أستاذ جامعي إسرائيلي: عمليا ليست هناك حكومة في إسرائيل اليوم.. وتدمير حماس غير قابل للتحقيق
في مقابلة مع موقع "ميديابارت” الإخباري- الاستقصائي الفرنسي، قال مناحيم كلاين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان في إسرائيل، إنّ اهتمام الجمهور الإسرائيلي يتركز بشكل أساسي على ضحايا الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وكذلك عودة الرهائن. وأضاف "لا يتم نشر سوى القليل جدًا من المعلومات في وسائل الإعلام الرئيسية والقنوات التلفزيونية والصحف حول الضحايا المدنيين ومعاناتهم والأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
مناحيم كلاين: لا يتم نشر سوى القليل جدا من المعلومات في وسائل الإعلام الرئيسية والقنوات التلفزيونية والصحف حول الضحايا المدنيين ومعاناتهم والأزمة الإنسانية في قطاع غزة
وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من صدمة عميقة ويعيش الناس في وسط حالة من الخوف، وانعدام الثقة في القادة. و”كانت حالة انعدام الثقة هذه موجوداً بالفعل قبل الحرب، وتفاقمت أكثر مع الحرب، مع وجود حكومة مختلة لا تقدم الخدمات للسكان في جنوب إسرائيل، بجوار قطاع غزة، ولا لأولئك الذين يعيشون في الشمال، بالقرب من الحدود اللبنانية. فعملياً لا توجد اليوم دولة وحكومة في إسرائيل . لذلك ليس هناك شخصية الأب، ولا يوجد جد يعتني بالمجتمع الخائف والمصاب بالصدمة يهدئه”.
وأضاف الباحث الذي ألف العديد من الكتب حول القضية الإسرائيلية- الفلسطينية، وشارك في العديد من المفاوضات غير الرسمية، أنه أمر لا يصدق أن نرى مدى سوء أداء خدمات الدولة حيث يقوم متطوعو المجتمع المدني بتقديم المكملات الغذائية للجنود وشراء الملابس الدافئة والجوارب والملابس الداخلية لهم. هؤلاء هم الأفراد والمطاعم والمقاهي الذين يرسلون وجبات ساخنة للنازحين الذين تم إجلاؤهم من المنطقة القريبة من قطاع غزة والشمال بالقرب من الحدود مع لبنان، والذين يضطرون للعيش في الفنادق وفي أماكن أخرى. هناك مجموعات تجمع خبراء التكنولوجيا المتقدمة لمعرفة مكان وجود الرهائن في قطاع غزة. ولذلك فإن المجتمع المدني يساعد الحكومة”.
واعتبر مناحيم كلاين أن الحكومة الإسرائيلية مختلة ولا يمكن الوثوق برئيسها بنيامين نتنياهو "أعضاء الوزارات هم ناشطون سياسيون يعينهم الوزراء، ومؤهلهم الوحيد هو أنهم موالون لهم، وهذا هو الحال في وزارتي النقل والسياحة، و هو الحال أيضاً في مكتب رئيس الوزراء والذي يعد مديره موالياً لبنيامين نتنياهو، لكنه لا يملك المهارات اللازمة لإدارة جميع مهام مجلس الوزراء. لذلك فإن الدولة الإسرائيلية تفتقر إلى شخص يمكن أن يعتمد عليه الجمهور والأشخاص الخائفون والمجتمع المصاب بصدمات نفسية.. فلا يوجد روزفلت أو تشرشل أو بن غوريون اليوم”.
مناحيم كلاين: أعضاء الحكومة يريدون الانتقام وإعادة بناء سمعتهم بعد صدمة ومفاجأة هجوم حماس في السابع من أكتوبر
ويضيف كلاين "أعضاء الحكومة لديهم الدافع للانتقام، ويريدون الانتقام وإعادة بناء سمعتهم بعد صدمة ومفاجأة هجوم حماس في السابع من أكتوبر، ويعتقدون أن ذلك ممكنا بفضل القوة العسكرية. لقد أعلنوا عن أهداف حربية طموحة للغاية وراديكالية للغاية وغير قابلة للتحقيق”. واعتبر أن تدمير حماس أمر غير قابل للتحقيق، وأن ذلك أيضاً ما يعتقده الأمريكيون، الذين حاولوا إقناع الحكومة الإسرائيلية بتغيير أهدافها الحربية، دون جدوى حتى الآن.
وأشار إلى أن هناك ضغوطا من القوميين المتدينين لإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة التي تم إخلاؤها في عام 2005 وحتى بعد ذلك. ويطالب البعض بإعادة إعمار ثلاث بلدات استيطانية في قطاع غزة، على أنقاض مدينة غزة. حتى أنهم قدموا مخططا هندسيا يتضمن العدد الدقيق للوحدات السكنية. الخطة الإسرائيلية هي استئناف الحرب على نطاق واسع، إما لاستكمال ما بدأته في شمال قطاع غزة، لأن هناك مناطق في شمال القطاع لم تدمرها إسرائيل ولم تسيطر عليها بعد، أو أن يفعلوا الشيء نفسه في جنوب قطاع غزة، بينما يطردون المدنيين الفلسطينيين إلى غرب القطاع بالقرب من شاطئ البحر، أو أن يفعلوا الأمرين معا.
اعتبر كلاين أن تدمير حماس أمر غير قابل للتحقيق، وأن ذلك أيضاً ما يعتقده الأمريكيون، الذين حاولوا إقناع الحكومة الإسرائيلية بتغيير أهدافها الحربية، دون جدوى
واعتبر الباحث والأستاذ الجامعيّ الإسرائيلي أنه من المستحيل تهجير مليوني إنسان من المدنيين من جنوب قطاع غزة دون خلق كارثة إنسانية جديدة. وبالتالي فإن الخطوة التالية لا تعتمد على المنظور الإسرائيلي، بل على استعداد المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على التوقف. أولاً، لأن هناك المزيد من المظاهرات الحاشدة في العواصم العالمية. ثانياً، لأن عدد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الذين قُتلوا لم يسبق له مثيل. وهذا أكثر من أي صراع آخر في هذا القرن.
ولفت إلى أن منظمة إنقاذ الطفولة (اليونيسف) نشرت إحصائيات تظهر أن عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال بضعة أسابيع في غزة على يد إسرائيل أكبر من عدد الأطفال الذين قُتلوا خلال العام بأكمله في أي صراع آخر في العالم، معتبراً أن هذا النطاق غير المسبوق هو الذي لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمله. وهناك أصوات معينة داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية، نقلتها وسائل الإعلام الأمريكية، مثل صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست، تلقي اللوم على بايدن وبلينكن لتساهلهما مع إسرائيل. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بايدن في طريقه لخسارة الانتخابات لأن التقدميين لن يتوجهوا للتصويت.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن على المجتمع الدولي أن يطالب نتنياهو بوقف الحرب. وفي الوقت نفسه، عليه أن يقدم مبادئ حل الدولتين. ويجب أن تكون العملية مختلفة عن عملية أوسلو، التي كانت عملية مفتوحة.