التحول الرقمي والبنوك الأردنية
حظي التحول الرقمي أو المعروف أيضا باسم الرقمنة باهتمام كبير في السنوات الأخيرة في جميع القطاعات، حيث أنه يلعب دورا مهما في بقاء المنظمات وتطوير أعمالها وزيادة قدرتها التنافسية، ولقد أدى مشهد التحول الرقمي إلى تغيير طريقة تقديم الخدمات المالية سواء من حيث الدفع المحلي أو عبر الحدود، ونظام الإقراض، وعروض إدارة الثروات، وصناعة التأمين.
ويعرًف التحول الرقمي بأنه استخدام التقنيات الرقمية لعمل تحسينات في الأعمال، مثل تحسين تجربة العملاء أو إنشاء نماذج أعمال جديدة، ولا يقتصر التحول الرقمي على الابتكار واستخدام التقنيات الجديدة كالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي فحسب، بل يشمل أيضًا الاستراتيجية ونموذج الأعمال والعمليات التجارية والهياكل التنظيمية والثقافة التنظيمية. بالتالي، يؤدي التحول الرقمي الى تكامل الأعمال من حيث استخدام التكنولوجيا وتحفيز الموظفين نحو التغيير والابتكار.
تمر الشركات والمؤسسات التعليمية والاتصالات والرعاية الصحية والمؤسسات المالية بتغيرات رقمية لها تأثير ملحوظ عليها، ويعتبر القطاع المصرفي من أكثر القطاعات تأثراً بالتحول الرقمي خاصة بعد كوفيد-19، حيث يحتل التحول الرقمي في البنوك المرتبة الثانية بعد الاتصالات، ليشمل التطورات التكنولوجية في أنظمة الخدمات المالية، ويلعب التحول الرقمي دورا مهما بالنسبة للبنوك لأن عمليات البنوك التجارية تعتمد بشكل كبير على معالجة المعلومات من جهة، ومن جهة أخرى الى حاجة البنوك لتجديد أعمالها باستمرار من خلال اتباع تقنيات جديدة وذلك لتلبية متطلبات عملائها.
وقد ساهم استخدام الابتكار التكنولوجي في القطاع المصرفي الى خلق ذكاء تنافسي وميزة تنافسية لأنه يساعد البنوك على تحسين خدماتها وفعالية التكلفة من حيث تقديم خدمات عالية الجودة بجهد أقل وسرعة أكثر، كما أن استخدام الابتكار التكنولوجي يوفر عددا أقل من الموظفين وفروعا تقليدية أقل، بالإضافة الى أنه يقلل من تكاليف المعاملات من خلال تزويد العملاء بالقدرة اللازمة لتنفيذ عملياتهم في أي مكان وفي أي وقت.
وفي عام 2020 بعد كوفيد-19، زادت البنوك من إدخال أدوات وعمليات رقمية جديدة، كزيادة المدفوعات الالكترونية بنسبة 41%، وفتح المنتج بنسبة 34%، وحجز المواعيد في الفروع بنسبة 25%، وطرق تحديد الهوية والتحقق الرقمية بنسبة 23%.
وفي الأردن، يتميز القطاع المصرفي بمشاركته العالية في الابتكار، وتتمتع معظم البنوك الأردنية بمعايير عالية من التميز من حيث التكنولوجيا، مع مرافق عالية التقنية وخدمات العملاء وتوجيه العملاء، حيث تتم حوسبة جميع المعاملات والعمليات، ويعمل القطاع المصرفي الأردني باستمرار على تطوير طرق جديدة للدفع وأنظمة مصرفية عن بعد لتسهيل المعاملات المصرفية.
وبناء على بيانات البنك المركزي الأردني، نلاحظ أن هناك زيادة واضحة في عدد المعاملات التي تعتمد على التحول الرقمي بشكل متسارع، فعلى سبيل المثال، في السنوات الخمسة الأخيرة ازدادت عدد بطاقات الدفع بمتوسط 9% سنويا، وتضاعفت المدفوعات عبر الهاتف المحمول من 8 الاف معاملة في عام 2017 الى أكثر من 25 ألف معاملة عام 2022، كما أن مدفوعات أي فواتيركم ارتفعت من 4 الآلف معاملة لعام 2017 الى أكثر من 34 ألف معاملة في عام 2022، وهذا يشير الى أن التحول الرقمي في القطاع المصرفي الأردني ينمو بوتيرة متسارعة.
وبالرغم من أن التحول الرقمي أظهر أنه يحسن أداء البنوك بشكل رئيسي من خلال خفض التكاليف والوصول الى أكبر شريحة من العملاء، الا أن البنوك تواجه تحديات مختلفة، وتشمل هذه التحديات انخفاض ولاء العملاء، وانخفاض هوامش الربح، ومخاطر استخدام التقنيات الجديدة، وتتطلب مستويات أعلى من التنظيم، والأساليب التي تركز على العملاء، وبسبب التغيرات التكنولوجية السريعة، تحتاج البنوك إلى تطوير نماذج أعمال جديدة، وإشراك موظفيها في هذه العملية، كذلك تحتاج الى تطوير موظفيها بشكل مستمر والتأكد من تكيفهم مع التغييرات التي تحدث في البيئات الداخلية والخارجية، إضافة الى ذلك يجب على البنوك التكيف مع التطورات الحالية في مجالات عدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، وتحليل البيانات، والحوسبة السحابية، والمواقع الإلكترونية