هي اللي قالت
كتب الشريف زيد بن الحسين في مدونته ما ظن أنه دفاع عن الأمير حسن من الهجمة التي استثارها حديث الأمير عن جدوده وجدود الأردنيين . ولكن آخر ما يحتاجه الأمير حسن ,المتورط رغم ذكاءه وثقافته , دفاع عنه بلغة ركيكية ومنطق أشد ركاكة من أحد أفراد العائلة الممتدة المعتاشة على الأردن .. والطريف أن تطوع الشريف المقيم في لندن للدفاع عن الأمير المقيم في عمان , كان , حسب تبرير المدافع , "لوجود الأمير خارج البلاد " ! وايضا لما أسماه " بهتة" رد المصادر المسؤولة .. يقصد أن الرد الرسمي "باهت " , ليتطوع بالرد " الفاقع " , فيقول للمنخرطين في الحراك الأردني أنتم جاهلون وفي منتهى الوقاحة ( تحديدا لمطالبتهم بمحاكمة " الأخ مجدي الياسين " بما يؤكد صحة المثل القائل " تكون نسيب ولا تكون أخ" ) , ومندسون يزجون " أولادنا الصغار فيما هم ليسوا طرفا به ", ويقترح عليهم التصدي لما هم طرف فيه, قائلا : " فليسأل زيد الرفاعي عن ذهب الأردن ,وابن خالته ماهر شكري عام 1988" !!
يبدو ان اقتباسي من مسرحية " ريا وسكينة" لن يقف عند عنوان مقالتي " يشتموننا وننتخبهم ؟؟" قبل انتخابات عام 1989( المأخوذ عن " يشنقونا ونسكتلهم؟؟" ), وهي المقالة التي استجلبت هجمة التكفيريين علي , مدعومين "بالحكم الرشيد" الذي لم يعجبه برنامجي .. الذي هو, بالمناسبة , برنامج الحراك الأردني الآن .. واليوم أقتبس قول ريا وسكينة " هي اللي قالت ", وأفتح بترحاب باب "البدروم" .
انتفاضة نيسان 89 قامت على حكومة زيد الرفاعي عند رفعها اسعار الوقود . ولكن السبب الحقيقي كان الفساد الذي رفع مديونية البلاد لثمانية مليارات دولار, واستنزاف حكومة الرفاعي إحتياطي العملات الأجنبية في عامي 87 و88 , ورهن وبيع ذهب البنك المركزي, وفوقها اقتراض الحكومة من البنك المركزي أربعمئة مليون دينار" سلفة استثنائية" , فيما قام كبار المسؤولين بالإقتراض بشكل شخصي من البنوك التجارية ليشتروا دولارات من الصرافين.. وتصاعد تهريب الدولارات للخارج ليبلغ معدله الموثق ( وليس التهريب بالشنط والطائرات الذي يتاح للمتنفذين) لنصف مليون دولار يوميا عام 88 ..وتلا ذلك قيام الحكومة بتعويم سعر الدولار ما خفض الدينار الأردني لنصف سعره .
ثم تفجرت فضيحة بنك البتراء , وتم اعتقال رئيس مجلس إدارة البنك " أحمد الجلبي ", وتهريبه للخارج , وتم فقط عزل مجلس الإدارة . وألقي اللوم على محافظ البنك المركزي وعُزل , مع أن من كان يدير البنك المركزي " فعلاً" هو ماهر شكري , نائب المحافظ , الذي أبقي في موقعه .
وجرى , بمخالفة للقوانين وللدستور, تحميل البنك المركزي ثلاثمائة مليون دينار من خسائر بنك البتراء, لتسديد ودائع بنوك تجارية لدى البنك , فأضيف نصف مليار دولار من المال العام إلى اكثر من ضعف هذا المبلغ من خسائر صغارالمساهمين والمودعين الذين لم يعوضوا كما عوضت البنوك وكبار المساهمين .
ويجدر التوقف عند تاريخ ماهر شكري الذي استمر يعمل ك" جوكر" الفساد الرئيس وينقل من موقع لآخر , بل ويتولى أكثر من موقع في آن . وكل ما تولاه شكري جرى إفلاسه . فقد ترأس مجلس إدارة شركة المال والإئتمان التي أفلست في الثمانينات , ومجلس إدارة بنك عمان للإستثمار ومجلس إدارة شركة الغزل والنسيح الحكومية وكلاهما افلس في التسعينات. ووصلت قضية الغزل والنسيج للقضاء والصحافة عندما قام مستثمر برفع قضية على الشركة أدت لتوجيه تهمة جناية الإختلاس مكررة ثلاث وسبعين مرة لماهر شكري, ومع ذلك لم يوقف بل نقل عند إصدار مذكرة توقيفه للمدينة الطبية بزعم أزمة صحية , ومنها خرج ليمارس كل انواع العمل المالي دون اعتبار للتحقيق الذي عُلٌّق . وبوفاته عام 2006 ملأت الصحف بالنعي الرسمي ونعي الرأسماليين والمتنفذين له, وكلهم وصفوه بصاحب الأفضال على الإقتصاد الأردني !!
الماضي يتكرر بتفاصيله .. بدءا بعودة الحكم الرفاعي في شخص سمير الثاني بن زيد بن سميرالأول الذي جاء الإنجليز به وبأسرته من صفد " للمشاركة في الحكم " عند تأسيس إمارة شرق الأردن , فبدأ حكم آل الرفاعي التوأم لحكم الهاشميين ليدفع بالأردنيين لثلاثة انتفاضات : انتفاضة الستينات على سمير الأول تحت شعار " سنة سمير لا قمح ولا شعير" , وانتفاضة نيسان 89 على حكومة زيد الرفاعي , وانتفاضة الربيع الأردني لترحيل حكومة سمير الثاني وبرلمانه المزور..
الشريف معه حق , كان يجب أن نبدأ بمن باعوا ذهب البنك المركزي عام 88 .