طوفان الأقصى الانتصار الرقمي



«إذا لم تحاول في شبابك غايةً ...فيا ليت شعري أي وقتٍ تحاول»، محمد الأسمر.
عندما يرغب أبنائي في شراء شيء ما أو الذهاب إلى مكان ما، فإنهم يستعينون بمواقع التواصل الاجتماعي التي توفر لهم المعلومات التي يبحثون عنها، وذلك بناءً على الخوارزميات التي تعرف تفضيلاتهم.
وكما تُحقّق المقاومة الفلسطينية البطولية النصر على أرض المعركة، فإنها تحقق النصر أيضًا في معركة السرد على الشبكة العنكبوتية، بعد أن خَبِرَت أسرارها وخوارزمياتها، أما الكيان الصهيوني فقد أعماه غروره، معتقدًا أن السيطرة على وسائل الإعلام التقليدية كافية.
وكانت النتيجة أن القضية الفلسطينية قد كسرت احتكار الصهاينة والأمريكان للسرد، بل وأصبحت سرديتها هي الأكثر انتشارًا، فقد كشفت عن وحشية الصهاينة وإفلاس قضيتهم، ونشرت قصص المآسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وحشدت دعمًا كبيرًا من الشعوب الغربية لفلسطين وعدالة قضيتها، ثم استطاعت التصدي لوجهات النظر المؤيدة للصهاينة.
وكانت هذه صفعة في وجه الصهاينة ومن يؤيدهم، فوفقًا لدراسة أعدتها جامعة هارفارد، فإن ثلث الشباب الأمريكي بين 18-24 عامًا يعتقدون أنه لا حق للكيان المحتل بالوجود، ويرى نصف الشباب أن حل القضية الفلسطينية يكمن في تحرير الأراضي المحتلة من النهر إلى البحر، ونفس النسبة قالت إن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر كانت مبررة، وأن 90% من الشباب الذين دعموا حركات السود يدعمون القضية الفلسطينية.
أكثر التطبيقات التي تثير غضب الصهاينة في الوقت الحالي هو تطبيق تيك توك، والجميع يتابعه، حتى إذا تم حظره في بلدٍ ما فالالتفاف حول هذا الحظر أمر سهل، في بداية الحرب كانت فيديوهات جنود الاحتلال وهم يرقصون ويمزحون هي الأكثر مشاهدة، ثم حدث تحول كبير بعد ذلك؛ حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بمآسي أهل غزة وجرائم الجنود وسرقتهم لمنازل الفلسطينيين وإذلالهم. ومع مرور الوقت زادت كمية المواد المؤيدة لكفاح الشعب الفلسطيني، فشاهدنا العديد من «الترندات» مثل قراءة آيات من القرآن الكريم، أو صورة بطيخة كتعبير عن ألوان علم فلسطين، ووصف العديد من المشاهير لأحداث وقصص من غزة، ورسالة بن لادن في عام 2001 التي برر فيها هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وتم تصنيف وسائل التواصل الاجتماعي بين محايدة للصراع مثل تويتر وتيك توك، وبين مؤيدة للكيان الصهيوني مثل فيسبوك وإنستغرام، فبدأنا نشهد حملات لمقاطعة وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة للكيان، وهنا يبرز سؤال مهم: هل مقاطعة هذه المواقع إجراء صحيح؟
قبل الإجابة عن السؤال، علينا أن نفهم كيف تعمل الخوارزميات: كلما زاد عدد المواد التي تؤيد اتجاهًا ما، ستظهر للمتابعين أكثر من غيرها؛ فمثلاً إذا حدث تكثيف للمواد التي تؤيد القضية الفلسطينية وتبين جرائم الكيان، فإن فرصة ظهور هذه المواد ستزيد. لذا، تصبح مقاطعة هذه المنصات خطأ لأنه سيترك الساحة للمواد التي تؤيد الكيان. بل على العكس، المطلوب منا زيادة المواد المؤيدة للقضايا على جميع المنصات، وقد يكون شكل المقاطعة هو عدم الإعلان على هذه المنصات أو التصفح والتفاعل مع الإعلانات.
تذكّر أن كل مستخدم للإنترنت يستطيع أن يكون جنديًّا في هذه المعركة، فلا تبخل على إخوانك في فلسطين.