، اندلعت ثورة الربيع العربي، حيث انتخب هذا المجلس في نهايات عام 2010 ، وقد تغير وجه الوطن العربي كله منذ ذلك الحين، والحقيقة أنه لم يعد ينفع الاستمرار في التعامل مع مخرجات ما قبل ثورة الربيع على كل الأصعدة، ومنها وعلى رأسها: مجلس النواب، وكان واضحا بالطبع مطالبات حراكات الشوارع بحل المجلس، وتغيير الحكومة، وبعض المسؤولين، وبالفعل تمت الاستجابة لتغيير الحكومة والمسؤولين، وبقي المجلس، وقد استمعت أخيرا لتبرير رئيس الحكومة لعدم استساغته مسألة حل المجلس، باعتبار أنه لا يمكنه القبول بانتخاب مجلس نواب وفق قانون مؤقت، على الرغم من أن جل وربما كل مجالسنا انتخبت وفق قانون مؤقت، وربما يكون مفهوما رأي الرئيس هنا، إلا أن هذا ربما يعقد المشهد كثيرا، ويمد في عمر كثير من الأزمات المرتبطة بإبعاد زمن الانتخابات النيابية المنتظرة..

في المحصلة، لا بد من الاستجابة للمنادين بحل المجلس، فلعل في هذا ما يخفف من احتقانات الشارع، ويصرفه عن الاعتصامات والمسيرات والاحتجاجات ورفع سقف المطالبات إلى حدود غير متوقعة!