علاجات البرد المنزلية ما بين الحقيقة العلمية والموروث الشعبي


يعتمد الكثير من الناس على علاجات منزلية عدة، للتخلص من البرد ومكافحة بعض الأمراض، وهذه الطرق الطبيعية لا تحظى باهتمام كبير في البحث العلمي ولا يمكن اعتبارها من أساليب المعالجة الحديثة. فالمعلومات المتاحة هي ما تناقلته الأجيال من المعلومات البسيطة عن الوسائل المنزلية، خصوصا مع قلة الأبحاث في هذا المجال.
عندما يؤلمك الحلق، فإن الحليب بالعسل يساعدك، هكذا كانت تقول الجدة. أما نزلة البرد فأفضل شيء لمواجهتها هو كوب من الليمون الساخن، وفي حالة الإصابة بآلام في الأذنين، فإن أكياس البصل يمكن أن تغيثك. تناقلت الأجيال مثل هذه المعلومات البسيطة عن وسائل منزلية لمكافحة الأمراض.
وتستخدم هذه العلاجات كثيرا، وبخاصة في ألمانيا، حيث أظهرت دراسة العام 2007، أن نحو نصف الألمان يعتمدونها. ولكن هل يساعد العسل والبصل والليمون حقا؟ لا يمكن الجزم بذلك، وذلك لأن العلاجات المنزلية وفاعليتها لم تحظ بالبحث على نطاق واسع.
وهذه الوسائل المنزلية لم تخضع أبدا للدراسة بشكل صحيح، وإن كانت بعض هذه العلاجات أخذت تقليدا، فالدراسات التي أعدت بشكل جيد بهذا الشأن قليلة، وهي التي تحقق أصحابها من مدى فاعلية العلاجات المنزلية.
غياب توفر مثل هذه الدراسات بشكل كاف، قد يكون للجانب الربحي الذي يخص شركات الأدوية المنتجة لها، وتعتبر العلاجات التقليدية منافسا كبيرا لها، فكون شركات الأدوية هي التي تمول البحث العلمي غالبا، وهي لا تهتم بالعلاجات المنزلية كثيرا، فإن بحث مدى فاعلية العلاجات المنزلية البسيطة يحتاج دعما عاما. ولكن هذه العلاجات تستخدم غالبا في مداواة الأمراض الأكثر بساطة والتي تتلاشى بذاتها.
القائمون على صناعة العقاقير الدوائية، قلما يهتمون بالاستثمار في الأبحاث المتعلقة بمدى فاعلية العلاجات المنزلية في مداواة الأمراض، مما يستوجب دعم هذه الأبحاث بأموال عامة.
أطباء ربما لا يرون ذلك مهما كثيرا من وجهة النظر الطبية، رغم أن الكثير من الناس يستخدمون علاجات منزلية ويشعرون من خلال ذلك بتحسن حالتهم.
بالنسبة للأطباء، فإن العلاجات المنزلية تقابل دائما ببعض السخرية. رغم أن تأثير أكياس البصل والثوم وشراب الزنجبيل ربما أفضل في بعض الحالات الفردية من تأثير الأقراص المسكنة، ولكننا نبقى بحاجة إلى دراسات بهذا الشأن لنتمكن من إعطاء توصيات يعتمد عليها.
وأخيرا استخدام العلاجات البسيطة مفيد لأسباب متعددة، منها مفعولها الحقيقي، فإنه من الجيد أن يقوم المريض بشيء بنفسه، عبر هذه القناعة التي مفادها: "أستطيع أنا أيضا أن أفعل شيئا لنفسي، لست مضطرا دائما للذهاب إلى الطبيب".
كما أن إعداد شخص ما لكيس البصل الذي يستخدم في تخفيف آلام الأذنين لدى الأطفال، يعطي انطباعا بأن هذا الإنسان يولي الطفل اهتماما ورعاية. وتؤكد طبيبة ألمانية تدعى يوست، أن هذه نقطة مهمة فيما يتعلق بالوسائل المنزلية.
كما أن مساعدة إنسان في عمل كمادات، لخفض درجة الحرارة الناتجة عن الإصابة في عضلة الساق، يجعل الإنسان المصاب يشعر بشيء إيجابي بالتأكيد، حسب يوست. وأشارت يوست إلى أن دراسات قامت بها بنفسها أظهرت أن كبار السن بشكل خاص، وكذلك النساء، يستخدمون علاجات منزلية في مداواة أنفسهم.
إن العلم بشأن هذه الأمور متوفر أكثر لدى الأجيال الأكبر سنا، مقارنة بجيل الشباب، ووفقا لاستطلاعات، فإن حساء الدجاج هو أكثر وسيلة منزلية تحظى بشعبية في ألمانيا، إضافة إلى الحليب الساخن بالعسل واستنشاق الماء المالح أو الليمون، على سبيل المثال. كما أن البطاطا، على سبيل المثال، لها دور كبير في الصيدلية المنزلية في روسيا، والزنجبيل مثال آخر على ذلك.
تبادل الثقافات ونشر التوعية الصحية والاطلاع على تجارب الآخرين القديمة والجديدة، يمكن إن تؤدي إلى زيادة معرفتنا بالعلاجات القديمة، كما أن الباحثين مطالبون بالاهتمام بإجراء دراسات على العلاجات التقليدية ودورها في مكافحة وعلاج الأمراض.