هل يتمكن بايدن من تخطي عقبة غزة ويظفر برئاسة ثانية؟



مع كل يوم يمضي بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومع صور وفيديوهات المجازر التي لم تنفك وسائل التواصل بنشرها بين الأميركيين، خاصة صور أشلاء الأطفال والأمهات الثكلى والجوع والمرض، تتناقص الأصوات المؤيدة للرئيس الأميركي جو بايدن في معركة على الرئاسة.

في المقابل تظهر استطلاعات رأي متعددة بأنه مع فقد بايدن للكثير من شعبيته نتيجة لموقفه من العدوان على غزة يصعد منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، حتى أن بعض الاستطلاعات رجحت تغلبه عليه في السباق الرئاسي المزمع في تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل.

انتقادات بايدن المستمرة للأعداد الكبيرة من الضحايا المدنيين في غزة، وانتقاداته كذلك لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وللحكومة اليمينية المتطرفة، والاعتداءات المستمرة للمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة المحتلة لم تشفع له، ولاسيما وأنه وحكومته في البيت الأبيض لم تفعل أي شيء لوقفها أو حتى التخفيف منها، ما يظهر وفق محللين أن تلك الانتقادات تأتي لغايات انتخابية، وبهدف محاولة كسب الأصوات العربية والمسلمين في الولايات المتحدة وحتى الأميركيين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية.
آخر الاستياءات من الأميركيين لبايدن كانت أول من أمس حين قوطعت كلمته ثلاث مرات خلال عشاء أقيم للاحتفال بجعل ولاية كارولينا الجنوبية وقاعدتها الكبيرة من الناخبين السود، اعتراضا على علاقته الوطيدة بإسرائيل، وبعمليات القتل التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وحاول بايدن التخفيف من حدة الاعتراض على تلك العلاقة بحرف الحديث عن إنجازاته التي قال إنها "ساعدت مجموعة كبيرة من الأميركيين، ومنهم المواطنون السود".
وفي ذات السياق أكدت العديد من التحليلات بأن حرب غزة ستؤثر سلبًا على فرص إعادة انتخاب بايدن في الانتخابات المقبلة، ويعزز هذا الرأي عدد من المؤشرات أبرزها، تراجع شعبيته، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أجرته مؤخرا أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يتقدم عليه بنسبة تأييد بلغت 47 %، مقابل 43 % لبايدن.
كذلك، أورد استطلاع أجرته "نيويورك تايمز" أن بايدن متخلف عن منافسه ترامب في خمس من ست ولايات رئيسية بين الناخبين المسجلين، كما أشار استطلاع رأي أجرته شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية في تشرين أول (نوفمبر) الماضي، بأن %62 من الأميركيين يعارضون سياسة "بايدن" الخارجية، فضلًا عن معارضة %56 من الأميركيين سياسات "بايدن" تجاه الأزمة في غزة، مضيفة بأنه في حال أجريت الانتخابات اليوم فإن "بايدن" سيحصل على نسبة 44 % من الأصوات بينما سيحصل "ترامب" على 46 % من الأصوات.
وأشار البعض بأن دعم إدارة بايدن غير المحدود لإسرائيل سيساهم في خسارته أصوات الناخبين من ذوي الأصول العربية والمسلمة، فضلًا عن انخفاض أسهمه لدى الناخبين الشباب.
إذ تعهد زعماء مسلمون أميركيون من 6 ولايات متأرجحة تعد حاسمة في انتخابات الرئاسة، بحشد مجتمعاتهم ضد إعادة انتخابه بسبب دعمه للحرب العدوانية في غزة، فيما عرف بحملة "التخلي عن بايدن"، وتعتبر الولايات الست من بين الولايات القليلة التي أتاحت لبايدن الفوز في انتخابات 2020، وقد تؤدي معارضة مجتمعاتها إلى تعقيد طريق بايدن نحو الفوز بأصوات المجمع الانتخابي في العام المقبل.
وكشف استطلاع أجراه المعهد العربي الأميركي وشمل 500 عربي أميركي في الفترة من 23 إلى 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن انخفاض دعم الرئيس بايدن بين الناخبين الأميركيين العرب بشكل حاد منذ الحرب بين إسرائيل وحماس، إلى مستويات غير مسبوقة، بنسبة 42 %، من 59 % في عام 2020 إلى 17 %.
على الجانب الآخر، أدى ارتفاع أعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني إلى تآكل الدعم الشعبي لبايدن، بين الكتلة التصويتية من الناخبين الشباب وطلاب المدارس والملونين، والذين خرجوا في تظاهرات داعمة لفلسطين، وهو ما سيقوض من فرص إعادة انتخابه لاسيما وأن إقبال الشباب كان أحد المتغيرات الرئيسية في الانتصارات الديمقراطية في السنوات الأخيرة، وهو ما أكده استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة "إن بي سي" الإخبارية الأميركية في تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي والتي أشارت بأن شعبية بايدن انخفضت بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، حيث رفض 70 % منهم طريقة تعامل بايدن مع الحرب.
ومع استمرار البيت الأبيض في دعمه للاحتلال تنامت معارضة داخلية، وهو ما يقوض من فرص بايدن الانتخابية، فقد وقع أكثر من 500 مسئول أميركي، يمثلون 40 وكالة حكومية، خطابًا يحتجون فيه على سياسة بايدن إزاء إسرائيل، مطالبين بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية لغزة.
وعلى الرغم من أن قضايا السياسة الخارجية تقليديا تحتل مركزا متدنيًا عند الأميركيين خلال سباق الانتخابات الرئاسية، إلا أن انتخابات 2024 قد تكون استثناءً، إذ تمكنت عملية "طوفان الأقصى" من رفع "قضية دعم إسرائيل والموقف الأميركي من حرب غزة" إلى القضايا الأكثر أهمية في السباق الرئاسي. وفي كل الاحوال قد تتغير الأمور خلال الأشهر القادمة لحين موعد الانتخابات في تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل اعتمادًا على كيفية تطور مجريات الحرب