الاسرائيليون يوجهون أسئلة للقادة بشأن مصير دولتهم الوهمية
ما هو سبب الشعور غير اللطيف والمخيف بأن وسائل الإعلام (التي كانت تسمى ذات يوم صحافة) لا تقول الحقيقة كاملة لنا؟ هل توجد رقابة أخرى غير الرقابة العسكرية؟ هل أحد يقرر لنا ما الصحيح الذي يجب أن نعرفه وما الذي لا يجب أن نعرفه؟ هل هناك أحد يفصلنا عن العالم الذي يرى ما لا نراه فنتفاجأ من عدائه؟ هذا الانفصال يخلق عدم الثقة والشعور بأنهم يتركوننا مكشوفين وبدون حماية لخطابات نتنياهو وغالانت.
لماذا يبعدوننا؟ بسبب الخوف من الضغط العام؛ لوقف الحرب وإعادة المخطوفين. هذا الضغط يهدد الحكومة والجيش. الجيش الإسرائيلي ونتنياهو، العدوان اللدودان في تحقيق "اليوم التالي”، يتوحدان حول نفس الهدف، وهو كسب الوقت. هما يريدان الاستمرار في القتال. نتنياهو من أجل تعزيز حكمه، والجيش من أجل ترميم صورته. المحللون معهم ولكن الجمهور لا.
المحللون ليسوا قناة لنقل المعلومات فقط، بل لا يمكنهم ترديد أقوال الجيش كما هو المحلل الاقتصادي؛ لا يجب عليه ترديد أقوال وزارة المالية. نير دبوري وألون بن دافيد وروعي شارون واور هيلر، لهم أقدمية ومعرفة، ورأي أيضاً. من المهم معرفة كيف سيؤثر موت المخطوفين على المجتمع الإسرائيلي، وماذا سيفعل لهم وقف إطلاق النار، ويجب عدم التملص بذريعة "لسنا سوى محللين عسكريين”. هم يعيشون هنا وليس في برج عاجي أكاديمي.
لهم دور، وهو إيصال المعلومات من الحكومة والجيش (هذا ما يفعلونه بإخلاص). ولهم دور آخر، وهو طرح الأسئلة التي تقلق الجمهور على الحكومة والجيش. ولكن لا يتم طرح الأسئلة ولا توجد إجابات، والأزمة تزداد. من أجل مصلحة الجمهور، سأطرح هنا عدة أسئلة كي يفحصها المحللون العسكريون:
· هل يعرض استمرار القتال حياة المخطوفين للخطر أو يقرب موعد إطلاق سراحهم؟
· هل يعرضنا وقف القتال للخطر؟
· هل يوجد ثمن لحياة الجنود، الذي هو مرتفع جداً؟
· هل هناك ثمن لحياة النساء والأطفال الغزيين، الذي هو مرتفع جدا؟
· هل من الصحيح التضحية بالمقاتلين من أجل إنقاذ جثامين قتلى؟
· هل المجتمع المنقسم والاقتصاد المضروب يمكنهما الصمود في حرب طويلة وتحمل ضحاياها؟
· هل يوجد في الأصل وضع يقولون فيه: كفى، لا يمكننا المواصلة هكذا؟
نريد معرفة كل شيء (ضمن قيود الرقابة). وعدد الخسائر المتراكم في ذاك اليوم (466 جندياً حتى 20/12)، لعدم التملص من الثمن الذي تجبيه الحرب منا، في بداية النشرات الإخبارية وليس فقط في موقع الجيش الإسرائيلي. عليكم الإبلاغ عن كل شيء، حتى لو كان من غير اللطيف سماعه. يجب أن نعرف بأن نحو 20 ألف مواطن، من النساء والأطفال الغزيين، قتلوا (هذا العدد لا يشمل أعضاء حماس)، حتى لو كان هذا التقرير سيغضب المصادر التي يأكل المحللون من يدها.
يجب أن يكون المحللون العسكريون في مكان المراقب المتشكك حتى في فترة الحرب، لا سيما في الحرب. ليس دورهم هو اقتراح الحلول التي يجب على الحكومة اقتراحها، بل الإشارة إلى الإخفاقات كي يتم إصلاحها. إذا كان مراقب الدولة يشير إلى الإخفاقات باسم الحكومة، فعلى المحللين فعل ذلك باسم الجمهور.
اتخذ المحللون العسكريون موقفهم في النقاشات الجارية حول استمرار القتال أو إطلاق سراح المخطوفين: هم مع الحكومة والجيش في التطلع إلى الانتصار العسكري، الذي لن يأتي كما يبدو. المخطوفون لا يساهمون في الطبعة المستمرة أكثر من "اللون” و”القصص الإنسانية”. لا يوجد أي محلل عسكري يضع المخطوفين على رأس سلم الأولويات. المحللون تنازلوا عنهم.
حتى هم أيضاً تفاجأوا مما حدث في 7 أكتوبر. المفاجأة لا تتركهم. الجنود الذين قاموا بالقتل تفاجأوا عندما اكتشفوا أن من قتلوهم هم من المخطوفين. ضابط رئيسي في الاستخبارات تفاجأ باقتحام الجدار، ونتنياهو تفاجأ من انهيار المفهوم. أيضاً المحللون العسكريون تفاجأوا، ولم لا؟ كيف يمكن لمن يلتصق بمؤخرة الجيش لا يرى ما يراه الجيش؟ ربما هم أيضاً يحلمون خفية، مع بيبي ورئيس الأركان، بتكرار عنتيبة في عملية عسكرية براقة لا مثيل لها، ستعمل على محو أو على الأقل نسيان عار 7 أكتوبر.