هل تخلى الاحتلال عن أسراه لدى المقاومة؟
مع دخول الحرب الوحشية على قطاع غزة أمس يومها الـ59، يستأنف جيش الاحتلال الصهيوني عدوانه الغاشم على مناطق متفرقة من غزة لليوم الرابع على التوالي، ليبقى السؤال الأبرز: هل تخلى الكيان عن الإفراج عن بقية المحتجزين في القطاع وعددهم 137 من أجل هوسه وتعطشه في مواصلة عدوانه على القطاع، وارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين الأبرياء، بغية القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
الى ذلك، رأى خبراء سياسيون، أن الكيان، يعطي أولوية قصوى للقضاء على "حماس" وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية الاخرى في غزة، باعتباره الهدف الرئيس الإستراتيجي له.
وبينوا في أحاديثهم لــ"الغد"، أن الكيان لم يتخل عن أسراه نهائيا، ولكن هناك تحولا في العقيدة الصهيونية، إذ يبقي أهدافا يتطلع لتحقيقها بهدف تحريرهم تحت النار.
وفي هذا السياق، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات، إن الكيان يعطي الأولوية القصوى للقضاء على حماس وفصائل المقاومة في غزة، باعتباره هدفه الرئيس والإستراتيجي.
وبين شنيكات، أن الهدف التالي له، الإفراج عن بقية الأسرى الصهاينة، عبر معادلة طفل من الاحتلال يقابله 3 اطفال فلسطينيين، وامرأة صهيوينة يقابلها 3 نساء فلسطينيات، وهكذا.
واشار الى انه بعد انتهاء الإفراج عن الاطفال والنساء من سجون الاحتلال، قررت حماس وفصائل المقاومة، تغيير معادلة المقايضة بالنسبة للعسكريين والرجال الذين يخدمون في الجيش الصهيوني، لكن الكيان رفض ذلك، وشن حربه، بعدما أعاد تجهيز جيشه وتكتيكاته، كما حصل على أسلحة جديدة تخترق التحصينات وغيرها من أميركا والغرب، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وبين شنيكات، أن الكيان قد يخسر أسراه خلال قصفه المكثف للقطاع، موضحا بأن هناك ضغطا داخليا على حكومة الكيان، بخاصة من ذوي الاسرى الذين يدعون لاستئناف المفاوضات، والحصول على صفقة تبادل، تتوافق مع شروط حماس، بخاصة وان حماس تطرح تبييض سجون الاحتلال، مقابل الإفراج عن أسراه عندها.
وأكد أن هذه المعادلة لها من يؤيدها عند الاحتلال، وهناك من يرفضها كوزير الدفاع واعضاء من "الكابينت" الصهيوني، فهم يعطون الاولوية للحرب للقضاء على المقاومة، لخلق حالة ردع كما يزعمون، وإعادة ترتيب أمور القطاع، بما يتوافق ومصلحتهم. كذلك فإنهم يرون بأنهم قد يخسرون ويضطرون لتقبل صفقات تفرضها حماس، ولكن حتى اللحظة، يميل تأييد الرأي العام لصالح الحرب لا للأسرى.
بدوره، قال النائب السابق د.هايل ودعان الدعجة، إن ملف الأسرى عند صانع القرار الصهيوني، وبالذات رئيس حكومة العدو المتطرف بنيامين نتنياهو، لا يحظى بالاولوية والاهتمام، واذا ما كانت له من أمنية، فهي قتلهم جميعا، تماهيا مع العقيدة العسكرية لهذا الكيان الغاصب، الذي يجيز قتل اي عسكري في الميدان، اذا ما شعر بأنه سيقع أسيرا.
وأضاف، ان هذا الامر يعيدنا للأخبار التي تحدثت عن قتل الكيان مدنيين وعسكريين في غلاف غزة، عند اجتياح المقاومة الفلسطينية له في 7 اكتوبر الماضي، تماشيا مع ما يسمى ببروتوكول هانيبال الذي يجيز للجيش قتل أسراه، حتى لا يشكل ملف الاسرى ضغطا يدفعه لايقاف القتال والدخول في تفاوض عليهم، كما حدث في الهدن المؤقتة التي جرت قبل ايام بضغط أميركي وغربي، ما اضطره لكسره واختراقه تعطشا لارتكاب المجازر و جرائم الحرب ضد الغزيين، والمرافق المدنية، وغيرها، انسجاما مع عقلية القلعة التي تسيطر على ذهنيته المتطرفة.
وبين الدعجة، أن معركة غزة هي معركة نتنياهو الخاصة التي يحاول إطالتها قدر المستطاع، بعد انتهاء مستقبله السياسي، ومعركة التيار الديني المتطرف ايضا، الذي بات هو الآخر خارج حسابات الناخب الصهيوني، ومن الطبيعي الا يسمحان لملف الأسرى، بإعاقة نهجهما بالاستمرار في الحرب الوحشية.
وقال إن الضغط الداخلي لعائلات الاسرى ضد حكومة نتنياهو، ودعوات وقف اطلاق النار وتحرير أبنائهم، والتداعيات الداخلية السلبية التي تحدثها تصريحات المفرج عنهم من المقاومة المشيدة بالمعاملة الإنسانية والاخلاقية للمقاومة، غيرت من الانطباع السلبي الذي تحاول ماكنة الغعلام الصهيونية تسويقه ضدها، وكشف زيفها على وقع المشاهد واللقطات الانسانية التي سطرتها المقاومة، امام العالم اثناء تسليمها لأسرى صهيانة للصليب الاحمر، ما يؤكد أن ملف الأسرى يشكل أداة ضغط على صانع القرار الصهيوني ويربك حساباته وأجنداته الإجرامية.
وشاركهم الرأي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، الذي اعتبر أن هذه الحرب كشفت عن تحول جديد في الإستراتيجية والذهنية العسكرية الصهيونية، والتي تتمحور حول ان الكيان يجري تحولا كبيرا بشأن أسراه لدى حماس.
وقال الماضي، إن الكيان يبدو أنه وصل لمرحلة لا يريد فيها الخضوع للمقاومة، كما كان في السابق، وهو امام سيناريوهين: الاول، قيامه بنفسه بتحرير أسراه، دون دفع أثمان سياسية وعسكرية، اما الثاني، فيتمثل بعدم تحريرهم، والتضحية بهم من أجل الكيان.
وأكد ماضي، أن هذا التحول لا يعني بأن هناك تخليا كاملا عن أسراه، فهناك محاولات لدى جيشه وقيادته تتعلق بتدمير غزة، بخاصة المنطقة الشمالية منها، قد تؤدي للوصول لبعضهم، لكن كل ذلك فشل، ما ولد نوعا من الحقد لدى قياداته المتطرفة على حماس.
وبين ماضي أن من القضايا المهمة التي تبرز ولم يساعد الكيان على العمل بكثافة للوصول لأسراه، هي أن معلوماته الاستخباراتية لم تعد كما كانت سابقا، وهذا مرده لبراعة المقاومة في تعاملها مع العملاء، والتربية الوطنية الدينية التي نشرتها حماس في صفوف الفلسطينيين، بحيث قلصت أعدادهم المتعاونين مع العدو بشكل كبير جدا.