"سليم".. فيلم انيميشن أردني عن المشاعر الإنسانية
تدعو مخرجة فيلم الأنيميشن الطويل "سليم" سينثيا مدانات شريعة، المشاهد نحو عيش تجربة إنسانية عميقة، حيث يطغى على طريقة السرد الطابع العاطفي بما يتعلق بالصحة العقلية للأطفال وأثرها على المديين القريب والبعيد. الفيلم الذي مثل الأردن في مهرجان "أنيسي" للرسوم المتحركة، يقف دليلا على تطور المشهد السينمائي التحريكي المحلي.
الفيلم الذي عرض أمس، في تاج سينما بعرض خاص وبتنظيم من الهيئة الملكية للأفلام؛ يغوص في عالم حزين، ويعرفنا على الشخصية الرئيسية التي تصبح رحلتها سردًا عالميًا للخسارة والشفاء.
رواية المخرجة للقصص مؤلمة ومؤثرة، حيث تتنقل في تعقيدات المشاعر بلمسة بارعة، من خلال قصة طفل عمره تسع سنوات تعرض لصدمات نفسية بسبب الحرب وفقدان أبيه، ينتقل لمدينة ثانية ويتعلم كيف يتعامل مع الضغوط النفسية، وبالوقت نفسه، يمشي في رحلة أمل وشفاء.
ما يميز "سليم" هو اندماجه السلس للثقافة الأردنية في السرد بدءا من العادات التقليدية إلى الروابط العائلية، ليرسم الفيلم صورة حية للثراء الثقافي في الأردن.
وتعرض مخرجته بمهارة، فسيفساء ثقافية لا تلقى صدى لدى الجماهير المحلية فحسب، بل توفر أيضًا نافذة على التقاليد الأردنية للمشاهد العالمية.
إتقان الرسوم المتحركة
الرسوم المتحركة في "سليم" تخطف الأنفاس. كل إطار هو عمل فني، شهادة على مهارة فريق الرسوم المتحركة. فالمرئيات لا تعزز السرد فحسب، بل تغمر الجمهور أيضًا في عالم مميز بصريًا يعكس عمق القصة.
"سليم" يعد أول فيلم أردني يتم اختياره في مهرجان أنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة الذي يعد من أكبر مهرجانات الرسوم المتحركة بالعالم، يقام بمدينة أنسي بفرنسا، وتقريباً يشارك فيه كل سنة ما يقارب 13 ألف شخص بأفلام متعددة وتترشح له أفلام من كل أنحاء العالم"، كما عرض مؤخرا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دروته الـ3 في جدة السعودية.
ترك "سليم" بصمة كبيرة على المسرح العالمي، تحدى الصور النمطية المرتبطة بالسينما في الأردن، مما يثبت أن القصص من المنطقة يمكن أن تلقى صدى لدى جماهير متنوعة في جميع أنحاء العالم، حيث صنعت المخرجة سينثيا عملا فنيا يغوص فيه الجمهور في رحلة عاطفية تعزز فهما أعمق للحزن والثقافة والتجربة الإنسانية.
رحلة عبر الإلهام والموضوعات
تنطلق سينثيا في "سليم" عبر رحلة مؤثرة، مستلهمة من موضوع الصحة العقلية للأطفال المتضررين من الصدمات، ولا سيما أولئك الذين تأثروا بالحقائق القاسية للحرب والنزوح. يعكس إنتاج الفيلم، الذي بدأ قبل خمس سنوات، عملية دقيقة بتقارب العمق العاطفي مع الأهمية الثقافية.
ميزة رسوم متحركة ثلاثية الأبعاد، يعكس "سليم" التزام المخرجة بنقل المشاعر، حيث تعاونت المخرجة مع فريقها الإبداعي وعملوا على إعطاء الأولوية لتعبيرات الوجه وتصميم الشخصيات والتمثيل الصوتي لضمان تصوير حقيقي للحزن.
الأهم من ذلك، حافظ الفريق على نهج حساس للصدمات، وتجنب المحفزات للأطفال الذين عانوا من الصدمات، وهو شعور تم التحقق منه من خلال التعاون مع خبير صدمات الأطفال الأردني الدكتور عصام سمير.
منذ فيلمها القصير "نور" الحائز على جوائز في العام 2016، تطور أسلوب إخراج سينثيا من خلال الجهود التعاونية. والانتقال من الأفلام القصيرة إلى فيلم مثل "سليم" والذي يسلط الضوء على أهمية العمل الجماعي. إذ كان للعمل مع فريق متنوع، بما في ذلك الفنانون العالميون، دور فعال في نمو التجربة لتظهر بتلك الصورة.
تعكس رحلة إنتاج الفيلم، من كتابة السيناريو إلى الرسوم المتحركة، منحنى التعلم، مع تأكيد أهمية الاستمتاع بالرحلة والتعلم من الأخطاء.