ما التحديات المتربصة بالاقتصاد الوطني خلال العام المقبل؟
على مدار السنوات الماضية ظل الاقتصاد الأردني يواجه مشكلات كبرى غذتها أزمات وتوترات جيوسياسية في الإقليم والعالم ما كبح في كثير من الأحيان طموحاته نحو تحقيق نمو مستدام.
ومع قرب دخول العام الجديد، الذي يحل على وقع مستجد العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، تطفو على السطح تساؤلات عدة حول أبرز التحديات التي تنتظر الاقتصاد الوطني خلال العام الجديد وكيف يمكن التعامل معها ومعالجتها؟
ويرى خبراء اقتصاديون أن أبرز التحديات التي ستواجه الاقتصاد الأردني العام المقبل تتمثل في تحدي استمرار تواضع معدلات النمو الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تحدي ارتفاع كلفة المنتج الاقتصادي المحلي والذي يحد من قدرة القطاعات الإنتاجية على التوسع والمنافسة وزيادة الفرص التصديرية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي.
ويرى خبراء اقتصاديون أن أبرز التحديات التي ستواجه الاقتصاد الأردني العام المقبل تتمثل في تحدي استمرار تواضع معدلات النمو الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تحدي ارتفاع كلفة المنتج الاقتصادي المحلي والذي يحد من قدرة القطاعات الإنتاجية على التوسع والمنافسة وزيادة الفرص التصديرية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي.
ويضاف إلى ذلك استمرار تحديات ارتفاع معدلات البطالة ونسب الفقر والمديونية العامة إلى جانب التحديات الجديدة لقطاعي المياه والطاقة، وتحدي تراجع الإيرادات العامة والنشاط السياحي التي ستفرضها تداعيات العدوان الصهيوني على غزة.
ولمعالجة هذه التحديات والتقليل من حدة تأثيرها على الاقتصاد الوطني طالب الخبراء بضرورة انتهاج سياسات اقتصادية جديدة وواقعية، إضافة إلى المضي بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف في الأساس معالجة أغلب هذه التحديات، إلى جانب وجوب التوجه إلى الشراكة الحقيقية بين القطاعين الخاص والعام.
كما طالب الخبراء بأهمية التوجه إلى دعم الطاقة النظيفة وتوسعة استخدامها للحد من كلف الطاقة على القطاعات الإنتاجية، إضافة إلى إقامة السكك الحديد للتغلب على تحدي ارتفاع أسعار الشحن وأجور النقل، إلى جانب الإسراع في إصلاح القطاع المالي ومعالجة مشكلات المالية العامة، فضلا عن إعادة النظر بالسياسات التي تنتهجها الحكومة في مجال العمل والتشغيل ولا سيما الخاصة بالأجور.
وقال الخبير الاقتصادي أحمد عوض "التحدي الأكبر الذي سيواجه الاقتصاد الأردني خلال العام المقبل يكمن في استمرار الضغط على معدلات النمو الاقتصادي، التي ستبقى متواضعة إلى حد ما وأقل من المأمول، وهذا ما توقعته الحكومة في تقديراتها للموازنة العامة لعام 2024 والذي قدرت فيه معدل النمو بـ 2.7 % وهو أقل من المستهدف في رؤية التحديث الاقتصادي والمقدر بمعدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمتوسط 5.6 % بين الأعوام 2023 و2033".
وأشار عوض إلى أن الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة، ستلقي بآثار سلبية على تدفق الاستثمارات إلى الأردن ويقلل من فرص استقطابها للاستثمارات ما سيضغط بدوره على معدلات النمو الاقتصادي، ما يعني بالضرورة استمرارا لعدة مشكلات وتحديات أخرى تواجه الاقتصاد المحلي ومنها نسب البطالة المرتفعة وتزايد مستويات الفقر.
وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية نمت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق الأردني بشكل كبير خلال 9 أشهر من العام الحالي بعد إجراء الحكومة مجموعة من الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار في المملكة وفي مقدمتها قانون البيئة الاسثتمارية الجديد.
وارتفع حجم الاستثمارات المستفيدة من قانون البيئة الاستثمارية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 بنسبة 34 % ليصل إلى 878.5 مليون دينار مقارنة بـ 656.9 مليون دينار خلال ذات الفترة من عام 2022.
وبهدف الحد من تأثير هذا التحدي على الاقتصاد الوطني وانعكاسه على مؤشراته دعا عوض إلى ضرورة دعم الحكومة الاستثمارات الداخلية والتوجه إلى الشراكة الحقيقية بين القطاعين الخاص والعام، إضافة إلى تسهيل الإجراءات أمام المستثمرين المحليين لاستثمار قطاعي الطاقة والمياه، إلى جانب توجيه مخصصات النفقات الرأسمالية نحو مشاريع تشغيلية وإنتاجية حقيقية.
كما دعا إلى وجوب إعادة النظر بالسياسات التي تنتهجها الحكومة في مجال العمل والتشغيل ولا سيما الخاصة بالأجور.
من جانبه اعتبر المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة أن العدوان الصهيوني على غزة فرض تحديات جديدة على "طاولة الاقتصاد الوطني" خلال العام القادم ولا سيما في ملفي المياه والطاقة إذ يجد الأردن نفسه مضطرا للبحث عن خيارات جديدة لاستدامة تدفقهما وضمان تأمينها، داعيا في هذا السياق إلى ضرورة الاعتماد على الذات والاستجابة السريعة من الحكومة لدعوة جلالة الملك عبدالله الثاني بتسريع العمل في مشروع الناقل الوطني الذي أصبح ـولوية وطنية عليا بعد اعلان الحكومة تعليق اتفاقية المياه مع الاحتلال.
وكان الأردن قد أعلن منتصف الشهر الماضي تشرين الثاني (نوفمبر)، على خلفية استمرار العدوان والجرائم "الصهيونية" على غزة، عن إيقاف توقيع اتفاق تبادل المياه مقابل الطاقة مع الاحتلال الصهيوني والذي كان من المقرر توقيعه خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وأضاف زوانة أن "ملف الطاقة يمثل تحديا كبيرا خاصة إذا ما طال أمد الحرب وتوسع النزاع قي المنطقة ما قد يؤثر على تدفق الغاز الطبيعي إلى الأردن حيث ان امكانية انقطاعه ستدفع الحكومة إلى التوجه لاستيراد الغاز من مناشئ ومصادر أخرى وهو ما قد يرتب كلفا إضافية على الخزينة العامة والمستهلكين على حد سواء، مطالبا الحكومة بضرورة الاستعداد للتعامل مع هذا السيناريو، إضافة إلى البحث عن شركاء جدد أكثر مأمونية في هذا المجال".
وأكد زوانة أن تواضع معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات الدين العام ونسب البطالة، تبقى من التحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد الأردني منذ سنوات طويلة، موضحا أن معالجة هذه التحديات يتطلب انتهاج سياسات اقتصادية جديدة وواقعية، إضافة إلى المضي بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف في الأساس معالجة كل ذلك.
ويشار إلى أن رصيد الدين الحكومي، ارتفع حتى نهاية شهر آب (أغسطس) الماضي بعد استثناء ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، ليصل إلى ما قيمته 31.714 مليار دينار أو ما نسبته 88.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المقدر لشهر آب (أغسطس) الماضي مقابل 30.667 مليار دينار أو ما نسبته 88.8 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 شاملا مديونية كل من شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه التي تبلغ نحو 8.7 مليار دينار.
ولفت زوانة إلى أن استمرار الحرب على غزة قد ينجم عنه تراجع في الحركة السياحية ما يمثل تحديا في إمكانية تقلص حجم الإيرادات العامة ورفد الخزينة بالعملة الصعبة التي كانت تأتي من النشاط السياحي الكثيف خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب بيانات البنك المركزي الأولية ارتفع الدخل السياحي خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي بما نسبته 37.7 % لتبلغ قيمته 4.125 مليار دينار، نتيجة ارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى.58 5 مليون سائح وبنسبة نمو بلغت 38.1 %، جاء ذلك بسبب ارتفاع عدد سياح المبيت ليصل إلى 4 ملايين و299 ألف سائح ، وبنسبة نمو بلغت 35.2 %، في حين وصل عدد سياح اليوم الواحد إلى 829 ألف سائح وبنسبة نمو بلغت 55.1 %.
إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي محمد البشير "التحدي الأبرز الذي سيواجه الاقتصاد الوطني في عام 2024 يتمثل بارتفاع كلفة المنتج الاقتصادي المحلي والذي يحد من قدرة القطاعات الإنتاجية على التوسع والمنافسة وزيادة الفرص التصديرية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي، إضافة إلى تحدي حجم النفقات العامة المرتفع والتي يذهب الجزء الأكبر منها إلى الرواتب ما يؤدي إلى استمرار عجز الموازنة العامة والتوجه إلى الاقتراض الخارجي".
ويضاف إلى ذلك تحدي اعتماد الاقتصاد الوطني بشكل كبير خلال السنوات الماضية على قطاع الخدمات على حساب قطاعات أخرى كالزراعة والصناعة والتي لها قدرات تحفيزية وتشغيلية أكبر، ما يلحق الضرر بهيكل الاقتصاد الوطني، إلى جانب تحديات البطالة والفقر المستمرة التي باتت من المشكلات المزمنة للاقتصاد الأردني.
ويذكر أن معدل البطالة في الأردن قد بلغ خلال الربع الأول من العام الحالي 21.9 % بانخفاض بمقدار 0.9 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2022 وبانخفاض مقداره 1.0 نقطة مئوية عن الربع الرابع من العام الماضي، وفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة.
وطالب البشير الحكومة بضرورة التوجه إلى دعم الطاقة النظيفة وتوسعة استخدامها للحد من كلف الطاقة على القطاعات الإنتاجية، إضافة إلى إقامة السكك الحديد للتغلب على تحدي ارتفاع أسعار الشحن وأجور النقل، إلى جانب الإسراع في إصلاح القطاع المالي ومعالجة مشكلات المالية العامة.
عن جريدة الغد