نيسان اقترب فاحذروا هبته

زيارة الملك إلى المؤسسة الاستهلاكية العسكرية تشي بأنّه يعلم بحجم الأعباء الحياتية التي باتت تلقي بكاهلها على المواطن بسبب موجة الغلاء الأخيرة التي لا يمكن وصفها إلاّ بالغبية والخطيرة.
المؤسسات الاستهلاكية المدنية منها والعسكرية، لن تحل المشكلة، فالرواتب تتآكل منذ عشر سنوات بفعل تراجع قوّتها الشرائية، وكذلك التضخم لا زال مستمرا بالصعود، أما الحلول الترقيعية فلن تجدي نفعا ولن تحل المشكلة.
من ناحية أخرى ليس كل الأردنيين منتفعين من المؤسسات الاستهلاكية، فمن غير المعقول أن نعود مرة أخرى للتذكير بأنّ المجتمع الأردني أكبر من مجرد كونه فئة تستفيد من مؤسسات استهلاكية ضعيفة لن تستطيع أن تغلق الرتق مهما حاولت.
أجواء اليوم تذكّرنا بما كان في نيسان 1989، فأسعار النقل والكهرباء ارتفعت، وسيلحقها مواد تموينية مرتبطة بهما كاللحوم والدواجن وكل ما يمكن أن نضعه على المائدة.
هذا المشهد لن يسكت عليه المجتمع هذه المرة، فنحن لسنا بزمن حكومة الكباريتي، حيث السياق مختلف والغضب مستعر وقد انكشفت الأكاذيب وثبت أنّ الفساد زوّاره كثر، وهم مسؤولون في كل الأجهزة دون استثناء.
الأردني كاهله مثقل، والدولة تتحمّل كل ذلك، فهي التي أغرقته بهذا النمط الاستهلاكي المتطرف، وها هي تتخلّى عنه وتتمنن عليه رغم أنّه الممول الوحيد لميزانيتها.
مسكين مواطننا الأردني، يدفع من جيبه كل الميزانية من خلال الرسوم والضرائب، ورغم ذلك يحاصَر بالغلاء والتمنن عليه من خلال اسطوانة الدعم المشروخة.
قد يسأل البعض ما الحل، وماذا تملك الحكومة لرتق عجز الميزانية النازف؟ نقول لهؤلاء هذه ليست مشكلة الناس، إنّها مشكلة الإدارة وهي المطالبة باجتراح الحلول دون المساس بأمن المواطن المعيشي والاجتماعي.
ما يؤرّقني هو أنّه كيف تجرؤ الحكومة على اتخاذ قرارات غير شعبية في زمن يستسهل الناس الخروج فيه للشارع على النحو الذي نراه.
أيّ "استطقاع" أكبر من هذا تمارسه مجسّات النظام على المواطن وعلى مشاعره، ومن الذي يُلبس عليهم أنّ الوضع آمن مستتب، ألا يخافون من نيسان ومن اسمه ومن مقدمه؟! يالهم من متعثّرين بالعناد والغباء.
عمر عياصرة