مشاهد من غزة: هل وضع الجيش السلم لنزول نتنياهو عن الشجرة؟

بينما تحذر هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير من تعرض حياة الأسير القيادي في حركة فتح القائد مروان البرغوثي للخطر، تحصل السلطة الفلسطينية في رام الله على مكافأة من الاحتلال بالإفراج عن أموال المقاصة.

الأسير البرغوثي نقل من سجن عوفر وعزل منذ ما يزيد عن أسبوع ورفض الاحتلال الإفصاح عن مكان عزله وادعى بأنه في سجن عزل "أيالون – الرملة"، واتضح لاحقا أنه نقل إلى عزل سجن "ريمونيم".

فيما كشفت القناة 12 العبرية عن تفاصيل تفاهمات أُبرمت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بوساطة أمريكية تتعلق بأزمة أموال المقاصة التي يحتجزها الاحتلال.

وذكرت القناة، أن التفاهمات تنص على تسليم السلطة للاحتلال قائمة بأسماء متلقي الرواتب في قطاع غزة، إذ "سيتم استثناء المسحوبين على حركة حماس من تلقي الرواتب، كشرط لتحويل حصة غزة من عائدات الضرائب"، والتي يرفض الاحتلال تحويلها منذ بداية الحرب.

هذا الإفراج جاء بوساطة من مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك ساليفان" توسط بين السلطة والاحتلال لإنهاء هذه الأزمة، خلال جولته الأخيرة في المنطقة.

وبناءً على التفاهم سيفحص الاحتلال قائمة متلقي الرواتب "للتأكد من خلوها من أسماء عناصر حماس، وبعدها سيقوم وزير المالية الإسرائيلي بتسليئيل سموتريتش بالمصادقة على تحويل عائدات الضرائب للسلطة".

وقرر الاحتلال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي خصم حصة قطاع غزة من فاتورة عائدات الضرائب ولم تقم بتحويلها للخزينة الفلسطينية.

وأعلنت السلطة رفضها تسلم بقية العائدات إلى حين العودة عن القرار؛ الأمر الذي تسبب بعجزها عن دفع الرواتب منذ ذلك الحين عدا 50% من قيمة رواتب شهر 10، والتي تم استقراضها من البنوك.

وفي مشهد ثالث بين وضع الأسير البرغوثي وبين إعادة أموال السلطة التي لعبت دورا أمينا كبيرا في عدم انخراط الضفة الغربية في المقاومة بشكل كامل وحاسم، تأتي الأنباء عن الإخفاقات العسكرية الكبرى في ساحة القتال بغزة، خصوصا ما يتعرض له أوى لواء في جيش الاحتلال وهو لواء غولاني.

موشيه كبلينسكي، القائد السابق لواء غولاني والنائب السابق لرئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، أكد إن اللواء فقد نحو ربع قواته المقاتلة منذ بدء عملية طوفان الأقصى وما تبعها من حرب برية على قطاع غزة بعد أن تكبج خسائر فادحة في الأرواح، بمقتل 82 جندياً وضابطاً من كتائبه على الأقل، فضلاً عن عدد كبير من المصابين.

وفي مشهد رابع ، وردت أكثر من إشارة لافتة من جيش الاحتلال إلى المستوى السياسي الإسرائيلي، تظهر فشله باستعادة أسراهم أحياء وتكشف عن فداحة الخسائر البشرية المدفوعة لقاء ذلك.

وكان من أبرز تلك الإشارات حديث المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس، بأن استعادة الأسرى عسكريا يمثل تحديا هائلا ومهمة صعبة للغاية، وأن العمليات التكتيكية لاستعادة الأسرى تعرض جنوده للخطر، ومن الجيد أن يتم ذلك بالوسائل الدبلوماسية.

أما الحدث الأبرز الذي طفا إلى السطح سريعا وأخذ منحى متصاعدا، فهو إعلان الجيش أنه قتل 3 أسرى محتجزين لدى المقاومة في الشجاعية، على الرغم من تلويحهم بأعلام بيضاء.

ورغم أن الجيش كان باستطاعته إبقاء ظروف مقتلهم طي الكتمان، كما جرى في حالات أخرى مشابهة، إلا أنه فضل الكشف عن الحادثة وفتح تحقيق أولي ونشر نتائجه سريعا.

ويعتقد مراقبون بأن هذه المؤشرات تدل بأن قيادة الجيش بدأت تشعر بأن نتنياهو يقودهم نحو المجهول، بوضعه أهدافا تفوق قدرات جيشه لضمان استمرار الحرب، في سبيل الحفاظ على مستقبله السياسي.

وكان واضحا أن ثمة خلافا حقيقيا في قيادة الجيش للضغط على القيادة السياسية، وخاصة الوزير غالانت لفتح باب المفاوضات من أجل استعادة الأسرى.

وهو ما دفع مستويات معينة لإخراج هذه المعلومات إلى الشارع ليتحول موقفه الداعم للحرب، ويتراجع شيئا فشيئا ويوفر بذلك سلم نزول للقيادة السياسية والعسكرية عن الشجرة التي صعدوا عليها ولم يحسنوا النزول.