“سعيد الحظ”.. “غزاوي” يحصل على آخر 4 مسامير طبية في مستشفى
"سعيد الحظ”.. بات هذا اللقب يطلق في قطاع غزة على من يحظى بأدنى المستلزمات الصحية والإغاثية والمعيشية، التي تمكن صاحبها من البقاء على قيد الحياة.
الفلسطيني رياض أبو عودة، الذي أصيب في وقت سابق برصاص إسرائيلي قرب مستشفى العودة في بلدة جباليا شمالي القطاع، أحد الذين حالفهم الحظ وحصل على آخر 4 مسامير "بلاتين” كانت موجودة في المستشفى ليتمكن من إجراء عملية تثبيت الكسور في قدمه اليمنى المُصابة.
رياض أبو عودة الذي أصيب في وقت سابق برصاص إسرائيلي أحد الذين حالفهم الحظ وحصل على آخر 4 مسامير "بلاتين” ليتمكن من إجراء عملية تثبيت الكسور في قدمه
وقال أبو عودة، إنه حينما وصل إلى المستشفى مصابا كانت حالته "مستعجلة ولا تحتمل الانتظار”، موضحا أنه خضع لعملية تركيب "البلاتين”، في اليوم التالي من وصوله إلى المستشفى.
حينها قال له الطبيب المشرف على عمليته: "أنت سعيد الحظ، هذه آخر 4 مسامير بلاتين موجودة لدينا”.
وكان من الممكن أن يتعرض الفلسطيني أبو عودة لمضاعفات صحية خطيرة قد ينجم عنها "بتر في القدم”، في حال تأخر إجراء عمليته أو نفاد مسامير البلاتين.
ويصعد الجيش الإسرائيلي حربه على مستشفيات القطاع والطواقم الطبية والقطاع الصحي، ضمن حرب مدمرة على غزة يشنها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خلّفت حتى الأربعاء، 21 ألفا و110 شهيدا و55 ألفا و243 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
مصيدة إسرائيلية
وبالعودة إلى قصة إصابة أبو عودة، يقول إنه كان يقيم في محيط مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا (شمال)، حينما اقتحم الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة والمستشفى معا.
وبحسب بيان لوزارة الصحة بغزة، صدر في 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فإن الجيش اقتحم مستشفى كمال عدوان بعد حصاره وقصفه لعدة أيام.
ويضيف أبو عودة: "دخل الجنود إلى المبنى الذي كنا نجلس فيه، وطلبوا من الجميع الخروج، ثم اقتادونا للمستشفى”.
هناك، فصل الجيش الإسرائيلي الرجال عن النساء، ومن ثم طلب من الرجال ممن تتراوح أعمارهم بين 15-56 عاما، بالتقدم نحو شارع محدد، حيث كانت تجرى هناك عملية فحص (أمني) باستخدام كاميرا، وفق قوله.
وأشار إلى أن الجيش كان يصطحب بعض الأشخاص إلى أماكن مجهولة، بينما يعيد الآخرين إلى أرض فارغة بمساحة دونم تقريبا، حفرتها جرافاته.
نصبت قوات الجيش الإسرائيلي مصيدة للفلسطينيين فبعد أن اقتربوا من شارع المستشفى لمسافة تقدر بنحو 40-50 مترا، بدأ الجنود بإطلاق النار صوبهم عشوائيا
وبعد انتهاء عملية الفحص، طلب الجيش من الفلسطينيين الموجودين داخل تلك الأرض بالتوجه إلى شارع صلاح الدين الرئيسي، ومن ثم نحو المناطق الجنوبية من القطاع.
ووفق أبو عودة، بعد أن قطعوا مسافة طويلة مشيا على الأقدام، وهم مكبلي الأيدي، طلب منهم الجيش ثانية لتغيير الطريق والتوجه للجنوب، من شارع مستشفى "العودة”.
وأردف: "هناك، نصبت قوات الجيش الإسرائيلي مصيدة لهؤلاء الفلسطينيين فبعد أن اقتربوا من شارع المستشفى لمسافة تقدر بنحو 40-50 مترا، بدأ الجنود بإطلاق النار صوبهم عشوائيا”.
بعض الفلسطينيين نجحوا بالفرار إلى مناطق بعيدة، بينما استشهد وأصيب آخرون، وفق رواية أبو عودة.
من بين المصابين، كان أبو عودة وشقيقه الذي فارق الحياة فور إصابته، بينما بقي هو ينزف لفترة طويلة، حتى تم نقله إلى مستشفى العودة.
"الحي يرفع يده!”
بعد أن أطلق الجيش نيرانه صوب الفلسطينيين النازحين، صرخ جندي بأعلى صوته "من منكم ما زال حيا؟”، ليضيف "كل شخص حي يرفع يده؟”، وفق ما نقله أبو عودة.
أطلق الجيش نيرانه صوب الفلسطينيين النازحين، صرخ جندي بأعلى صوته "من منكم ما زال حيا؟”
وقال أبو عودة إن الجنود بدأوا بالتحقيق واستجواب كل شخص رفع يده حتى وإن كان مصابا.
وأوضح أنه صرخ نحو الجيش قائلا إنه مصاب، ليطلب منه أحد الجنود رفع يده لتمييزه.
واستكمل قائلا: "بدأ الجندي بتوجيه ضوء الليزر نحوي، ومن ثم طلب مني خلع ملابسي، الأمر الذي رفضته كوني مصابا”.
وأضاف: "بعد نحو 10 دقائق، سمح الجيش لاثنين من الفلسطينيين بنقلي إلى مستشفى العودة، في الوقت الذي كان يهددهم بعدم الالتفات يمينا أو يسارا وإلا سيتم إطلاق النار صوبهم، حيث كان الجنود يسيرون أمامهم”.
تهديد بالقتل
وقال أبو عودة إن الجيش الإسرائيلي أرسل معه قبل وصوله إلى المستشفى رسالة شفوية للآخرين بأن "أي شخص يخرج من المستشفى، سيموت”.
وأوضح أن قناصة الجيش كانت تستهدف كل جسم متحرك داخل المستشفى، بينهم إحدى عاملات النظافة التي تم قنصها من الخارج.
وتابع: "كان الوضع مرعبا، لم نتمكن من التحرك من أماكننا”.
وأشار إلى أن محيط المستشفى تعرض لقصف إسرائيلي عنيف، ما تسبب بتكسر شبابيك المستشفى، لافتا إلى أنه كان يرقد آنذاك في العناية المركزة ويتطاير زجاج النافذة المكسورة على وجوه الجرحى والمرضى هناك.
وفي ختام حديثه، قال إنهم كانوا يعيشون خلال تلك الفترة على نصف رغيف يوميا، وأحيانا إن حالفهم الحظ يتناولون طبقا من الأرز.
وفي منتصف ديسمبر الجاري، تعرض مستشفى العودة لحصار من الجيش الإسرائيلي المتوغل في المنطقة، بينما حول المشفى إلى "ثكنة عسكرية” بحسب وزارة الصحة في 19 من الشهر نفسه.