الوزير السابق حازم الناصر في حوار مفصل عن الناقل الوطني وأهميته وتحدياته وفوائده
محمد نبيل
* الأردن لن يعطش بسبب اسرائيل أو غيرها
* فكرة الناقل الوطني ظهرت عام 2016.. وتكلفة المشروع تقترب من 4 مليار دولار.. ونحتاج الى 7 سنوات لتنفيذه.. والفائدة الاقتصادية كبيرة.. والقطاع الصناعي سيتنشط
* نعاني من عجز مائي بنسبة 150 مليون متر مكعب.. والناقل الوطني يوفر 300 مليون متر مكعب من المياه
* جلالة الملك تنبأ للمخاطر.. ووجه الحكومة لضرورة تنفيذه.. وقرارنا سيادي ولن نأتمن أحد على مياهنا
* لهذه الأسباب رفضت اسرائيل المشاركة في ناقل البحرين
قال الخبير ووزير المياه السابق حازم الناصر أن مشروع الناقل الوطني خرج الى العلن عام 2016، مبيناً أنه عمل وزملاؤه قبل خروج الفكرة على مدار سنين على مشروع ناقل البحرين والذي يهدف الى نقل المياه من البحر الاحمر الى البحر الميت للمحافظه على بيئته ورفع منسوبه، ولتحلية المياه، وأنه تم ادخال الجانب الفلسطيني كطرف ثالث لهذا الاتفاق وايصال المياه للضفه الغربيه وغزة أيضاً بحجم 32 مليون متر مكعب، وبعد طرح العطاء وعمل التصاميم وجلب التمويل اللازم للاستمرار بالمشروع، طالب الجانب الاسرائيلي بوقف العطاء، وقال بصريح العبارة ان هذا المشروع لا فائدة منه لاسرائيل، لأنه يخدم الجانب الأردني والفلسطيني ولا يخدمهم.
وأوضح في حديثه لـ"أخبار البلد" أن مشروع البحرين أردنياً وطنياً بصبغة اقليمية داخل الأراضي الأردنية، وأن رد اسرائيل كان رداً على منتقدي المشروع، مؤكداً أن البحر الميت لا يمكن مسه الا بموافقة الاحتلال، وأن القانون الدولي يشمل الجميع الا الكيان المحتل.
وأضاف الناصر، أنه وبعد الرد السلبي الاسرائيلي، بدأنا البحث عن حلول اخرى، وقمنا بطرح فكرة مشروع الناقل الوطني عام 2016 أثناء وجوده على رأس وزارة المياه، وتم مناقشة المشروع على أعلى المستويات نظراً لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية وعلاقته بالأمن المائي والغذائي والوطني، ونص المشروع في البداية على انشاء خط ناقل كبير من الديسي الى عمان كمرحلة اولى، وفي المرحلة الثانية انشاء خط ناقل من العقبة الى الديسي واستخدام الآبار الجوفية وتحليتها.
وبين بأنه تم عمل الدراسات اللازمة والجدوى الاقتصادية للمشروع وتم اجراء تغيير بسيط عليه لاحقا، وتقرر زيادة كمية المياه وأصبح مشروع تحلية بالكامل، وتضاعفت الكمية من 150 مليون الى 300 مليون متر مكعب، وهذا ما قادنا الى ما يسمى الآن مشروع الناقل الوطني.
وأشار الى أنه وفي عام 2018 بدأت الحكومة بالعمل على المشروع الحالي، وهو عمل محطة تحلية كبيرة على الشاطيء الجنوبي للبحر الأحمر ونقل المياه عبر خط كبير من محافظة العقبة الى عمان ومحافظات الوسط والشمال بتكلفة قد تصل الى 4 مليار دولار.
واعتبر الناصر المشروع بأنه ضخم وكبير جداً، يتطلب بنية تحتية وجهد كبير، وأنه تعرض لسوء ادارة بسبب بيئة العطاء، موضحاً أن جلالة الملك قد تنبأ للأمر وقام بتوجيه الحكومة الى أولوية المشروع لأنه أمر متعلق بالأمن الوطني ولا يستهان به.
وعن موعد الانتهاء من المشروع، قال أنه يحتاجمن عامين الى ثلاثة تقريباً لتجهيز الاتفاقيات وجلب التمويل اللازم ويحتاج هذا الأمر الى وقت، كما يحتاج الى 4 سنوات تقريباً لبدأ تنفيذ المشروع، وهذا الأمر يخالف ما صرحت به وزارة المياه سابقاً بأن المياه ستصل في عام 2027، حيث تنبه جلالة الملك لهذا الأمر أيضاً وقام بتوجيه الحكومة لسرعة العمل به وضرورة تكاتف الجهود ليدخل حيز التنفيذ باعتباره المشروع الأهم ذو الأولوية الكبرى..
وأشار الناصر الى أن المشروع هام جداً من الناحية الاقتصادية، خاصةً لبلد صغير مثل الأردن ونظراً لنموه الاقتصادي الضئيل والاخفاق في البيئة الاستثمارية، حيث من المتوقع أن يحرك تنفيذ المشروع جميع وكافة القطاعات، أسوةً بمشروع الديسي الذي كانت كلفته ثلث كلفة الناقل الوطني بـ 1.100 مليار دينار، وحرك الاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته.
ومن ناحية المياه، قال الناصر أن الأردن يعاني من عجز في مياه الشرب يصل الى 30% ما يعادل 150 مليون متر مكعب، لكن المشروع سيضخ 300 مليون متر مكعب، كما أن المياه المكررة ستزيد كميتها وستستخدم في الزراعة وستشكل فائدة اقتصادية كبيرة للقطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، ويمكن أيضاً التوسع في زراعة النخيل التي نصدر من خلالها ما يقارب 400 مليون دولار من التمور الى مختلف دول العالم.
أما عن الجانب السياسي، فذكر أنه سيوفر وسيعزز الاستقلال الذاتي في موضوع المياه، وسيصبح قرارنا سيادياً يعيداً عن الارتهان لغيرنا في موضوع المياه، وستكون لنا تجربة ناجحة في تنفيذ المشاريع الكبرى، وستتضاعف الزراعة مع استخدام الزراعة الذكية، كما أن علينا واجب وطني يقابل الناقل الوطني أيضاً.
وعن اتفاقية الماء مقابل الكهرباء التي وقعت مؤخراً مع اسرائيل، قال الناصر على أن الحكومة كانت أمام جبل من التحديات مما دفعها لإلغاء اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، مع أنه قيل أنه سيكون للأردن فائدة كبيرة من اتمام هذه الاتفاقية، مبيناً أنه لا يمانع إحضار المياه من الخارج، لكن بشرط تطوير بالقابل كمية مماثلة لتلك المستوردة، حتى تبقى المياه القادمة الينا من الخارج محدودة وضئيلة، لا تؤثر على الواقع حال حدوث أي متغير، مما يبقي أمن المياه في الأردن بوضع مستقر.
واعتبر أن ملف المياه هو ملف متشابك من مسؤولية الجميع، مؤكداً أن علينا واجب وطني بترشيد الاستهلاك؛ لأن هذا الموضوع يعتبر ملفاً وواجباً وطنياً على كل فرد، مشدداً لحاجتنا إلى إنشاء مركز وطني للابتكار وتطوير تكنولوجيا المياه أيضاً، كما يجب الاستفادة من المياه الجوفية المتوفرة بكثرة لحين موعد تنفيذ المشروع، والتي لنا معها باع طويل على مدار 20 عاماً في الأردن، لأنها تبقى الخيار الأوفر نظراً لكلفتها المالية المنخفضة، بالإضافة لانتشارها بجميع مناطق المملكة؛ ولكنها أيضاً بحاجة للمزيد من الدراسة للتعامل معها بأنسب طريقة، وهذا الأمر يطمئن الأردنيين "بأننا لن نعطش بسبب اسرائيل ولا غيرها" بعد إلغاء اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، مع العلم أن الإطار الزمني لتنفيذ هذه الاتفاقية التي ألغيت ليس بعيدا عن موعد تنفيذ الناقل الوطني,
وعن آليات تمويل مشروع الناقل الوطني مالياً، قال الناصر أنه يوجد جهد كبير بخصوصه، تحديداً على الحكومة بما يتعلق بمسألة بتسويقه، اذ يمكننا تسويقه عن طريق ملف اللجوء، وملف التغير المناخي أيضاً، كونه يعتمد على الطاقة المتجددة كما قال جلالة الملك، ويمكننا أيضاً جلب التمويل من صناديق التغير المناخي، كما يمكن تسويقه من خلال كون الأردن دولة وسطية تحارب الإرهاب لجلب التمويل المستمر.
وعن سبب عزوف الشركات عن تقديم عروض لتنفيذ المشروع قال أن البيئة الإستثمارية الحاضنة لم تكن جاذبة؛ حيث لم يتم تقديم إلاعرض واحد من شركة واحدة.