رئيس وزراء اسبانيا يدعو لضغط دولي لوقف حرب غزّة والاعتراف بدولة فلسطين
أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الخميس، عزّم حكومته إنهاء وجود التحالف الدولي «بزعامة واشنطن» في العراق، معبّراً عن رفضه الاعتداءات على القواعد العسكرية العراقية والبعثات الدبلوماسية والمساس بسيادة البلاد، وفيما أعرب نظيره الإسباني بيدرو سانشيز عن دعم بلاده أمن واستقرار العراق، مشدداً على أهمية وقف إطلاق النار في غزّة، واعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية.
ووصل رئيس الوزراء الإسباني إلى العاصمة الاتحادية بغداد، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء/ الخميس، في زيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية وجهها السوداني في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وذكر السوداني في مؤتمر صحافي عقده مع سانشيز أمس، أن «إسبانيا جزء من التحالف (المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية) وأشرنا إلى هذا الدور في دعم جهود العراق بمواجهة داعش التي انتصرنا عليها» مستدركاً بالقول: «نحن في طور إعادة ترتيب العلاقة، حيث في ظل وجود قوات عراقية متمكنة فإن الحكومة العراقية ماضية في اتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي الذي يضم مستشارين أمنيين يدعمون القوات الامنية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري».
أعمال عدائية
وتحدّث السوداني أيضاً عما وصفها «اعتداءات» حصلت مؤخرا على القواعد العسكرية العراقية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً «موقف الحكومة الرسمي والسياسي إزاء هذه الهجمات التي نعتقد أنها أعمال عدائية تضر المصلحة الوطنية للعراق، وتؤثر على أمن واستقرار البلد».
لكنه شدد، من جانب آخر، على أهمية «الالتزام بالتفويض القانوني الممنوح من قبل الحكومات العراقية السابقة لهذا الوجود، والذي يجب أن يكون ضمن إطار دعم القوات الامنية في مجالات التدريب والمشورة، ولا يتجاوز إلى حد القيام بأعمال عسكرية كونها تمثل المساس في السيادة العراقية، وهو امر مرفوض».
وأوضح أن حكومته «واعية وملتزمة وقادرة على القيام بواجباتها لحفظ أمن البعثات الدبلوماسية، واماكن وجود المستشارين الأمنيين».
وتطرق أيضاً إلى إجراء الجانبين «حواراً مهماً في اجتماع ثنائي واجتماع بين الوفدين، وأكدنا على أهمية العلاقة وتطويرها بين البلدين الصديقين» منوّهاً إلى أن هناك «فرصاً واعدة للنهوض بالعلاقات العراقية – الإسبانية في عدة مجالات».
وأشار إلى التأكيد خلال اجتماعه مع نظيره الإسباني على «إجراء تشاور دوري سنوي بين البلدين وأهمية عقد اللجنة العراقية – الإسبانية في دورتها 13 في بغداد منتصف العام المقبل» منوهاً بـ»توجيّه كل المؤسسات العراقية الانفتاح على نظيراتها في إسبانيا، وسيكون لدينا اجتماع مع الشركات الإسبانية اليوم».
فيما يتعلق بالحرب الدائرة في قطاع غزة، أعرب السوداني عن أمله بـ»مزيد من الضغط الدولي لإيقاف الحرب المدمرة في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية واطلاق سراح الأسرى والرهائن».
في حين أعرب سانشيز، خلال المؤتمر عن «امتنانه بحفاوة الاستقبال» مبينا أن «هذه الزيارة جاءت تلبية للدعوة التي وجهها رئيس الوزراء في أيلول/ سبتمبر الماضي».
وأوضح، أن «اللقاء مع رئيس الوزراء كان مثمراً» مؤكداً «عزمه للقاء رئيس الجمهورية والجنود الإسبان سواء تحالف مكافحة داعش أو في إطار حلف الناتو».
وأشار إلى «القضايا التي تم التطرق لها مع رئيس الوزراء» منوها إلى «العلاقات الجديدة المشتركة بين إسبانيا والعراق واستمرارها».
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية «الالتزام بأمن واستقرار العراق من خلال وجود الجنود في البلاد» لافتا إلى أن «جنرالا إسبانيا ومنذ أيار/ مايو الماضي يقود بعثة الناتو».
وأضاف أن «سيادة أمن واستقرار العراق إضافة إلى العلاقات الثنائية لها إمكانية كبيرة للتطور وسنقوم بإعلان مشترك بين إسبانيا والعراق، وسيتم تحديد مجالات العمل كافة وسيمثل خارطة طريق التعاون المستقبلي بين البلدين، وبالتالي تحديد أهداف طموحة على الصعد السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية».
ولفت إلى أن «تم الاتفاق على إجراء لقاء للجنة المختلطة المشتركة في بغداد في العام المقبل، وسيمثل هذا اللقاء محطة مهمة لدفع العلاقات إلى الأمام» مبينا أن «الاستعداد كبير من قبل الشركات الإسبانية في إطار المشاركة بتنمية العراق والمزيد من التعاون الأمر الذي يعود بالنفع على الجانبين».
ومضى يقول: «ناقشنا الوضع في الشرق الأوسط ودعم الحكومة لحماية القوات الدولية في العراق، فضلا عن الوضع المأساوي في غزة» معرباً عن رفضه «قتل المدنيين لاسيما الآلاف من الأطفال والنساء وتداعيات الوضع على السكان الفلسطينيين».
ودعا إلى «وقف إطلاق النار، ويجب التركيز على ايجاد حل بين الدولتين واعتراف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية والخطوات التي يجب اتخاذها».
كذلك عقد السوداني وسانشيز لقاءً ثنائياً وترأسا مباحثات وفدي البلدين.
ووفقاً لبيان أصدره مكتبه، فإن المباحثات الموسّعة بين الطرفين تناولت «مناقشة عدد من الملفات والمساعي لعقد الشراكات الاقتصادية، وتم الاتفاق على البدء بجهود مشتركة من أجل عقد اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين، واستئناف عمل اللجنة المشتركة بدورتها 13 مع منتصف العام الجديد».
«الفرص الواعدة»
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى «الفرص الواعدة والتعاون والشراكة مع الجانب الإسباني، وسبل إسهام الشركات الإسبانية الرائدة في مشاريع طريق التنمية، وكذلك التعاون في المجالات الأمنية والثقافية والبيئية والتنمية المستدامة، وإمكانية تحقيق تقدّم اقتصادي واستثماري يعود بالنفع المتبادل على الشعبين الصديقين».
وأكد «استعداد العراق للإفادة من الخبرات الإسبانية في مجال الطاقة الشمسية، والسياحة والآثار والجوانب المتعلقة بمواجهة التغيرات المناخية».
وتناولت المباحثات عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز المواقف الثنائية إزاء مختلف التحديات التي تشهدها المنطقة، إذ ثمن رئيس مجلس الوزراء مواقف الحكومة الإسبانية في «إدانة العدوان على غزّة، وخطواتها لدعم جهود إغاثة الشعب الفلسطيني» مجدداً تأكيده على ضرورة أن «يأخذ المجتمع الدولي دوره في إيقاف الانتهاكات الجسيمة التي تحصل في الأراضي الفلسطينية».
فيما أعرب رئيس الوزراء الإسباني عن رغبة بلاده بتطوير العلاقات مع العراق، خصوصاً في مجالات النقل والدفاع والتعليم ومواجهة التغيرات المناخية، داعياً العراق «للانضمام إلى تحالف دولي لمواجهة التصحر ومكافحة التغيرات المناخية».
وأشاد سانشيز، حسب البيان، بـ«دور العراق في ترسيخ الأمن بالمنطقة» مؤكداً أن «الشركات الإسبانية ستكون في خدمة خطط الحكومة العراقية» كما بين أن «ما يجري في فلسطين مسألة إنسانية» مؤكداً ضرورة «وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين والعمل على تأسيس دولة فلسطينية» كما أن بلاده «تشاطر الأمين العام للأمم المتحدة قلقه ومواقفه إزاء العدوان في فلسطين».
في السياق، التقى سانشيز رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، وبحثا القضية الفلسطينية بالإضافة إلى جمّلة ملفات تتعلق بتعزيز التعاون بين العراق وإسبانيا.
وحسب بيان رئاسي فإن اللقاء الذي حضره وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني، شهد بحث «آخر التطورات والمستجدات على الصعيدين الدولي والإقليمي، وجهود العراق الحثيثة في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».
وأكد رشيد موقف العراق «الداعم للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة» مشددا على وجوب «وقف العدوان والقصف على قطاع غزة والمدن الفلسطينية الأخرى والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية».
وأعرب رئيس الوزراء الإسباني عن حرص بلاده على «إدامة التعاون بين البلدين وتطوير العلاقات الثنائية» مشيدا بـ»دور العراق المحوري وجهوده في تقريب وجهات النظر بين عدد من دول المنطقة».
وأشار الرئيس العراقي إلى حرص بلاده على «تمتين علاقات الصداقة مع إسبانيا، والنهوض بها وتعزيزها في المجالات ذات الاهتمام المشترك، سيما الاقتصادية والبيئية والثقافية والزراعية والاستثمارية والطاقة المتجددة» مشددا على أن العراق «أصبح بيئة مستقرة وآمنة ويتطلع إلى مساهمة الشركات ورجال الأعمال الإسبان في عملية البناء والإعمار وتأهيل البنى التحتية والارتقاء بالواقع الصحي والتعليمي والخدمي، والاستفادة من الخبرات في تحقيق التنمية الشاملة، والتنسيق والتعاون بين الجانبين في مكافحة مخاطر الإرهاب والتطرف».