بعد الإنتقال الكبير.. ماذا نحتاج للمئوية الثانية؟


زخرت موسوعة الإنتقال الكبير «الأردن في القرن الواحد والعشرين» - ازدهار ومنعة، محطات عديدة مر بها الأردن صنفت في ستة فصول تفصيلية تحدثت صراحة عن قيم الدولة الأردنية و تفصيلا لأشكال الهوية الأردنية، والإستحقاقات الاستراتيجية والأمنية، والتحديات الإقتصادية ، وسردا صريحا حول الحركات الإجتماعية في الربيع العربي، والنموذج المطلوب في ثروة المجتمع الأردني وماهية المجتمع والدولة وآليات الإصلاح في الإدارة العامة.
إن موسوعة الإنتقال الكبير الذي نشر عشية إحتفاء الأردن باليوبيل الفضي يطلق العنان للأردني الواعي من فهم ما أشير نحوه بالاستفهام فترات طويلة كالأشارت المباشرة وغير المباشرة التي تناقلها الأردنيون في صورة المواطنة والهوية الأردنية إذ ذكرت الموسوعة أربعة أنواع للهوية الأردنية والتي ركزت قبل استعراض الأنواع ان الأردنية هوية متجذرة متصلة في انسجام خالص في مكوناتها الأساسية تاريخيا لا تقبل الذوبان او الهوان وجاءت التفصيلات الأربعة في نماذج أربعة للهوية الأردنية على النحو التالي :
أولا : الهوية الأردنية العربية الإسلامية، والتي تؤمن بقومية الهوية الأردنية وانتمائها العقائدي للإسلام.
ثانيا :الهوية الأردنية الإنسانية ، والتي تؤمن بتقبل الاخر واحترام الكرامة الانسانية. 
ثالثا : الهوية الأردنية القائمة على المواطنة بوصفها رابطــة قانونيــة بــين الفــرد والدولــة؛ وتقــوم هــذه الرابطــة علــى قيــم العــدل بشكل أساســي ومكمل للانصاف في منظومة الواجبات
رابعا : الهوية الأردنية الناجزة والنامية والتي تعتبر اكثر الهويات وعيا كونها قادرة على التحديث والاستيعاب والنمو مع بقاء الأرضية الأردنية راسخة.
إن موسوعة الإنتقال الكبير تفتح القريحة لاستيعاب العقيدة الأردنية الاجتماعية التي نطالب بها كجيل واعٍ يفرق بين التلقين والتوجيه إذ إن النموذج الديموغرافي الذي نسعى اليه يعبر عن إرادة سياسية متفقة على مصلحة الوطن العليا إذ إن تنبهنا ان الاستقرار الذي عايش الأردن في موجة الربيع العربي على سبيل المثال صنع حالة استثنائية عربية في المنطقة تستحق ان تدرس للعالم وسط دولة لازمتها التحديات الاقتصادية والإدارية والتزامتها الأخلاقية في مسألة اللجوء، وسط مساعدات خارجية غير مستقرة رغم ضغوطات سياسية صعبة انهكت الأردن واثقلت عبء الأجهزة الأمنية التي اثتبت بشكل كبير قدرتها على التدخل الحسن في معالجات  لفحت بدن الأردن وخرج بصحة اكثر وصلابة ومناعة، وهذا مرده لنسيج حقيقي متكافئ جاء بين الدولة والمواطن نتيجة تأصيل الوعي بكينوناته الثلاث الأولى: التاريــخ الأردنــي الممتد منذ مطلع التاريــخ والحضارة الانسانية ، والثاني: هــي الجغرافيــا والارض الأردنية الفريدة العظيمة، والثالث: تتمثــل في الســمات المعاصرة للهويــة الوطنيــة الأردنية والتاريــخ الإجتماعــي الأردني وقيــم النظــام السياســي.
لذا نمت كل هذه الكينونات بتناغم كبير انجى الأردن من الوقوع ضحية حراكات عنيفة وموجات ثورية عايشتها المنطقة لم تقدر على تحطيم المنعة الأردنية لان العقلية الأردنية مختلفة نتيجة بعدين الأول الوعي العالي والثاني الاحتواء والتنظيم مما اجلى عملية الانسجام بين المواطن والدولة.
من جانب اخر قدم الملك عبدالله الثاني فلسفة اقتصادية متجددة دعت للاعتماد للذات وهو مطلب بدأ منذ تقلده الحكم عام 99 وعاود الحديث الصريح عنه منذ جائحة كورونا والتي تحتاج لتقاطعات هامة للولوج للمئوية الثانية نحو الإزدهار والتنمية دون الخوف من المعوقات او الصعوبات وان بدت دائمة او ضبابية التحليل في المستقبل القريب نظرا لتمكن الوعي الأردني ان يجد الفرص والبدائل وسط سعي الملك الحثيث لتذليل الصعاب واستمرار الدولة الجاد في المضي بتناغمية مطلقة تضمن المسيرة الجديدة التي كفلها الملك..
ان موسوعة الإنتقال الكبير تمتد نحو 570 صفحة عميقة تدفعك لقراءة مكررة للعديد من الصفحات و/أو الفصول والتي لن ما ان بدأت لن تنتهي منها وانت تتمعن بها كلمة كلمة وصفحة صفحة، إذ تحتاج أياما طويلة من القراءة والتي استمتعت ان افرغ وقتي لقراءة حيز المئتي صفحة حتى اللحظة، فمن أحب الأردن العظيم أحب قراءة تاريخه الغزير.. لتكون هذه المقالة المبتدأ في سلسلة مقالات لاحقة تفصل الكتاب وتحلل آليات الانتقال الكبير لسير نحو المئوية الثانية.