الاردن بعد عاصفة التصويت على ملف الفوسفات: دعوات لتأميم الشركات المباعة وإستعادة ثروات 'منهوبة' ومحاكم شعبية للفاسدين


اخبار البلد- بسام البدارين - إنتهت مواجهة التصويت على ملف الفوسفات الأردني وفقا لما تريده السلطات ودوائر القرار على الأرجح حفاظا على ما تبقى من هيبة ومصداقية الأداء الإقتصادي للدولة، لكن التداعيات تشير لتوفير 'غذاء دسم' وجديد لحراك الشارع ولإضعاف البرلمان مجددا ولتدشين مشروع طازج في سياق غياب الثقة بين المؤسسة الرسمية والناس والأهم إنتهت التداعيات بالكشف مرة أخرى عن سلسلة مثيرة جدا من الفضائح البيروقراطية.
وهذه الفضائح تدلل كما وصفت الإعلامية الدكتورة رولا الحروب على الطريقة الغريبة التي تتخذ فيها القرارات في عمق المؤسسة البيروقراطية وعلى الهواء مباشرة ضمن برنامج إستضافته الحروب كشف رئيس لجنة التحقيق في ملف الفوسفات النائب أحمد الشقران للرأي العام وبعدما هزم تقريره في التصويت عن بعض العجائب والغرائب البيروقراطية وقدم إجابات على تساؤلات عالقة.
وعلى سبيل المثال عرض الشقران على الشاشة صورة عن مذكرة رسمية قال انها مسجلة أصوليا في سجلات رئاسة الوزراء أيان حكومة زميله النائب فيصل الفايز ومن الواضح أن هذه الوثيقة التي أنكر الفايز وجودها عندما سألته اللجنة تتضمن خطابا من رئيس الوزراء لجهة أخرى رسمية والمفارقة أن المذكرة سجلت رغم أنها غير موقعة من رئيس الحكومة ولا تحمل ختما رسميا ولا رقما.
كيف حصل ذلك ولماذا؟.. سأل الشقران على الهواء مباشرة وقال: نريد أن نعرف.. لاحقا عرض النائب الشاب وهو طبيب أسنان أصبح بطلا شعبيا اليوم بالنسبة للشارع مذكرة رسمية أخرى تحدد إسم الشريك الإستراتيجي عند بيع حصة الحكومة في أسهم الفوسفات التي كانت عند بيعها الشركة الثالثة في قطاعها على مستوى العالم كما أوضح النائب محمد زريقات.
تبين الوثيقة الثانية بأن إسم الجهة التي إشترت أسهم الحكومة تغير في لحظة ما وبـ'جرة قلم' وتظهر الورقة بوضوح أن شخصا ما شطب إسم الشريك القديم وكتب بخط يده إسم الشريك الجديد خلافا طبعا لكل أصول طباعة وإعداد الكتب الرسمية وعندما سئل الشقران عن صاحب الخط والقلم أفاد بأنه المستشار القانوني لهيئة التخاصية آنذاك .
وفي الشروحات ثمة فظائع بيروقراطية أخرى فرئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران وقع قرار تغيير مسار المفاوضات في بيع الفوسفات بناء على 'وشوشة' آنذاك كما قال الشقران من رئيس هيئة التخاصية ووزير المالية الأسبق محمد أبو حمور والشقران إعترف بأنه خاض مع اللجنة في تحقيق معقد ولعدة أشهر مع الفشل في الحصول على 'ترجمة قانونية' لنصوص إتفاقية بيع الفوسفات باللغة الإنكليزية وعندما سألت 'القدس العربي' الشقران عن السبب أفاد بأن اللجنة طلبت من الحكومة تأمين نسخة إنكليزية مترجمة حسب الأصول فإعتذرت الحكومة بسبب 'عدم وجود إمكانات'، كما قال الشقران.
وفي الكواليس تحدث الشقران عن إتصالات تلقاها من وزراء وقعوا على إتفاقية بيع الفوسفات لكنهم لا يعرفون التفاصيل ومن الواضح أنهم لم يقرأوا ما وقعوا عليه كما حصل سابقا مع إتفاقية الكازينو في الوقت الذي وصف فيه الشقران أحد الوزراء السابقين دون غيرهم بإعتباره 'البطل الرئيسي' في العملية برمتها مشيرا الى ان تحقيقاته أثبتت بأن هذا الوزير كان يوقف أي تساؤلات أوإستفسارات من زملائه بعبارة واحدة يقول فيها 'التوجيهات من فوق'. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد طلب علنا وعدة مرات من جميع النخب والمسؤولين عدم الإعتماد إطلاقا على تلك العبارة في تبرير أخطائهم ولتمرير مشاريعهم.
كما إعتبر النائب الدكتور محمد زريقات بيع أسهم الفوسفات بمثابة 'هدية' لا زالت مستمرة لجهة ما في سلطنة بروناي التي يفترض أنها تمثل المشتري الغامض للأسهم.
ومع تسلسل هذا النمط من الفضائح البيروقراطية وظهوره مجددا في قضية الفوسفات بدأت مع الشارع معركة جديدة قوامها وضع مبررات وأسس لإنطلاق عملية عامة وجماهيرية ضد مجلس النواب المتهم شعبيا الأن بسبب تصويته بحماية الفاسدين.
ومن المتوقع أن ينتهي إنقاذ سمعة البلاد الإقتصادية بعد تصويت الفوسفات بان يصبح البرلمان هو الهدف الأول والمفضل لقصف الشارع والحراك بعد الآن في حملة بدأت فعلا على مجلس النواب، فيما وضعت الأسس الآن لمراجعة مسألة الإستثمار في قطاع التعدين وكشوفات الضرائب التي تتهرب منها الشركات الكبرى.
وبصرف النظر عن فشل لجنة التحقيق في إستقطاب النواب للتصويت لصالح توصياتها عبرت التوصية المتعلقة بأن تعمل الحكومة على إستعادة حقوق الخزينة في القطاع أوتصويب إتفاقية البيع غير العادلة فهذا الأمر أصبح ممكنا الآن حسب الزريقات وإن كان رومانسيا من الناحية السياسية.
الشارع لا يكتفي بذلك بل بدأ يتحدث عن 'تأميم' الشركات الكبرى المباعة وإستعادة ثورات البلد المنهوية وإقامة محاكم شعبية لرموز النظام بكل الطرق وفي لهجة تصعيدية متحدية واضحة برزت مباشرة بعد إمتصاص عاصفة تقرير الفوسفات بطريقة خالية من الذكاء السياسي.