دعوة لـ«مَحكمة دوليّة جديدة».. هل تتبنّاها الدُول العربية/والإسلامية؟



دعوة لافتة ومثيرة جاءت في موعدها, بعد اللامبالاة التي أظهرتها المحكمة الجنائية الدولية مُمثّلة في مدّعيها العام كريم أحمد خان البريطاني الجنسية, الذي لم يحرّك ساكناً منذ زيارته اليتيمة إلى مستوطنات غلاف غزة الصهيونية, وإطلاقه تصريحات تنم عن انحياز فاضح للرواية الصهيوأميركية عن أحداث السابع من أكتوبر. بل هو على ما أكدت الوقائع والمعطيات «طمسَ» بوقاحة التحقيقات التي كانت بدأتها المدعية العامة السابقة للمحكمة/الغامبية فاتو بنسودا, في مثل هذه الأيام من العام 2019 (23/12), وقرارها إجراء تحقيق شامل في جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مُعلنة أن جرائم حرب (إرتُكبتْ أو تُرتكب) في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وفي قطاع غزة, طالِبة/بنسودا من المحكمة الدولية حُكماً بخصوص الأراضي المشمولة ضمن صلاحياتها.


طلب بنسودا أربكَ قادة دولة العدو وأحدثَ رُعباً وتخبّطاً في الأوساط الإسرائيلية, على ما ذكرت حينذاك الصحف الصهيونية, التي تساءل كُتّابها عما إذا كانت تل أبيب سترتدِع من قرار كهذا؟. وهناك من استذكرَ منهم تصريح نتنياهو في 14/1/2015 (بعد يومين فقط من تقدّم سلطة الحكم الذاتي في رام الله, بطلب الحصول على عضوية المحكمة الجنائية الدولية, في خطوة عارضَتها بالطبع الولايات المتحدة وإسرائيل). إذ قال مجرم الحرب نتنياهو أن «حكومته لن تسمح بإجبار أي جندي في الجيش الإسرائيلي, على المثول أمام الجنائية الدولية بِتُهم ارتكاب جرائم حرب»، مُؤكداً/ نتنياهو أن السلطة الفلسطينية إختارت ْ"المواجهة مع إسرائيل", مُضيفاً أن «قادة السلطة الفلسطينية الذين تحالفوا مع مجرمي الحرب من حركة حماس, هُم الذين مَن يجب أن يُحاكموا».


بعض هذه الوقائع كانت قبل أربع سنوات (طلب بنسودا فتح تحقيق), وأخرى قبل ثمان سنوات (عندما أعلن نتنياهو أنه «لن يسمح بمثول أي جندي صهيوني امام المحكمة, بِتُهم ارتكاب جرائم حرب").


لكننا الآن في أواخر العام 2023, وما يزال كريم أحمد خان يُواصل «الطمس على ملف التحقيق الذي فتحته (سلفه) بنسودا", بل خصوصاً أنه غابَ عن السمع والبصر في جرائم حرب الإبادة الجماعية, التي يرتكبها التحالف الصهيوأميركي في قطاع غزة), في ظلِّ ما كشفته صحيفة يديعوت احرونوت الصهيونية أمس الاثنين, أن «230» طائرة شحن و"30» سفينة نقل أميركية, وصلت إلى إسرائيل حاملة أسلحة وذخائر منذ بداية حرب الإبادة الجماعية, التي تواصلها دولة العدو الصهيوني في قطاع غزة.


ما علينا..


دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المَعني بـ"الحق في السَكنْ» بالاكريشنان راجاغوبال الى (تأسيس محكمة دولية جديدة, في حال عدم إتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات فعّالة, في وقت قصير جداً بشان جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة).


لافتاً/راجوغوبال إلى أن الأحداث الراهنة في غزة تعكِس «الإفلات المُؤسّسي من العقاب", مشيراً إلى أهمية «محاسبة الاحتلال وتوجيه الاتهامات بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وحتى الإبادة الجماعية».. مُبيناً قصده بالقول: «الإفلات من العقاب على الاحتلال وحرب الإبادة وجرائم الحرب, والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية", خاتماً دعوته على النحو التالي: إذا لم تتحرّك المحكمة الجنائية الدولية في وقت قريب جداً, فسوف نحتاج إلى محكمة دولية خاصة بغزة وإلى تحرّك من جانب الدول»..


هذه دعوة صريحة وواضحة لإنشاء محكمة خاصة بغزة, إذا لم يتحرّك كريم أحمد خان تحركاً جاداً وملموساً وسريعاً، ونحسب أن الدول العربية كما الإسلامية, التي يكاد معظمها لا يختلف مع دعوة كهذه, مدعوة اليوم قبل أي مضى للاستجابة والتحرّك السريع, أولاً في حثِّ والضغط علي مدعي عام الجنائية الدولية, وإلا ـ ثانياً ـ عليهم تبنّي دعوة بالاكريشنان راجاغوبال لإنشاء محكمة خاصة بغزة, على غرار المحكمة الخاصة بلبنان (التي أقيمت بضغط كبير من الولايات المتحدة وأتباعها في أوروبا, وهي محكمة ذات طابع دولي أقيمت في 1/3/2009 للتحقيق في التفجير الذي أودى برئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في 14 شباط 2005). كما المحكمة الخاصة بيوغسلافيا, التي أقيمت بقرار من «مجلس الامن» في 25/5/199، ما منحها الولاية القضائية حول عدة أنواع من «الجرائم المُرتكبة", في المنطقة التي كانت تمثل الاتحاد اليوغسلافي سابقاً منذ العام/1991, كما المُخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف ومُخالفة القوانين وارتكاب الجرائم, مثل الإبادة الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى.


في السطر الأخير.. أليس كل ما سبق من تعريف للجرائم المرتكبة, هو ما يقوم به جيش النازية الصهيونية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة؟.