أكثر من 115.6 مليون دينار عجز الجامعات الرسمية و44 مليونا حجم المديونية


تيسير النعيمات

عمان – تعاني الجامعات الرسمية العشر من عجز في موازناتها يزيد على 6ر115 مليون دينار، الى جانب ارتفاع مديونيتها الى 44 مليون دينار بسبب تراجع دعمها ورفع رواتب أعضاء هيئاتها التدريسية وموظفيها، أمام عدم إمكانية رفع الرسوم، تحت وطأة اوضاع البلاد الاقتصادية الصعبة.
وتعتمد الجامعات العشر الاردنية، اليرموك، مؤتة، العلوم والتكنولوجيا، البلقاء التطبيقية، الحسين، الطفيلة التقنية، الهاشمية، الألمانية، وآل البيت، في إدارة شؤونها على الرسوم والدعم، اللذين لم يعد بإمكانهما دفع عجلة تطويرها وتحديثها.
كل ذلك يأتي في ظل ما تواجهه هذه الجامعات من زيادة في إعداد الطلبة المقبولين، ما يتطلب بالمقابل زيادة أعداد أعضاء الهيئة التدريسية والمباني والتجهيزات العامة والمتخصصة، ما يحتاج إلى إنفاق رأسمالي يناهز المليار دينار خلال عشرة أعوام، حسب خبراء في التعليم العالي ورؤساء جامعات.
وأدى تدهور الوضع المالي لهذه الجامعات، الى هجرة أعضاء من هيئاتها التدريسية، وتسرب كفاءاتها إلى الجامعات الخاصة في دول مجاورة، تقدم رواتب مرتفعة.
ويرى خبراء ورؤساء جامعات تحدثوا الى "الغد" ان الخروج من هذا التعثر، يتطلب جملة اجراءات فورية، تبدأ بالتركيز على التعليم التقني الذي يحتاجه سوق العمل، ووقف زيادة اعداد المقبولين سنويا في الجامعات الرسمية، وتخصيص مبلغ 395 مليون دينار لدعمها في الأعوام القليلة المقبلة.
كذلك وقف التوسع في برنامج الموازي، الذي يشكل ضغطا على هيئات التدريس والمرافق الجامعية، وإعادة النظر في مناهج التربية والتعليم، والتوجه نحو تخصصات الندرة برسوم جديدة.
واشار وزير تعليم عال أسبق، فضل عدم الكشف عن اسمه، الى ان مديونية الجامعات الرسمية وصلت في عهد حكومة الدكتور عدنان بدران عام 2005 الى نحو 120 مليون دينار، اذ اقترح حينها تسديد ديون الجامعات تدريجيا، فانخفضت آنذاك الى نحو 44 مليون دينار.
وبين الوزير السابق، انه تمت إعادة النظر في توزيع دعم الجامعات المالي، بحيث يعطى للجامعات القادرة على ادارة الموارد، وخصص 12 مليون دينار سنويا لسداد الديون.
واكد ان المبلغ المخصص في الموازنة العامة للدولة لدعم الجامعات لا يكفي، اذ يتبقى بعد خصم 10 ملايين دينار لصندوق دعم الطالب الفقير، ومثلها لسداد مديونية الجامعات نحو 45 مليون دينار، توزع على 10 جامعات رسمية تحظى الفقيرة منها بالنصيب الأكبر.
وأشار الى أن جامعات مثل الاردنية والبلقاء التطبيقية والعلوم والتكنولوجيا والهاشمية والألمانية، لديها ايرادات عن طريق برنامج الموازي في تخصصات الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة التي تشهد إقبالا، بينما تعاني الاخرى، من اوضاع صعبة، فضلا عن أن معظم الجامعات الفقيرة حديثة نسبيا وتحتاج الى بنى تحتية.
وبين ان الجامعات الفقيرة، كان لها دور تنموي عبر التوظيف لديها، ما ادى لارتفاع اعداد الموظفين على حساب الأكاديميين (6 موظفين لكل اكاديمي)، وهذا خلل كبير، اذ ان النسبة العالمية هي (واحد الى واحد)، ما زاد من نفقات الرواتب في هذه الجامعات، فازداد العجز والمديونية.
أما الإشكالية الاخرى وفق الوزير الأسبق، فتكمن في ان الجامعات لا تستطيع رفع الرسوم، والدراسات تؤكد ان الأسرة التي يصل متوسط دخلها الشهري الى الف دينار تستطيع الإنفاق على طالب جامعي واحد فقط، علما بأن الرسوم الجامعية تغطي 20 % من الكلفة الحقيقية للطالب.
أما التوسع في الموازي، فقال الوزير إنه يشكل ضغطا على الهيئة التدريسية والمرافق الجامعية، ما يؤدي الى انخفاض المستوى التعليمي، وتحتاج الجامعات الرسمية الى نحو 120 مليون دينار لأعوام مقبلة بمبلغ إجمالي يصل الى 395 مليونا حتى تتخلص من مديونيتها وعجز موازانتها.
ولكن ذلك، وفق الوزير السابق، لا يعني انتهاء المشكلة "فالأساس، هو التركيز على التعليم التقني بدل الأكاديمي، وعلينا وقف زيادة اعداد الطلبة المقبولين في الجامعات الرسمية، والتوسع في التعليم التقني ووقف او خفض البرامج الأكاديمية المشبعة في سوق العمل، اذ ان البطالة بين خريجي التعليم التقني لا تزيد على 5 %، فيما تزيد بين خريجي الاكاديمي على 24 %".
ودعا الى إعادة هيكلة المناهج والبرامج والتدريس في وزارة التربية والتعليم، وإعادة هيكلة التعليم المهني والتركيز على البحث العلمي الذي يمكن ان يجلب ايرادات للجامعات.
من جانبه، اكد رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور اخليف الطراونة، ان "المخرج الحقيقي هو في ان تضع الدولة التعليم العالي كأحد أهم اولوياتها، ففي ظل تناقص الدعم الحكومي ورفع رواتب اعضاء هيئات التدريس في الجامعات، وعدم إمكانية زيادة الرسوم الجامعية، ستبقى المشكلة قائمة".
ويرى الطراونة ان الجامعات الرسمية تحتاج سنويا الى نحو 120 مليون دينار، وإعادة توزيع ايرادات ضريبة الجامعات كما ترد للخزينة، وتحمل ادارات الجامعات لمسؤولياتها بالبحث عن وسائل رديفة لتعزيز ايراداتها عبر البحث العلمي المرتبط بالصناعة.
وشدد على تفعيل وتحسين إدارات صناديق الادخار والاستثمار في الجامعات، وفتح برامج دولية خارج الاردن، والتوسع في استقبال الطلبة الوافدين وإعادة النظر في سياسات القبول والتركيز على التعليم التقني لتلبية حاجات السوق المحلي والخليجي.
ويقترح الطراونة، زيادة المنح للطلبة الراغبين بالدراسة في جامعات الجنوب من خارج الاقليم، والتركيز على تدريس تخصصات الندرة في هذه الجامعات، لجذب الطلبة، ما يؤدي الى تحسن اوضاعها، فالتخصصات الندرة برسوم جديدة، تسهم بتحسين اوضاع تلك الجامعات.
بدوره، اكد رئيس الجامعة الاردنية بالوكالة الدكتور بشير الزعبي، اهمية الاستقلال المالي والاداري للجامعات، مشيرا الى أنه في ظل عدم إمكانية رفع الرسوم، تلجأ الجامعات مضطرة الى الموازي، اذ تصل ايرادات الجامعة الاردنية من رسوم الموازي الى 32 مليون دينار فيما يبلغ اجمالي الرسوم 54 مليون دينار.
وقال الزعبي ان "الاستقلالية تمكن الجامعات من فتح برامج جديدة بمناهج متطورة، تلبي حاجات سوق العمل وبرسوم جديدة تساعد الجامعات ماليا، كما ان توجيه البحث العلمي نحو الاختراع الذي يمكن ان يباع للشركات والمصانع والتعليم التقني، وإعادة النظر في مناهج التربية والتعليم منذ الصفوف ما بعد الاساسية، يساعد في حل الإشكالية".
وسجلت الجامعة الاردنية عام 2011، أعلى عجز في موازنات الجامعات الرسمية، إذ وصل الى (535ر22) مليون دينار، تلتها جامعة مؤتة (986ر17) مليون دينار، فيما كان العجز في أدناه بجامعة الطفيلة (3) ملايين دينار.
ويبلغ العجز في باقي الجامعات على النحو التالي: اليرموك (673ر5) مليون دينار، العلوم التكنولوجيا (6) ملايين، الهاشمية (494ر10) مليون، آل البيت (12) مليون، البلقاء التطبيقية (672ر17) مليون، جامعة الحسين بن طلال (061ر5) مليون والألمانية - الاردنية (197ر15) مليون.
وخصصت الحكومة في موازنة العام الحالي (55) مليون دينار لدعم الجامعات الحكومية، وتم تخصيص (10) ملايين من المبلغ المخصص لسداد جزء من مديونية الجامعات البالغة (44) مليون دينار، وسيوزع باقي الدعم البالغ (45) مليون دينار على الجامعات، وعلى نحو غير متساو، بحسب حجم مديونية كل جامعة وعدد الطلبة وحجم المباني فيها، علما بأن بعض الجامعات لا تعاني من مديونية نظرا لإيراداتها على عكس نظيراتها التي لا يوجد لديها أي إيرادات تدعمها.
وانخفضت مديونية الجامعات الرسمية من 8ر124 مليون دينار عام 2005 إلى نحو 86 مليونا عام 2009، بعد أن التزمت الحكومة عام 2005 بسداد هذا المبلغ خلال 10 أعوام وعدم التكفل بأي ديون جديدة للجامعات.
وبلغت مديونية كل جامعة عام 2009 على النحو التالي: الأردنية ( 045ر102ر8) دينارا، اليرموك (383ر797ر23)، العلوم والتكنولوجيا (874ر125ر34)، الحسين بن طلال ( 859ر33،000)، مؤتة (810ر023ر9) دنانير، الهاشمية (166ر166ر8)، آل البيت (000ر780ر7) دينار.
وسددت الحكومة منذ عام 2006 وحتى شهر حزيران (يونيو) 2009، (856ر515ر38) دينار من المبالغ المترتبة على الجامعات موزعة حسب الآتي: الأردنية (204ر470ر1) دنانير، اليرموك (969ر199ر8)، العلوم والتكنولوجيا (812ر975ر8)، الحسين بن طلال (446ر907ر9)، مؤتة (579ر278ر3)، الهاشمية (029ر279ر3)، آل البيت (817ر404ر3) دينارا.
وعزا خبراء أسباب مديونية الجامعات الرسمية الى: محدودية مصادر التمويل في الجامعات وانحصارها بالرسوم الجامعية التيب لا تغطي اكثر من 20 % من تكلفة الطالب والدعم الحكومي، وضعف الشراكة بين القطاع الخاص ومؤسسات التعليم العالي في مجالات البحث العلمي والدراسات العليا.
وتحتاج الجامعات، إلى إنفاق رأسمالي في الجامعات الرسمية للتوسع في المباني لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة، وارتفاع تكلفة ابتعاث الطلبة للجامعات الأجنبية وعدم التحاق مبعوثين اردنيين بجامعاتهم، بعد إكمال دراساتهم العليا في الدول المتقدمة صناعيا، خصوصا في التخصصات الحديثة المرتبطة بالعلوم والطب وتكنولوجيا المعلومات، وزيادة حجم النفقات بالنسبة للايرادات