مصادر الطاقة النظيفة في مكافحة التغير المناخي

 في ظل التغيرات المناخية والبيئية السلبية التي تؤثرعلى الجميع في العالم دون منطقة عن غيرها لكننا لا نتأثر بالتساوي بفعل التلوث والانبعاثات الكربونية وحرق الوقود الأحفوري وعقد المؤتمرات العالمية على أعلى المستويات واخرها بقمة المناخ المنعقدة حاليا في مدينة دبي لمواجهة مخاطر واثار التغير المناخي والحد منها وضمان استدامة الحياة على كوكب الأرض ، تزداد الحاجة الى مضادر طاقة بديلة ونظيفة وغير تقليدية لتحل تدريجيا في الاستخدام  محل الطاقة الملوثة ولو استغرقت عملية الاحلال وقتا لطبيعة الحال بالنسبة لها. 

وتبذل  جهود محلية وعربية  ودولية وأممية  في المساهمة بقضية المناخ وربطه  بأمور أساسية وواضحة ، وربط تمويل المناخ بالاستثمار في الطاقة المتجددة وتسريع مشاريعها والمساهمة في ايجاد الحلول المناخية وأهميتها في التصدي  للتغير المناخي .    
وتعرف الطاقة المتجددة بأنها كل مصدر طاقة يتجدد في الطبيعة لا متناه  ، وتتركز في الشمس والرياح والمياه . 

وفيما يلي استعراض لأبرز مصادر الطاقة المتجددة ، وأوجه الاستفادة منها :- 

1-الطاقة الشمسية : وتكمن في ضوء الشمس الذي هو أحد مصادر الطاقة الأكثر وفرة على الأرض  وهي أكثر من اجمالي متطلبات الطاقة لمدة عام . 

2- طاقة الرياح : وهي مصدر وفير للطاقة النظيفة وتساهم في تأمين الكهرباء عبر مزارع الرياح .
 
3-الطاقة المائية :  الأكثر تطورا تجاريا من خلال بناء سدود لتخزين المياه .

وتم الاعلان في قمة المناخ عن تعهدات دولية بقيمة 777 مليون دولار لمكافحة أمرض مدارية مهملة ، وتم توقيع اتفاقيات في مشاريع طاقة الرياح ، واطلاق مجموعات استثمارية ادوات لازالة الكربون من سلاسل التوريد ، وتوقيع 70 دولة لاعلان بشأن " المناخ والاغاتة والتعافي والسلام " ، واطلاق تحالف أفريقي اماراتي لمبادرة " التصنيع الأخضر " ، وتعهد 50 شركة نفط عالمية بالحد من الكربون بحلول عام 2030  حيث يقوم غاز ثاني أكسيد الكربون بشري المنشأ بحبس حرارة الشمس ويزيد الاحتباس الحراري ويؤثر في التوازن الاشعاعي للأرض ويعرض حياة الكائنات الطبيعية البرية والبحرية والشعب المرجانية للخطر والانقراض  التي تضمحل وتتضاءل باستمرار ويتوقع خبراء أن الحيوانات البرية ستنقرض في غضون     10 سنوات ما لم يتغير سلوك الأفراد والجماعات على حد سواء وأربك مواسم المطر والجفاف لا سيما في القارة الافريقية التي تلقت الكثير من الوعود بالتمويل لكن التنفيذ قليل . 

 وتم ايضا خلال القمة انضمام الولايات المتحدة الى تحالف للتخلي عن الفحم ، واعلان منظمة الصحة العالمية أن تغير المناخ أنتج أخطارا صحية " مباشرة وحالية " ، وتدشين أول جناح للأديان في مؤتمرات المناخ  واعلان شيخ الأزهر أن الأرض وما عليها أمانة في رقبة الانسان وبابا الفاتيكان يدعو لنشر السلام وحماية الأرض . 

فيما تقوم دول بتبني أدوات ووسائل للحد من اثار التغير المناخي والبيئي  ، ومن أبرزها ما يلي :- 
1- صندوق الخسائر والأضرار الذي تم انشاؤه في قمة المناخ الحالية بقيمة 30 مليار دولار ، وترحيب البنك الدولي باستضافة مقر الصندوق واشارته الى أن أموال الصندوق التي تم جمعها خلال المؤتمر شحيحة والبالغة 400 مليون دولار . 
 
ووفق مديرة صندوق النقد ال دولي ، فان الصتدوق خطوة هامة في مواجهة أزمة المناخ ويجب تكثيف الجهود عالميا للتحول للاقتصاد الأخضر ووضع سياسات مناخية شفافة وبسيطة ومن الضروري مساعدة الدول النامية والفقيرة لمواجهة أزمة المناخ وتفعيل دور القطاع الخاص في التمويل المناخي أمر بالغ الأهمية ويجب ازالة الحواجز والعقبات لاطلاق امكانيات القطاع الخاص للاستثمارات المناخية وتوجيه تدفق الأموال نحو الأسواق الناشئة  . 

2-اصدار صكوك أو سندات خضراء مستدامة ، للتنويع في استراتيجيات الاستثمار والابتكار والاستدامة  والأدوات والعملة والأسواق لتحقيق نظام اقتصادي جديد والاعتماد أساسا على الاقتصاد الأخضر في نمويل المشاريع الجديدة   

3- الكف عن استخدام الوقود الأحفوري سيكون بداية وقف التغير المناخي . 

 وتنتقد أوبيك وكالة الطاقة الدولية حول مسؤولية صناعة النفط والغاز بأزمة المناخ وأن الوكالة تتجاهل الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها وأن أمن الطاقة والحصول عليها يجب أن يسيرا جنبا الى جنب مع الحد من الانبعاثات ،  واعلان وزارة الطاقة الاماراتية أن الاستثمارات في قطاع النفط والغاز ضرورية لتجنب " بيئة التسعير المرتفعة " خلال التحول الأخضر . 

4-مبادرات لتحويل مخلفات البلاستيك لأعمال فنية حفاظا على البيئة كما في أثيوبيا التي تعمل أيضا على  تكثيف جهودها في زيادة التشجير و سن القوانين التي تمنع القطع الجائر للأشجار الذي يلحق أضرارا بالبيئة واستخدام الأشجار كوقود يعد واحدا من التحديات المطروحة . 

5-استخدام النفايات مصدرا لانتاج الطاقة  ، حيث يقدرخبراء  أن 70% من النفايات يمكن تحويلها الى طاقة ويمكن من خلال حرق المخلفات استرداد ثلثي النفايات كوقود محايد للكربون وحرقها في درجات حرارة مرتفعة لتوليد بخار ومن المتوقع أن تنمو نفايات العالم الى 3،4 مليار طن بحلول عام 2050 .

وقد أطلقت تركيا مشروع صفر نفايات في مواجهة تغير المناخ و يستهدف معالجة 100 ألف طن من النفايات يوميا ، وتفاعل شعبي تركي مع المشروع وسط تشجيع للمساهمة في حماية البيئة ، ويشجع المشروع السكان على بيع المخلفات وكسب النقود. 

6-لقطاع التجارة العالمية دور مهم في العمل المناخي والاستدامة وأمامه فرص لتخفيض الانبعاثات الكربونية عالميا ، ويبلغ حجم القطاع 25 تريليون دولار ويشكل 25% من حجم الاقتصاد العالمي

7- دعوة السلطات في بعض البلدان مثل تايلاند المزارعين لزراعة محاصيل تحتاج كميات مياه أقل ، والهند تمدد حظر تصدير الأرز للعام 2024  لدعم المعروض محليا والحفاظ على الأمن الغذائي بعد تضرر المحصول من الأمطار الموسمية والفيضانات بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف . 

8-وعلى المستوى المحلي والعربي ، فان الأردن ينفذ مشروعات في مجال الطاقة المتجددة وزيادة نسبتها في مزيج الطاقة الكلي ويحفز المستثمرين عليها وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية والسعي   لأن تصبح المملكة مركزا اقليميا للهيدروجين الأخضر . 

وعربيا هناك زخم كبير في منطقة الشرق الأوسط بخصوص الاستدامة والاقتصاد الأخضر وتخفيض الانبعاثات من المباني ، وقد أطلقت السعودية مبادرة " السعودية الخضراء " لزراعة 10 مليارات شجرة وحماية 30% من بيئات المملكة حبث تم زراعة أكثر من 8،4 مليون شجرة حتى الان واستصلاح 60 ألف هكتار في عام 2022 وتهدف لاستثمارات بنحو 266 مليار دولار لتوليد طاقة أنظف ، وتأسيس مصنع للهيدروجين الأخضر بقدرة 600 طن يوميا لمواجهة تحديات الطاقة وينتج عن طريق تقسيم المياه الى هيدروجين وأوكسجين باستخدام الكهرباء المتجددة ويوصف "بوقود المستقبل " وقابل للتخزين مما يسمح باستخدامه لاحقا لأغراض أخرى وفي أوقات غير مباشرة بعد انتاجه ، وتعمل السعودية أيضا على تقليل الانبعاثات الكربونية بحجم 278 مليون طن سنويا بحلول 2030 ، وارتفعت نسبة الغطاء النباتي بنحو 6،5% وتعمل وزارة الاستثمار على تطبيق كافة المعايير العالمية لتكون شركة أرامكو النفطية أقل وأنظف الانبعاثات ، أما الكويت فقد أعلنت أن نسبة الانبعاثات الكربونية فيها قليلة مقارنة بالمستوى العالمي  وأكثر من 25% من مساحة الكويت محميات بيئية ، والعراق يعد خامس دولة في العالم من حبث شدة التأثر بالتغيرات المناخية و يفقد نصف مساحاته المزروعة ضحية  شح الأمطار والجفاف والتصحر وتفاقم ظاهرة الهجرة من الريف الى المدينة والخطط الزراعية تشمل 50% فقط  من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد حسب وزارة الزراعة العراقية . 

9-أما شمال افريقيا الذي يضم دولا عربية الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية  يعتبر السودان من أبرز ضحايا تغير المناخ جراء الفيضانات والجفاف والانبعاثات ويأمل أن يكون جزءا من المستفيدين بالتمويل من صندوق المناخ ، و باقي القارة الافريقية  فقد بحثت حكوماتها في أيلول الماضي عددا من المشروعات للتخفيف من حدة التغيرات المناخية وسبل القضاء  على المجاعات التي تشهدها بعض دولها بسبب التصحر والجفاف لغياب الأمطار .   

10-امكانية الاستفادة من تمويلات البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية ويبلغ رأسماله 100 مليار دولار ، ويقدم تمويلات منخفضة التكاليف في قطاعات النقل والطاقة وبلغ اجمالي تمويلات الأنشطة المناخية التي قدمها البنك 12 مليار دولار ، ويدعو القطاع الخاص الى تعزيز مشاركته في مشروعات البنية التحتية  . 

11-وعلى مستوى الولايات المتحدة ،  فقد أعلنت عن استثمار مبلغ 1،2 مليار دولار لمكافحة الاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية الى الغلاف الجوي ، وحسب محللون سياسيون أميركيون  فان 57% من االأميركيين غير راضين عن السياسات المناخية للرئيس الأميركي لأنهم لا يفهمونها وغير راضين عن أداء الادارة الأميركية في مواجهة لتغير المناخي ، وأن 27% من الأميركيين على دراية بالاصلاحات التشريعية بشأن التغير المناخي . 

 أما أوروبا فهي منهكة من التغيرات المناخية وفشل في التكيف مع الحرارة ، وحسب مفوضية الطاقة الأوروبية فان الطاقة المتجددة رهان القارة الأوروبية لتحقيق أمن الطاقة ومن المهم  مضاعفة مصادرها ثلاث مرات وتدعم الوظائف الخضراء ومؤشرات ايجابية من شركات النفط والغاز لخفض الانبعاثات وخصصنا استثمارات ضخمة لضمان أمن الطاقة بالاتحاد الأوروبي ، وقد أقرت ايطاليا مؤخرا خطة بقيمة 30 مليار دولار لتشجيع الاستثمارات الخضراء . 

12-  الملابس المستعملة:  وحسب التقارير الاقتصادية المتعلقة بها فان زخمها يعود بسبب الأوضاع الاقتصادية والتغيرات المناخية والانتعاش العالمي لسوق الملابس المستعملة يشمل الى جانب البلدان منخفضة الدخل الدول المتقدمة ، وسوق السلع المستعملة وصل الى 177 مليار دولار في 2022 وسيصل الى 351 مليار دولار بحلول سنة 2027 ، وشركات ناشئة استثمرت في سوق الملابس المستعملة وأنشأت منصات رقمية ، ومساهمة الملابس المستعملة في الاقتصاد الدائري ساهمت في زخم القطاع وسوق الملابس المستعملة في المنطقة العربية يخلق فرص عمل كبيرة