لماذا رفضت إسرائيل حل الدولتين؟

استحضرت واحيت انتصارات المقاومة في قطاع غزة ملف القضية الفلسطينية الى اولويات سدة القضايا العالمية وعاد الحديث بقوة عن حل الدولتين بعد ان تراجعت لسنوات طويلة ونفضت الغبار عن مشاريع السلام العربية الإسرائيلية التي نادت بحل الدولتين، والتي افشلتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واخرها المبادرة العربية للسلام في بيروت 2002 المتوافق عليها عربيا واسلاميا والتي اعتمدت هدفها على انهاء الصراع العربي الإسرائيلي والانسحاب من الأراضي المحتلة وتحقيق حل الدولتين حيث اشترطت المبادرة العربية اعتراف الدول العربية الكامل بدولة إسرائيل مقابل انسحاب الاحتلال وإعطاء الفلسطينيين حق إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ولكن اسرائيل رفضت.

تسجل المقاومة الفلسطينية اليوم في معارك غزة الواسعة انتصاراً تاريخياً على قوات الاحتلال الإسرائيلي غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وقدمت في سبيل ذلك الاف الشهداء الفلسطينيين وصمد شعب غزة أمام حرب الإبادة الوحشية وأمام ماكينة إجرام قوات الاحتلال الإسرائيلي البربري المدعوم من مراكز القوى الغربية في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

كما فجر العدوان الإسرائيلي البربري الطويل على غزة ثورة بيضاء غير مسبوقة في إثارة الرأي العام المحلي العربي والعالمي وخصوصاً في الشارع الأوروبي والأميركي مطالباً بوقف العدوان الإسرائيلي وحفظ حقوق الفلسطينيين والتي وقفت حكوماتها بكل صلافة مع استمرار العدوان الإسرائيلي لإبادة الشعب الفلسطيني ورفضت مساعي وقف إطلاق النار في غزة.

فمنذ احتلال إسرائيل الواسع للأراضي العربية في فلسطين وسوريا ومصر عام 1967 تخلت إسرائيل عن قبول مضامين القرارات الدولية الداعية للسلام بين العرب وإسرائيل، وخصوصا القرارات 242 338وافشلت إسرائيل عمدا اتفاق اوسلو للسلام مع السلطة الفلسطينية منذعام 1993 بالرغم من انسحابها من غزة واريحا بعد انشاء مؤسسات الحكم الذاتي عام 1995 وأفشلت والغت الانتقال الى مفاوضات «الوضع الدائم» من اجل التوصل إلى اتفاق نهائي، من خلال التوسع بإنشاء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي العربية ووضع القيود الأمنية على الفلسطينيين وعلى السلطة الفلسطينية مما أدى الى افشال حل الدولتين.

واصلت إسرائيل بعد أن قتل المتطرفون اليهود إسحق رابين موقع السلام مع الأردن عام 1994 رفض الحديث والابتعاد عن حل الدولتين مدفوعة بتمسكها بأيدولوجيتها الدينية القومية بعد وصول التيار الديني والقومي الى قيادة الحكومات الإسرائيلية، تلك القائمة على ان ارض فلسطين التاريخية هي ارض إسرائيل و هي لليهود فقط ولا تسمح بقيام دولة بجانبها لكيلا تنحرف ايدولوجيتها الدينية، ولتعزيز ذلك سنت قانون القومية اليهودية عام 2018 حيث تعني ضمنيا انه لا تقريرللمصير للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.

من جهة أخرى تبنى الأردن الذي يحمل منذ عام 1924 ارث الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس أعباء تعزيز حل الدولتين في الوجدان العالمي ودخل في اتفاقية سلام مع الإسرائيليين عام 994 1عماده قرارات مجلس الامن 242 338 القائمين على تحقيق السلام في الاقليموحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967كما ربط الأردن منظوره للأمن الاستراتيجي الوطني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 لارتباطه مع قضايا الحل النهائي المؤجلة وهي القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والمياه وحق العودة.

اليوم وبعد انتصار المقاومة الفلسطينية الواضح وهزيمة جيش اسرائيل الذي لا يقهر وفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في تهجير وابادة الفلسطينيين، ووقوف الراي العام العالمي مع عدالة قضية الشعب الفلسطيني ومطالبتها بحل الدولتين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفي مقدمة الداعين لحل الدولتين الرئيس الأميركي والاتحاد الأوروبي نصل الى السؤال التالي كيف ترغم إسرائيل على حل الدولتين.

كيف يرغم المجتمع الدولي إسرائيل على قبول حل الدولتين؟ بالرغم من تعقيدات الأوضاع متعددة الأوجه بين الأطراف العربية والإسرائيلية وخصوصا الجانب الإسرائيلي المنقسم والجانب الفلسطيني الذي يعاني من إجراءات وتبعات الاحتلال الإسرائيلي منذ 57 سنة كما يعاني من تعثر المفاوضات ومسار عملية التسوية ودخول الفلسطينيين نفق الانقسام الداخلي وعدم توافق على المشروع الوطني حيث ان نقطة التحول في النضال الفلسطيني تبدأ من فلسطين ومن نضال الفلسطينيين على الأرض ومن غير الممكن التضامن عربيا وإقليميا واسلاميا وعالميا مع القضية الفلسطينية من دون التحرك لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

يمكن في سبيل إنجاح حل الدولتين ان نستشرف الخطوات التالية: 1- تحقيق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية من خلال الأمم المتحدة على حدود حزيران1967ومشاركتها الكاملة في المؤسسات الدولية ويمكن لمجموعة وتكتلات دول ان تبدأ هذه الخطوة بالتشاور مع العرب.

2–تحديد برنامج لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من أراضي الضفة الغربية وغزة والجولان ووقف بناء المستوطنات.

3- الرجوع الى قرارات مجلس الامن كلها وخصوصا الى قرارات حل الدولتين 242 338 من خلال الضغط الدولي والجهود الدبلوماسية واستعداد المجتمع الدولي للمشاركة بشكل هادف في عملية السلام.

4–الرجوع الى المبادرة العربية للسلام لعام 2002 وعليها توافق عربي واسلامي وهي تشترط الاعتراف بإسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة وحل عادل للاجئين الفلسطينيين وحل الدولتين والمبادرة العربية يمكن ان توفر اطارا لحل الدولتين.

5–عقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة بمشاركة أصحاب المصلحة الرئيسين والدول العظمى والاتحاد الأوروبي وغيرها.

6–قيام البعثة الدولية لتقصي الحقائق تحت اشراف مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي في الأراضي المحتلة لمحاسبة الجناة ودعم حل الدولتين 7- الضغط الدولي المستمر والمنسق من خلال تشكيل لجنة دولية على كل الأطراف للامتثال لالتزاماتها القانونية والدخول في مفاوضات وقد يكون الأردن ومصر من ضمن لجان مرجعية هذا التنسيق المتوافق عليه من الأمم المتحدة.

8–توفر الإرادة السياسية لصنع السلام لكل من إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين للدخول في مفاوضات وحلول وسط، وهذا يتطلب توافقا سياسيا لنظام الحكم الإسرائيلي المنقسم بين مؤيد ورافض لحل الدولتين وتوحيد جبهة الداخل الفلسطيني.