فيتو أميركي «رابِع».. دعمٌ مُتجدِّد لإبادة الفلسطينيّين؟
ثماني مرات خلال خمسة ايام فقط، واصلت الولايات المتحدة تأجيل التصويت على «مشروع قرار» عبر حملتها المُركزة في مجلس الأمن, لإحباط أي محاولة لتضمينه عبارة «وقف إطلاق النار», سواء لأسباب إنسانية أم تحت أي تبرير آخر، بل لم تتوقف تلك المساعي الخبيثة والتخريبية عند هذا الإعتبار، بل مضت الى تفريغ القرار الهزيل الذي حمل الرقم(2722) من اي مضامين حقيقية, خصوصاً في شأن مسؤولية توزيع المساعدات وتفتيشها, على نحو يمنح جيش العدو الصهيوني مواصلة التأخير الطويل/المُتعمَّد لعبور الشاحنات حتى لجنوب القطاع, في وقت يواصل جيش القتلة بأسلحة وذخائر أميركية حملة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزّة, ويجري في الآن ذاته «بروفة» مماثلة في مدن ومخيمات الضفة المحتلة, حيث وصل عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري الى ازيد من خمسماية شهيد, فيما تجاوز عددهم منذ 7 أكتوبر الـ «300» شهيد. وهي/البروفة ما كان ألمح اليها مجرم الحرب نتنياهو, عندما قال: أنه «لا يستبعد حدوث شيء مماثل في يهودا والسامرة «, ولكن هذه المرّة مع «رجال امن سلطة الحكم الذاتي في رام الله».
أيّاً كان الوصف الذي سيُقال عن رفض واشنطن أي اشارة لوقف النار في غزّة, سواء قيل ان قرار مجلس الأمن/2722, جاء بلا انياب أو انه جاء على القياس الأميركي, ام تم اعتباره خالي الدسم، فإن واشنطن التي لجأت الى الفيتو لإحباط قرار يدعو لوقف النار, في الثامن من الشهر الجاري.على خلفية تفعيل امين عام الأمم المتحدة/المادة 99 من ميثاق المنظمة الدولية, وقول غوتيريش: «اننا وصلنا الى نقطة الإنكسار», مُحذّراً من ان هناك «خطراً كبيراً للإنهيار التام لنظام الدعم الإنساني في قطاع غزّة, ما سيُخلف عواقب وخيمة»، فإن الإزدراء المحمول على غطرسة, الذي ابدته ادارة بايدن لـ«13» دولة أيّدت القرار, فيما امتنعت بريطانيا (الشريك الأكثر حماسة «كما المانيا» في حرب الإبادة) عن التصويت, يؤشر إلى أن إدارة بايدن ــ كما الإدارات التي سبقتهاــ لا تُقيم وزناً للأسرة الدولية ولا لميثاق الأمم المتحدة.
الأمر الذي يستدعي أيضاً التوقف عند «التلاعب» في بنود مشروع القرار, الذي قادته المندوبة الأميركية في مجلس الأمن, بتوجيه من انتوني بلينكن وفريقه كما طاقم البيت الأبيض. على النحو الذي تم رصده في التعديلات «الجوهرية» التي جعلت من القرار/2722 مُجرد قصاصة ورق تضاف في النهاية الى ارشيف الأمم المتحدة, في ما خصّ القضية الفلسطينية منذ قيام الدولة الفاشية العنصرية على ارض فلسطين.
هو إذاً الفيتو الرابع الذي تلجأ اليه ادارة بايدن لإحباط دعوة لإيقاف النار في غزّة, ليصبح عدد الفيتوات الأميركية «84» منها «48» لصالح العدو الصهيوني, ويكون فيتو/اول أمس «الرابع» منذ 7 أكتوبر. الأول في8/10/2023, والثاني25/10/2023,والثالث 8/12/2023.
فيتو/أول أمس اتخذته واشنطن لإحباط «تعديل» اقترحه المندوب الروسي/فاسيلي نيبنزيا يدعو لوقف النار في غزّة، ما دفع الأخير للقول» ان مجلس الأمن «شهِد تصرّفاً غير مسؤول وقاسياً من جانب واشنطن, التي لجأت الى ادوات تخريبية مختلفة لمنع إصدار قرار بشأن غزّة»، والعالم يتساءل - تابع المندوب الروسي - لماذا أجّلنا الموافقة على مشروع القرار؟. مُجيباً:هذا كان بسبب الضغط والإبتزاز الأميركي, فإما ان يعتمد المجلس قراراً يُرضي واشنطن, أو «لا» يُعتمَد اي من القرارات التي تُطرح, ختم نبينزيا.
من السذاجة الإعتقاد ان تعقيب المندوب الروسي على الفيتو, يندرج في إطار تسجيل النقاط أو تصفية الحساب المفتوح بين موسكو وواشنطن, حيث علاقاتهما في حال من التدهور الأقرب الى القطيعة. إلاّ انه نطقَ الحقيقة بالفعل. إذ أيّدتْ «10» دول التعديل الروسي, فيما امتنعت سويسرا وبريطانيا والبانيا واليابان. خاصّة إذا علمنا ماهية التعديلات التي أدخلتها واشنطن على مشروع القرار/2722, الذي حظي بدعم 13 دولة. ورغم ذلك لم تُصوت المندوبة الأميركية لصالح المشروع الذي تم إقراره, بل «إمتنعتْ» عن التصويت (لأنه لم يتضمّن ادانة حركة حماس), كذلك امتنعتْ روسيا عن التصويت, لأن «القرار ضعيف ولا يُقدم مطلباً اساسياً للأمم المتحدة, وهو وقف الأعمال العدوانية,كما قال المندوب الروسي. فيما ينص القرار الذي تمّ اعتماده (بعد التعديلات التي أصرّت واشنطن على إدخالها عليه), على «خلق ظروف مُواتية لوقف مُستدام للأعمال العدائية».
فـ«من سيخلق هذه الظروف ومتى», إذا كان نتنياهو يُعلن بصلف ووقاحة انه ما في حربه الإجرامية حتى النهاية؟.