التغير المناخي: "تهديد خطير".. وخبراء يدعون لرفع وعي الأجيال الناشئة
التغير المناخي الذي يحط رحاله على كل بقعة من على هذه الأرض، لم يعد مجرد خبر يثير فضول البعض لمتابعة ما يحدث، إنما بات جزءا من واقع الحال الذي سيكون ضرره كبيرا وخطيرا إن لم يتم أخذه بعين الاعتبار، وايلاؤه أهمية خصوصا لدى الأجيال الناشئة التي ما تزال تحتاج للوعي التام لفهم تلك التغيرات العالمية.
يعد الأطفال من بين الفئات الأكثر ضعفا في مواجهة آثار التغيرات المناخية، حيث يتعرض ما يقرب من مليار طفلٍ لمخاطر متزايدة بحسب منظمة اليونيسيف، هذه المخاطر تقوّض الحقوق الأساسية للأطفال من حول العالم، حيث يشكل تغير المناخ تهديداً مباشراً لقدرة الطفل على البقاء والنماء والازدهار.
التغير الكبير في درجات الحرارة وما يرافقها من انحباس حراري وقلة مستوى الموسم المطري بات بيئة خصبة تهدد صحة وسلامة الحياة والبيئة، لا سيما على حياة الأطفال، هذا الجيل الذي سيعيش التغير المناخي في أعلى درجاته.
وأخذت الظواهر الجوية القصوى عالميا، من أعاصير وموجات حر، تتزايد في تواترها وشدتها، وهي تؤثر على حياة الأطفال، كما تتسبب الفيضانات بإضعاف مرافق المياه والصرف الصحي، مما يؤدي إلى انتشار أمراض من قبيل الكوليرا، وهي تمثل خطراً داهماً على الأطفال بصفة خاصة. بحسب ما نشرته اليونسيف في تقريرها حو أثر التغير المناخي على حياة وسلامة الأطفال.
إن مشاركة الأطفال في القضايا التي تؤثر عليهم هي حق رئيسي لهم بحسب المادة 12 من اتفاقية حقوق الطفل، حيث تعمل اليونسيف مع اليافعين لإعلاء أصواتهم بشأن تغير المناخ وذلك من خلال منصات مبتكرة، وأنشطة دعوى، والمشاركة في اجتماعات القمة الرئيسية التي تُعقد في الأمم المتحدة.
يعتبر الأطفال بحسب أمين سر جمعية التغير المناخي مارية بحدوشة من أكثر الفئات تأثرا بالتغير المناخي لعدم توفر المعرفة الكافية بكيفية التعامل مع الأخطار الناتجة عن التغيرات المناخية. وتضيف أن الأطفال هم أكثر عرضة للأمراض المختلفة وخاصة أمراض الجهاز التنفسي والحساسية، وهم أيضا أكثر الفئات المتضررة في حالة حدوث الفيضانات والكوارث الطبيعية.
ويؤدي الجفاف والتغيّر العالمي لسقوط الامطار إلى فشل المحاصيل وزيادة أسعار الأغذية، مما يعني انعدام الأمن الغذائي والحرمان من الأغذية للفقراء، وهذا قد يؤدي إلى تأثيرات تمتد مدى الحياة، إضافة إلى تدمير سبل العيش، وزيادة الهجرة والنزاعات، وكبح الفرص للأطفال واليافعين.
ويعتبر الأطفال وفق بحدوشة هم الأكثر عرضة للأمراض التي ستزداد انتشاراً نتيجةً لتغير المناخ، ويتحمل ممن هم دون سن الخامسة قرابة 90 في المائة من عبء الأمراض التي يمكن عزوها إلى تغير المناخ.
وتؤكد بدورها على ضرورة عمل برامج توعية للفئات الصغيرة بالعمر التي تذهب إلى المدارس من الروضة ولغاية الصفوف الأساسية الأولى بتدريبهم وتزويدهم بمعلومات اساسية عن التغيرات المناخية وكيفية تأثيرها على حياتهم.
ويكون ذلك من خلال عمل ورشات عمل تتضمن اللعب والرسم وقراءة القصص البسيطة وبالتعاون مع موجهي التربية البيئة في المدارس، هذه البرامج يتم اتباعها في جمعية التغير المناخي وحماية البيئة الاردنية بالتعاون مع المدارس الخاصة والحكومية، وأيضا هناك برامج مخصصة للفئات الأكبر سنا من عمر الطفولة.
وقامت الجمعية بحسب بحدوشة بإعداد كتيب للفئات العمرية الصغيرة "ارسم ولون" يتضمن لوحات تعريفية عن أهمية البيئة وكيفية المحافظة عليها، بالإضافة إلى العديد من البوسترات التي تساعد على الفهم لأهمية التغيرات المناخية.
ولاقت هذه الكتيبات تجاوبا كبيرا من قبل الأطفال بجميع فئاتها، فضلا عن القيام بعمل محاضرات توعية للأهل لكيفية مساعدة أنفسهم واطفالهم للتعامل مع التغيرات المناخية.
وتلفت بحدوشة إلى التعاون الكبير بين الجمعية ووزارة التربية والتعليم، حيث تأخذ الموافقات اللازمة لزيارة المدارس والتعاون يكون أكبر من قبل نفس المدارس، حيث يتم التجاوب والتعاون واعطاء بعض الأفكار الجديدة بتطبيقها، حيث إن لدى جميع المدارس برامج ونشاطات بيئية جيدة جدا.
الاستشاري التربوي الدكتور عايش نوايسة يشير بدوره إلى ارتباط التغير المناخي وانعكاسه على الحياة والتأثيرات الكبيرة جدا على البيئة نتاج التلوث والغازات والفضلات الصناعية. معلمون وتربويون حذروا من هذه التغييرات وتأثيرها على الحياة، وبالتالي التحول من ارتفاع درجات الحرارة والانحباس المطري بشكل كبير جدا وأثرها على الحياة.
ويأتي دور المجال التربوي مع الأطفال والطلاب بحسب النوايسة برفع وعيهم وإثراء معرفتهم بهذه التغييرات، حيث إن النظم التربوية في العالم المتقدم تولي التغير المناخي أهمية كبيرة في مجالات التعليم والتعلم من ناحية التوعية بكيفية التعامل مع التغير المناخي وترك اثر ايجابي لعدم الإسهام في زيادة الأثر السلبي في التغير المناخي.
ويقول النوايسة، "لا بد اليوم من رفع توعية الأطفال بالتغير المناخي وكيفية التعامل مع البيئة المحيطة لأنهم هم الذين سيعيشون هذه التغييرات بشكل كبير" سواء من ناحية درجات الحرارة والتصحر والانحباس الحراري وقلة الأمطار.
ويضيف النوايسة، هذا الجيل هو جيل المستقبل ويجب أن يكون على درجة عالية من الوعي والمعرفة بهذه التغيرات ويجب ان توظف في حياتهم بطريقة إيجابية من خلال عمليات التعلم والتعليم في المدرسة والوسائل الاعلامية والإعلام الرقمي لنعكس التعامل الإيجابي مع التغير المناخي.
ويمكن للأطفال والطلاب أن يؤدوا دوراً أيضاً في التصدي للأخطار المرتبطة بالمناخ من خلال تشجيع أنماط الحياة المستدامة بيئياً وتشكيل قدوة في مجتمعاتهم المحلية إن مشاركة اليافعين هي أمر ضروري إذا ما أردنا ضمان مصالح الأجيال المقبلة.
"نحن مطالبون اليوم ان تتضمن المناهج كل ما يتعلق بالمناخ والتغير المناخي وان تقدم بطريقة علمية سلسة تشجع الأطفال على أن يكون لديهم دور إيجابي على هذه النغيرات السلبية"، التي حدثت على المناخ سواء كان بصنع البشر أو الناتجة من التغيرات الطبيعية وكيف يمكن التعايش معها في ظل ارتفاع درجات التلوث ومعدل التلوث وانعكاسه على طبيعة الحياة وصحة الأطفال.
على الصعيد الصحي إن مسببات تلوث الهواء هي نفسها ما يتسبب بتغير المناخ. ويعيش حوالي مليوني طفل في مناطق تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية – مما يجبرهم على تنفس هواء سام ويعرّض صحتهم وتطور أدمغتهم للخطر. ويتوفى أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً من جراء أسباب متعلقة بتلوث الهواء. وسيعاني عدد أكبر منهم من أضرار دائمة تلحق بنماء أدمغتهم ورئاتهم.
ويظل مرض التهاب الرئة من الأمراض المعدية الرئيسية المسببة للوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة، إذ يودي بحياة ما يصل إلى 2,400 طفل يومياً بالعالم.
وترتبط وفيات الأطفال الناجمة عن التهاب الرئة ارتباطاً قوياً بنقص التغذية، ونقص المياه المأمونة والصرف الصحي، وتلوث الهواء في داخل البيوت، ونقص إمكانية الحصول على الرعاية الصحية – وجميع هذه التحديات تتفاقم من جراء تغير المناخ.
وتدعم اليونسيف مبادرات ترمي إلى جعل المدارس والمراكز الصحية ومرافق المياه والصرف الصحي – والخدمات الأخرى الضرورية لعافية الأطفال – قادرة على مقاومة الصدمات المناخية والبيئية. ولا يقتصر ذلك على تحسين قدرة الأطفال على تحمل الصدمات المستقبلية، بل يقلص أيضاً احتمالية أن تتفاقم أوجه التفاوت الحالية من جراء تغير المناخ. ونهدف تحديداً إلى دعم الحكومات في المجالات التالية؛ تغير المناخ في شح المياه وتلوثها نتيجة للفيضانات وحالات الجفاف أو الأوضاع الجوية الشديدة. وتعمل اليونيسف للارتقاء بحزمة من الحلول التي تتضمن الاستشعار عن بعد لتحسين تحديد مصادر المياه، واستخدام الطاقة الشمسية لضخ المياه، وأنظمة الإدارة الذكية لاستخدام المياه بكفاءة.