معتقلو غزة تعرضوا للضرب والسب… ومحرومون من لقاء محاميهم
اعتبر المرصد «الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» أمس الخميس، أن مصادقة الهيئة العامة للكنيست في إسرائيل على تمديد سريان اللوائح التي تحرم معتقلي غزة من لقاء محاميهم أربعة أشهر إضافية، تعني تشكيل غطاء قانوني لجريمة الإخفاء القسري بحق آلاف المعتقلين.
وحذر في بيان له من أن الاستمرار في إخفاء المعتقلين قسراً قد يدلل على حجم التعذيب والعنف الذي يتعرضون له منذ لحظة الاعتقال وخلال الاستجواب والاحتجاز.
وأشار إلى أن توفير الغطاء القانوني لإخفاء المعتقلين يعكس اشتراك مختلف السلطات في إسرائيل في انتهاك مواثيق حقوق الإنسان ذات العلاقة، مشدداً على أن ذلك الغطاء يبقى دون قيمة في ظل تشكيل الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية وفق ميثاق روما.
ويعني الإخفاء القسري، إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة، وهو ما تنفذه إسرائيل فعلياً منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي بحق عدد كبير من الأشخاص الذين تعتقلهم قواتها خلال عملياتها البرية في قطاع غزة، وفق المرصد الذي تلقى شكاوى حول اعتقال عدد من الجرحى والمرضى من مستشفيي «المعمداني» و»الشفاء» في مدينة غزة، إضافة الى 99 من الطواقم الطبية، و8 صحافيين لا يعرف مصيرهم حتى الآن.
وأشار إلى أن منظمات حقوقية، بما فيها إسرائيلية، حاولت الحصول على معلومات عن المعتقلين من غزة، إلاّ أن طلباتها جوبهت بالرفض من السلطات الإسرائيلية، وتبين أنه يجري احتجاز المعتقلين من غزة في مراكز احتجاز جديدة أقامها الجيش الإسرائيلي في أماكن مختلفة في النقب والقدس، يتعرض فيها المعتقلون لأشكال قاسية من التعذيب والتنكيل والحرمان من الطعام والماء.
كما تلقى المرصد، وتابع شهادات إضافية من معتقلين مفرج عنهم إلى غزة، عن تعرضهم لأشكال قاسية ووحشية من التعذيب، تبدأ من لحظة الاعتقال بإجبارهم على التعري الكامل باستثناء اللباس الداخلي السفلي (بعضهم أجبروا على التجرد حتى من اللباس الداخلي) مع التعرض للضرب الشديد في كافة أنحاء الجسد، والاحتجاز في العراء وسط البرد والمطر لساعات، مرورًا بالسب والشتم بألفاظ نابية وخادشة للحياء، مع التحرش الجنسي اللفظي والحسي، والصعق بالكهرباء، والشبح بأشكال مختلفة والحرمان من الطعام والماء لأيام طويلة.
والشهادات التي تلقاها المرصد، بعد الإفراج عن آخر دفعة معتقلين، وعددهم نحو 140 معتقلاً، منهم 8 نساء، تظهر أن عملية التعذيب تشمل أطفالًا ومسنين ونساء، وتهدف بشكل أساسي لانتزاع معلومات من المعتقلين عن أشخاص آخرين لا علاقة لمن يجري استجوابهم وتعذيبهم بهم.
وقال طفل (14 عاماً) لفريق «الأورومتوسطي»: «عند اعتقالي من غزة، أجبروني على خلع ملابسي كاملة، لم يعبأوا بأنني طفل، وضعوا قيوداً بلاستيكية في يديّ، وقيدوا قدميّ. احتجزوني في مكان مخيف، وضربوني على كل أنحاء جسمي، لم يوفروا لنا إلا القليل من الطعام، ها هي آثار الضرب على وجهي وجسمي وآثار القيود تسببت بتورم يدي».
ووفق المرصد «الجيش الإسرائيلي يحتجز المعتقلين لأيام طويلة دون سبب واضح، ويعرضهم للمعاملة القاسية والحاطة بالكرامة، ويمارس عليهم الإذلال المتعمد، إضافة إلى إجبارهم على الهتاف لإسرائيل، وسب وشتم فصائل وشخصيات فلسطينية.
وأكد أن بعض المعتقلين تعرضوا لـ «مساومات وعمليات ابتزاز من أجل التعاون مع الجيش والشاباك الإسرائيلي مقابل التخفيف من تعذيبهم أو الحصول على بعض ما أسميت بالامتيازات والإفراج عنهم».
وأشار إلى أنه لا يوجد عدد دقيق لأعداد المعتقلين من غزة، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية أن عدد المعتقلين يبلغ 2.300 معتقل، بينما تشير تقديرات الى أن عدد المعتقلين من واقع شهادات المفرج عنهم أكبر من ذلك بكثير، وتحدث أحد المعتقلين أن الضباط أبلغوهم بوجود نحو 7 آلاف معتقل.
وأشار إلى أن معسكر «سديه تيمان» الذي يديره الجيش الإسرائيلي ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا وتُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة، تحول إلى سجن «غوانتنامو» جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج.
وقد تلقى المرصد شهادات سابقة عن وفاة اثنين من المعتقلين داخل معسكر «سديه تيمان» أحدهما مبتور القدم، ولم تعلن إسرائيل رسمياً – حتى وقت نشر البيان – عن وفاتهما.
وطالب، إسرائيل بالكشف الفوري عن مصير المعتقلين المخفيين قسريًا، بما في ذلك الإفصاح عن أسمائهم وأماكن وجودهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه سلامتهم والوقف الفوري لعمليات التعذيب وسوء المعاملة.
كما طالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وظروف احتجازهم.
وشدد على ضرورة قيام المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والفريق العامل في حالات الاحتجاز التعسفي بإجراء تحقيق فوري ومحايد في ظروف وفاة جميع المعتقلين الذين قضوا في السجون الإسرائيلية منذ بدء إسرائيل حربها على قطاع غزة، واتخاذ الخطوات المناسبة لمحاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا.