بفشلكم أمام حماس وأنفاقها.. لقادة إسرائيل: كيف ستواجهون “حزب الله”؟

يؤدي تعميق المعركة في غزة، كما هو متوقع، إلى العثور وإلى تدمير واسع لبنى الإرهاب التحتية: منشآت عسكرية مختلفة، كميات كبيرة من الأسلحة، ودرة التاج – منظومة الأنفاق الهائلة التي بنتها حماس في غزة.

ثمة نفق كهذا كشف للجمهور أول أمس؛ هو فريد من نوعه، لكن هناك أنفاقاً أخرى بأشكال مختلفة انكشفت بل وستنكشف هي الأخرى. مما جمع حتى الآن، يمكن أن نبلور بضعة مفاهيم، هي حرجة للحرب في غزة ولساحات أخرى أيضاً. المركزية منها تعنى بالمعلومات الاستخبارية المسبقة التي جمعت، وبقرار ما العمل بها لأجل تعطيل المخاطر والتهديدات.

إسرائيل لم تتفاجأ من منظومة الأنفاق في القطاع. فوجئت موضعياً بالأعماق، والمسارات، والارتباطات، وكثرة الفوهات وتنوعها، بل وحتى بأساليب الحفر. لكن اعتماد حماس على الأنفاق كطريقة قتال – هجومية ودفاعية ولأغراض التهريب – معروفة منذ أكثر من عقدين. وقدم الجيش لهذا جواباً من خلال الجدار الذي بناه، وصد الأنفاق التي تسللت إلى أراضي إسرائيل، لكنه لم يقتلع الطريقة.

النفق المحدد الذي وصل إلى معبر إيرز، والذي وصفه الجيش بالسحلبي، كان معروفاً منذ 2015 (ليس بكامله). وقد هوجم عدة مرات، وإن لم يكن بشكل منهاجي. كما أن أنفاقاً أخرى كانت معروفة نالت عملياً حصانة شبه كاملة، وعندما هوجمت كانت هناك صعوبة في معالجتها بشكل جذري؛ لأنها أقيمت عن قصد من تحت مناطق مأهولة باكتظاظ (جباليا، الشجاعية).

المرة الأخيرة التي استخدمت فيها إسرائيل قوة مكثفة ضد منظومة أنفاق حماس كانت في حملة "حارس الأسوار” في أيار 2021، ونفذت في حينه خطة "ضربة برق”، التي استهدفت حشر آلاف نشطاء حماس في الأنفاق وقتلهم. عملياً، الخدعة التي كان يفترض بها أن تهرب رجال حماس إلى الأنفاق نفذت بشكل جزئي وفاشل، وهوجمت الأنفاق بينما كان عدد القتلى فيها من منزلتين فقط. وهكذا فقدت إسرائيل خطة استراتيجية دون أن توجه ضربة مؤلمة للعدو وفي ظل إعطائه إمكانية استخلاص الدروس والتحسن.

إسرائيل أهملت، والعدو تحسن

في فترة السنتين والنصف الأخيرة، امتنعت إسرائيل منذئذ عن مهاجمة حماس بدعوى أنها مردوعة، وتم توجيهها إلى التسوية، وركزت على "الجهاد الإسلامي”. وكانت النتيجة أن حماس عملت بنشاط على تحسين منظومة أنفاقها، إلى أن هاجمت في السبت الأسود. كانت إسرائيل تعرف عن بعض الأمور وتجهل بعضها الآخر، لكن الاستخبارات لم تكن المشكلة الأساس في هذه القصة؛ فالمشكلة كانت في قرار الإبقاء على حماس وعدم المس بها، انطلاقاً من التفكير بأنها ليست المشكلة، بل الحل.

الأنفاق في هذه القصة هي مجرد أعراض، أما المرض فأخطر بكثير: جبال من المعلومات عن خطط ونوايا العدو لم تعالج بذرائع مختلفة ومتنوعة. المركزي منها هو التهديد المحدق من جانب "حزب الله” في الشمال والقرار الإسرائيلي الذي يعود إلى 17 سنة في عدم معالجته. عملياً، تفضل إسرائيل اليوم رداً جزئياً ومؤقتاً انطلاقاً من التفكير بأن تأجيل المشكلة سيحلها أيضاً.

لا حاجة لإسرائيل للخروج إلى حرب في كل يوم وعلى كل شيء، لكن لا يجب أن تحول الامتناع عن الحرب إلى أيديولوجيا. مشكلة الأنفاق، مثلما هي جملة تهديدات حماس الأخيرة ومخططاتها العملياتية وكذا "حزب الله” أيضاً – كانت معروفة للجميع طوال سنين، من رؤساء وزراء ومن دونهم. فما الذي قرروا عمله في هذا؟ لا شيء. الثمن الباهظ الذي دفع في 7 أكتوبر ويدفع كل يوم في غزة ينبع بقدر كبير من هذا الإخفاق.