استئناف القتل والإبادة

لا أعتقد وجود مشروع سياسي أمني يملك وقاحة المستعمرة في القتل المنهجي المتعمد للمدنيين وفي تدمير البيوت على ساكنيها كما تفعل، بلا أخلاق، بلا قيم، بلا ضوابط، بلا معايير، بلا أي إحساس بالمسؤولية، أو ثمة بقايا من الإنسانية تتوفر لأي من قياداتها السياسية والعسكرية والأمنية.

إنه إجرام، ما بعده وما قبله، وكأنهم يستدون ويثأرون مما فعلته القيصرية الروسية والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية بهم، فيستدون ويثأرون من الشعب العربي الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين، ويعملون على قتل أكبر عدد من المدنيين، وتدمير أكبر مساحة من البيوت والمنشآت المدنية، غير آبهين، أو خائفين أو مترددين خشية أية إدانة رسمية عملية أممية، بل يوجهون رفضهم وعدم قبولهم لأي نقد أو ملاحظة، حتى من الحلفاء الذين وقفوا معهم وساهموا على قيام مستعمرتهم كفرنسا على أرض فلسطين، على حساب شعبها ونكبته وتدمير حياته وسرقة ممتلكاتهم، وتشريده خارج وطنه الذي لا وطن له غيره.

لم يترددوا في مواصلة القتل والدمار، للاطفال، للنساء، للكهول، للشباب، للعائلات بأكملها، ودفنهم تحت أنقاض الهدم جراء القصف الثقيل سواء بالطائرات أو الصواريخ أو قذائف المدفعية والدبابات.

في المعايير والقوانين الدولية، حتى ولو اختبأ مجرم أو إرهابي وسط عائلة مدنية، لا يحق لأي طرف قصف أو تدمير أو المس بالعائلة المدنية بسبب وجود أو اختباء مجرم لدى هذه العائلات من المدنيين.

الساكت عن الإجرام شريك بالجريمة، ومواقف الدول الأوروبية والأميركية، وحتى الإسلامية أو العربية التي تسكت عن جرائم الاحتلال بحق الشعب العربي الفلسطيني، تكون متورطة بوعي أو بغباء أو بضيق نظر على خلفية صمتها، لذا على كافة مؤسسات وبلدان العالم التحرك وممارسة كافة أنواع الضغط، واستعمال كافة الأدوات والإجراءات المشروعة القانونية الأخلاقية الإنسانية لردع المستعمرة عن مواصلة جرائمها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، كما في الضفة الفلسطينية.

العالم بدأ يفهم، يدرك، أصابه الوعي ودفعته اليقظة، لمعرفة حقيقة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وأنه عنصري، ظالم، قاتل، فاشي، وعبرت العديد من الشعوب وخاصة لدى الولايات المتحدة وبريطانيا عن انحيازها لفلسطين ورفضها عبر الانكفاء عن المستعمرة، ولكن هذه الإنحيازات لفلسطين ورفضها لسلوك المستعمرة، تحتاج لممارسة الضغط الجدي الحقيقي المؤثر الملموس من قبل هذه الشعوب نحو حكوماتها كي تتخذ الإجراءات العملية المناسبة الضرورية لمعاقبة المستعمرة وردعها عن مواصلة جرائمها.

بالأمس وقبل الأمس بعد انتهاء فترة الهدنة، واستئناف الهجوم المتوحش الدموي، ومواصلة القتل والدمار، لأن قادة المستعمرة لا مصلحة لهم لا بالتهدئة ولا بتبادل الأسرى، بعد فشلهم المتراكم، يريدون تحقيق نجاحات بالقتل والتدمير، وها هم يفعلون ذلك، العشرات من الأطفال والنساء، بل ومن العائلات تم تصفيتهم، على طريق الطرد والتشريد والإبعاد، أسوة بما فعلوه عام 1948، فهل يتمكنون من تحقيق هدفهم الاستعماري التوسعي المجرم؟؟ سؤال مطروح أمام العرب والمسلمين والمسيحيين، وأمام المجتمع الدولي برمته.