إعلام الحكومة فشل ونجح الإضراب

عظمة وجمالية الإضراب اليوم أنه جاء بدون قرار رسمي، وبدون تدخل النقابات المهنية المذعورة التي خرجت تماما من وظيفتها الأخرى الاجتماعية والوطنية، وأيضا بدون دعم من الأحزاب الوهمية المصطنعة التي أثبتت أنها معزولة تماما عن الشارع، ولم تستطع حتى أن تتفق على موقف واحد! وبدون مجلس النواب الذي يعاني من غياب وجودي عن الشارع.

القرار كان قرار المواطن الذي قاطع ولم يذهب للشراء أو العمل، وقرار التاجر وصاحب المصلحة التجارية الذي فضل خسارة إيرادات يوم على أن يخسر ضميره ووطنيته في معركة العزة والشرف، فكانوا عند الموعد بإغلاق محلاتهم التجارية.

كان بإمكان الحكومة إعلان اليوم عطلة وتسجل موقفا وطنيا، أو أقلها تعطيل المدارس والجامعات وتأجيل امتحانات هذا اليوم، لكن يبدو أن الحكومة أخذت برأي بعض مستشاريها المنفصلين عن الواقع، واكتفت بما تقوم به الماكينة الإعلامية من جهود في تخويف المواطنين من الآثار السلبية في الاقتصاد.

ورغم الهجمة على الإضراب من نشطاء وصحفيين لا وزن لهم عند المواطن، فقد نفذ أصحاب المحال التجارية الإضراب بكل حب وطواعية ورضا وعن قناعة، فكان اليوم كأنه يوم حظر من أيام "كوفيد19"، المحلات مغلقة وحركة السيارات والمواطنين خفيفة، وسط البلد المزدحم دائماً كان شبه فارغ من المواطنين وحتى من السياح.

الماكنة الإعلامية للحكومة فشلت أمام نبض الشارع ووطنية أصحاب المحال والمصالح التجارية الذي ادعى بعض الكتاب بأن مصالحهم ستتضرر، وبأن الاقتصاد سيتضرر، ولم يتضرر أحد ولا يحزنون، وكان اليوم كله خير لأنه من أجل غزة العزة.

وأظن أنه على الحكومات أن تعيد حساباتها وتعرف أن المواطن لم يعد يهتم بما يقال عبر إعلامها وصحفها، وبأنه وصل مرحلة الفطام عن الإعلام التقليدي الممل والفارغ من المحتوى.