فاقد الدهشة من غير...!

- حين أصبح أبو زعيط يعتلي المشهد مزايداً، ضاق فاقد الدهشة، ذرعا في البحث عن علاج لأمراضه وأمراض الوطن المستعصية ، فمن خيبة الأمل بصديق صدوق ، إن إستثنينا أعرج عمان ، يلبي النداء عند الحاجة ، إلى شعور بالمرارة من المتنكرين لماض غير بعيد ، إلى أزمات متتالية أقلها البهتان والتزوير وتسديد الفواتير ، وكأن الأردن لم يعد عند بعض أهله بجدير أو يستحق التقدير ، فوقعنا بين زعلان وشمتان وأصابتنا لوثة الخذلان ، نتخبط كالممسوسين لا نفرق بين الطين والعجين ، فأضحى الجميع فاسد أو لعين في عرف أبو زعيط سيِّد العارفين ، يهدد ويمجد ، يشخر وينخر ، يتطاول ويعربد ومن ثم يحدد بمقياسه من هم الشرفاء ومن هم الفاسدين ، من هم العملاء ومن هم الوطنيين ، يوزع صكوك الغفران ويمنح الشهادات ويُرسّم القديسين ، يُبدل العباءات حسب ما يُقرر المعلم وطبيعة المهمات ، ولا يخلو الأمر من تجنيد لبعض المزعوطين ، لإعانة أبو زعيط للقفز من حيط إلى حيط .
- أما حالة من غير ، فهي اللا أدري...! فأحوالنا السياسية ، الإقتصادية والإجتماعية مدلوقة على بعضها ، ونحن في زمن السبهللة ، الذي سيقودنا إلى منطقة إنعدام الوزن ، إن بقي الحال على هذا المنوال ، نهب ونشب في حمأة الحرب على الفساد ، هذه الحرب المشروعة وبيارقها المرفوعة ،التي تستهدف فرسان المناصب والقامات وأصحاب الجاهات والوجاهات ، من ذوي الأسماء والمُسميات ، لا علاقة بها لفاقد الدهشة وصديقه أعرج عمان وأمثالهم من الضائعين ، في عمان ، البوادي والأرياف ، المحافظات والمخيمات ، ولا لذريتهم من الأبناء والبنات ، فهي حالة حصرية بقطاع المتنفذين وطبقة المسؤولين ، الذين لا يعرفون ولا يتعرفون على الأهل ، الأقارب إلا عندما تحاصرهم الملمات وتحوم حولهم الشبهات ، فيخرج من جحره أبو زعيط ، يتقافز وأعوانه من حيط إلى حيط ، لحماية النشمي عله لا يوسم بالوشم ، أما إن ضاق على النشمي الخناق وبرزت الوثائق والأوراق ، فمهمة أبو زعيط تعود لخلط الطين في العجين .
- فاقد الدهشة حزين وأعرج عمان لا يكف عن الأنين ، فحال هذا الثنائي كحال بقية الأردنيين الستة ملايين ، يبحثون عن العيش الكريم بأمن وسلام ، في وطن الحرية ، الديموقراطية ، سيادة القانون والعدالة الإجتماعية ، فالجميع يعمل من أجل الإصلاح السياسي ، الإقتصادي والإجتماعي ، بالحوار وعبر القنوات الدستورية ، والكل يشدد على إجتثاث الفساد ومحاكمة الفاسدين والمُفسدين ، لكن بدون أبوزعيط وبغير مزايدة أو مزايدين ، وعبر القضاء النزيه المؤتمن، وهو على إشاعة العدل والعدالة أمين ، هل وصلت رسالتنا يا قوم وهل في حديثنا ما يستحق اللوم...؟
- أيها الأردنيون ، ليس من شيمكم الخضوع ولا الركوع ، وإنما أنتم صلاة في محراب العزة والأنفة ، وسيف حق مشهرا في وجوه المخطئين والخاطئين ، يعالج الإعوجاج بالحُجة ولا يرتهن لنزوة أو غمزة ، قبائل وعشائر متجذرة في الأصالة ، تُكرم الضيف ، تحمي الجار وتلفظ الفُجّار وتُخرجهم من الديار ، تحافظون على العُرف والعادات ، مكارم الأخلاق والتسامح وتغرسوها في عقول النشامى والنشميات ، فأبناء القبائل والعشائر لا يفترون ولا يتطاولون ، ولا يثنيهم عن الحق إزعيط أو معيط من الذين إبتلي بهم الوطن ، يُألبون الناس على بعضهم البعض ، بحجة الدفاع عن هذه القبيلة أو تلك العشيرة ، هذه المحافظة أو تلك البادية ، في وقت يسير فيه الوطن على حد السيف بما يجري حوله من غائلات ، لا تقف عند ما يُمارس على الأردن من ضغوط مالية وإقتصادية ، ولا ما يُنبئ به الإقليم من بوادر حروب أو ما يدور حولنا من موت ،دماء ، مذابح وصراعات تفتح على المجهول ، في زمن السبهللة والامعقول ، هل وصلت الرسالة يا أصحاب العقول...؟
- بإختصار شديد ومن منطلق الواقع الموضوعي ، الذي فرض وما يزال يفرض نفسه على الأردنيين ، وكجردة حساب يتضح أن الأردن الدولة ، الشعب والجغرافيا قي عين المعاناة داخليا وخارجيا ، أما وإن كانت الأمور الداخلية تسير بالإتجاه الصحيح ، رُغم ما يشوبها من بُطئ ، عرقلة ، عقبات ومناكفات فإن أسرارها في كثير من جوانبها السياسية ، الإقتصادية والإجتماعية هي نتاج لما يدور حولنا ""خارجيا"" في الإقليم والعالم الذي يشهد مزاحمات دولية غير مسبوقة ، وتحديدا إزاء حالة الإستعصاء السورية ، وهو ما يُشغل رأس الدولة الأردنية حتى النخاع العظمي ، ناهيك عن فلسطين كحالة لها ما بعدها كمرض أردني مزمن ، وإن كانت مقولة العاقل من يحمي رأسه عند مزاحمة الدول ، تعني الفرد فقضايا الدول ، الأمم والشعوب هي كقضايا الأفراد ، وهو ما يعني أن الوطنية الأردنية تقتضي الآن الآن وليس غدا ، أن يكون الأردنيون جميعا جداراً مرصوصاً "بلوك" بدءاً من جلالة الملك إلى الطفل الذي ولد قبل ثانية ، لدرء ما قد يتهدد المملكة من مخاطر أو يصيبها من أذى ، في زمن السبهللة الذي خلط الطين العربي بعجينه ، وفزّع علينا العالم منقسما ليس غيرة من بعضه علينا وآخر كيدا لنا ، بل سعيا وراء مصالحه المتنامية عند هذا الطرف العربي وضعيفة عند ذاك ، هل وصلت الرسالة أيها الحريصون على الوطن ...؟
- آخر الكلام ، ليس مبالغة أن فاقد الدهشة وأعرج عمان يكاد الجوع أن يعضهما بأنيابه ، والأول يطلب شهادة وزير الإعلام راكان ، أما الثاني تخلى عن نبض الشارع بشعور الخذلان ، ورُغم ذلك فإن هذا الثنائي في حربهما على زعيط ومعيط ونطاط الحيط ما يزالان متحالفان ، يقرعان الأجراس لإيقاظ الناس بأن الأردن يستحق الصبر منا جميعا ، كما يستحق التضحية والفداء من شعب الشهامة والإباء ، حمى الله الأردن والأردنيين ، والله من وراء القصد .
نبيل عمرو-صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com