مؤشرات لمعركة قادمة بعد حرب غزة ساحتها الضفة المحتلة
بينما تنشط جهود الوسطاء بكثافة لإنجاز مفاوضات تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال على وقع زيارة أميركية خامسة اليوم للمنطقة للدفع بنفاذها؛ فإن الأوضاع بالضفة الغربية تتجه لتصعيد خطير حد الغليان في ظل مخطط صهيوني لجعلها منطقة معزولة، بالتهجير واستلاب الأراضي وضمها، بما يوحي بمعركة قادمة ستدور بساحتها المضطربة، لربما بعد حرب غزة.
ويبدو أن غلاة التيار اليميني بالكيان المحتّل يسيطرون على القرار السياسي الإسرائيلي؛ سواء بغزة عبر رفض وقف إطلاق النار والمطالبة باستمرار قصفها مقابل تأكيد المقاومة الفلسطينية بأن تقود المفاوضات لإنهاء العدوان كلياً على القطاع، أم بالضفة الغربية بإمعان المستوطنين بعنفهم واستيلائهم على أراضي الفلسطينيين والتنكيل بهم بالقدس المحتلة لتهويدها وتغيير معالمها.
وعلى وقع عودة وزير الخارجية الأميركي، "أنتوني بلينكن"، للمنطقة في جولة جديدة للدفع بصفقة تبادل الأسرى إلى النفاذ، فإن غارات الاحتلال لا تهدأ ضد غزة بارتكاب 12 مجزرة جديدة بالساعات الماضية أدت لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصعيد خطير يجري في الضفة الغربية إزاء ارتفاع وتيرة الاقتحامات والاعتقالات والتخريب واستلاب الأراضي المحتلة، لاسيما بالقدس المحتلة، وإطلاق يد المستوطنين لممارسة تطرفهم وعنفهم ضد الفلسطينيين بما يؤدي إلى الصدام معهم.
ومن اللافت أن الاحتلال يشن حملة واسعة من العدوان ضد مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها، منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى جانب هجمات المستوطنين المسلحين العنيفة على القرى والبلدات والشوارع والتجمعات البدوية، ومساعي طرد الفلسطينيين من أراضيهم للاستيلاء عليها واستيطانها بالقوة الهمجية.
ويبدو أن الكيان الصهيوني الذي تلقى ضربة موجهة هزته داخليا من وراء عملية "طوفان الأقصى" يحاول استعاضة فشل أهدافه في قطاع غزة من خلال التوجه للضفة الغربية للبحث عن الردع المفقود، عبر مشاهد يومية لاقتحام جنود الاحتلال للمنازل واعتقال سكانها وتعذيبهم وسحل جثث الشهداء بالجرافات والاغتيالات من خلال الوحدات الخاصة الإسرائيلية.
ويسعى الاحتلال لترميم المشهد الداخلي الإسرائيلي وإشباع حالة التطرف لدى المستوطنين وإطلاق يدهم المتشددة في الضفة الغربية لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم في القرى والتجمعات البدوية وطرد مئات العائلات البدوية، من أجل إبقائها تحت سيطرته الأمنية، ولتغطية عجزه في قطاع غزة.
وليس مستبعداً أن تشهد الضفة الغربية في الأيام القادمة الكثير من التصعيد والعنف والمخططات الاستيطانية، وعلى رأسها خطة الضم، لإبقائها تحت نار الاستيطان وهجمات المستوطنين، والتجهيز لحالة من التهجير القسري والسيطرة على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين لاستلابها وضمها للكيان المحتل.
وفي الأثناء؛ أعادت الفصائل الفلسطينية موقفها بضرورة أن تفضي أي مفاوضات إلى إنهاء العدوان كليا وانسحاب جيش الاحتلال إلى خارج القطاع وإعادة االنازحين إلى أماكن سكناهم ورفع الحصار والإعمار وإدخال كافة متطلبات الحياة وإنجاز صفقة تبادل جادة ومجزية.
بينما يسعى "بلينكن" لإنجاز اتفاق يشمل هدنة في قطاع غزة وتبادلا للأسرى بين حركة "حماس" والاحتلال، غير أنه من غير المستبعد أن يثير الاتفاق المحتمل خلافات متصاعدة داخل حكومة الحرب الإسرائيلية.
في حين يواصل الاحتلال جرائمه الهمجية ضد القطاع، بارتكاب 12 مجزرة ضد العائلات الفلسطينية راح ضحيتها 107 شهداء و165 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، بما يرفع حصيلة عدوانه إلى 27 ألفاً و131 شهيداً، وإصابة 66 ألفاً و287 فلسطينياً، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمائة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.
وما تزال طائرات الاحتلال الحربية تكثيف قصفها الهمجي ضد رفح، جنوبا، بما يثير القلق الأوروبي والغربي من أية نوايا إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين فيها قسراً خارج القطاع.
كما واصل جيش الاحتلال قصفه لمختلف أحياء مدينة خان يونس، ومدينة دير البلح وسط قطاع غزة، كما دمر طيران الاحتلال مسجداً جنوب مدينة غزة، إلى جانب تدمير مربعات سكنية كاملة في غرب مدينة غزة، مما أسفر عن ارتقاء المزيد من الضحايا المدنيين.