حاجتنا الحتمية إلى ثقافة الحياة المعاصرة
إننا ونحن نرصد تفاصيل حياتنا اليومية التي تحتاج منا إلى ثقافة تجسد وعينا وحسنا بالمسؤولية لندرك تماما أننا بحاجة إلى التحلي بثقافة الحياة المعاصرة وقيمها .. بمفهومها الاستراتيجي.. فتداخل معنى ثقافة الحياة المعاصرة وحداثتها وتمسكنا بالقيم والعادات المتوارثة وسلوكات المجتمع التقليدية .. مؤشر على اختلالات عميقة تعكس هامشية مفهوم ثقافة الحياة المعاصرة بما تتضمنه من ترسيخ للنظام الاجتماعي .. وبذلك نجد أننا بحاجة إلى ثقافة تضرب بعمق مجتمعنا المتعطش إلى كلمة سواء تجمع ولا تفرق ، والى فعل خير يبلسم ولا يجرح والى ذهنيه جديدة وفكر واعي وعقل يرنو إلى فهم الواقع بكل تعقيداته لنصلح أنفسنا كجزء من الإصلاح العام.
إنني وأنا أطرح هذا الموضوع المهم والذي يلامس حياه كل فرد منا.. ما أردت من خلاله إلا طرح واقع يفرض نفسه .. ليحاكي ضمائرنا جميعاً .. فكيف لنا التحلي بأسلوب حياه عصري ؟ بعد قناعتنا بأن حتميته ذلك تتوسد بالعلاقات الاجتماعية الموشحة بطابع تتجسد من خلاله لغة واعية أساسها الترابط والتعاضد لنصل بذلك لديمومة مصيرية حتميه ..مستلهمة من ديننا الحنيف وقيمنا الأصيلة
كيف لنا أن نعمق في نفس كل فرد منا .. الخلاص من أعقد الإشكالات التي قد تعترض طريق مواطنتنا الحقة ..فالإحساس بالأمن والأمان الاجتماعي مطلب لدى جميع أفراد التكوين الاجتماعي الواحد .. الذي يسعى إلى العيش الكريم .. وهو إحساس مُلح بالحرية لإثبات الذات .. وإدراك تطلعاته للبقاء والاستمرار .. ضمن النظرة المستقبلية المتأملة .. فأمن المواطن مسعى حتمي على الدولة توفيره في كل الظروف والأحوال.. وهذا الأمان إن وَجَد التربة الخصبة التي تتجذر فيه .. والظروف التي تتعهده بالرعاية نمى وسمق وأينعت ثماره في النفوس والعقول.. لتسود الطمأنينة.. وتتحرك دوافع العمل والإنتاج.. وتنطلق الطاقات لبناء الوطن ضمن منظومة تفاعلية تشاركيه يتحمل مسؤوليتها جميع الشركاء في الانتماء الحقيقي للوطن .. وبذلك تصبح حرية الفرد الذي هو جزء من هذا المجتمع مصونة يكفلها الدستور وتتعهدها القوانين ويحافظ عليها كل منتمٍ خلوص .. وتصبح "الحرية الشخصية" جزءاً لا يتجزأ من "حرية المجتمع".. في التعبير عن الرأي والمكنون وتنمية القدرات التي تسعى إلى الرفعة والتطور .. وبذلك تغرس ثقافة المواطنة في مجتمع متناغم بأفكاره التي يجب تنسجم بعضها بعضاً ..لتتشكل العلاقات الاجتماعية على أساس من الوعي والإدراك والإخاء .. فما دمت مؤمن بقيم الحياة المعاصرة فعليك الالتزام بثقافتها ولا تدعو إلا للخير والصلاح ونبذ التلاسن والتخاصم و استبدالها بالتعاضد والتكافل من أجل ثقافة مجتمعية قائمة على صون كرامة الفرد والمساواة في الحقوق والواجبات .. لكافة فئات المجتمع الواحد .. وبين جميع الأفراد و الجماعات . وذلك بحسن السمتِ والهدي الصالح وجماليّات الباطن والظاهر ومُراعاة كريمِ السجايا والشمائل ونُبل الأخلاق والفضائل .
..وفق تلك الرؤى .. وجب علينا العمل بوعي وتعقل لنبذ السلوك العصبي بمختلف أشكاله وأنواعه لأن العصبية تعمم ثقافة الكراهية والضغينة وتؤدي إلى الحقد.. والحقد عدو الحياة الآمنة .. ليأتي دور تعزيز ثقافة الحب والتراحم والتواصل.. فنعترف بالآخر ونحترم خلافنا معه لأن الحياة تنوع وتعدد وتمازج وتفاعل بين كل مكونات المجتمع الواحد فنشعر بأننا نضحي من أجل الآخرين .. ونؤسس لوعي مجتمعي نترجمه بالسلوك السوي والممارسة الحياتية اليومية السامية ..
إن الحياة المعاصرة تتطلب منا تحويل الموروثات العصبية إلى قيم نبيلة نسعى إلى الفخار بها لتكون ملاذ للمواطنة الحقة.. بل ويجب أن نكون ايجابيين ونقضي على ثقافة المواجهة مع الآخر بشكل يدفعنا إلى التحاور المنطقي الذي يوصلنا إلى قناعات تنمو وترقى بمجتمعنا .. وتمتلك القدرة على نبذ التصادم واستيعاب بعضنا بعضاً بمنطق وديّ طيب.. وبذلك ننمّي ثقافة المواطنة القائمة على الحوار والتفاهم .. ونسعى إلى تهيئة جيل يسعى للبحث عن بدائل تمنحه سعة الصدر والتروي والصبر على أي فورة عصبية تودي بنا إلى التشاحن والمواجهة الصِدامية التي لا مبرر لها في زمن أصبح فيه الفرد محورا أساسيا في تنمية المجتمعات المتقدمة..
إن ما نراه اليوم من أشكالٍ للفورات القائمة على أفكار تخبطية لا ضابط لها.. بسبب أو بدون سبب .. هي التي تدفعنا لمراجعة ثقافتنا .. حين نسمع أو نقرأ أو نشاهد بين الحين والآخر أخباراً عن حوادث ومشاجرات ومشاحنات بين بعض من أفراد مجتمعنا... تلك الفورات التي تعمل على تصاعد عناصر النبذ والتناحر بين مختلف الفئات في مجتمعنا..وهذا ما يدفعني إلى القول أن ذلك أدى ويؤدي إلى غياب ثقافة التضامن المشترك والاعتراف بالآخر. . فمخطئ من يظن أن من يتمسك بأفكار سوداوية تتخذ من العصبية القبلية التي سادت عصر الجاهلية الأولى سبيلاً للجاه والقوه .. لقناعته بجهالة أن اسم العشيرة أقوى من القانون مما يدفعه إلى التمادي والتطاول على هيبة الدولة.. والتي هي بحق أحد الأسباب التي تؤدي إلى الفوضى الاجتماعية المؤدية إلى انفلات حبل الأمن واضطراب الأحوال ..بل إني أزعم أن ما ينقصنا بالفعل ليس النوايا الطيبة.. ولكنه الأساس الفلسفي لمفاهيم المجتمع المعاصر .. والذي يعطله عدم الوعي به .. ونحن من أفضل المجتمعات التي يمكنها صياغة أطرها بخصوصية تامة مع حاجتنا إلى القرارات الحاسمة والجزاءات الصارمة على أولائك الذين يسيؤون للوطن ..
دعوني أؤكد وان أطلت .. أننا بحاجة ماسة إلى تكريس وتعميق مفاهيم القيم الإنسانية ومفاهيم الحرية الحقة عند جميع مكونات مجتمعنا .. مع ضرورة تبني منظومة القيم الفضيلة التي يحل فيها الإيثار بدل الاستئثار .. وروح التسامح بدل العصبية المدمرة .. والحوار والتفاهم والقبول بالآخر بدل الاختلاف والتزمت والإقصاء .. وهذا يتطلب إيجاد مرجعيات ثقافية مجتمعية مبنية على أساس واضح في تنظيم العلاقات داخل الخلية الأساسية في المجتمع وهي الأسرة التي يجب أن تكون محاضنها مأمونة وأرحامها سّليمة لتلد أجنة متسلحة بالأمن والاطمئنان والإيمان .. كما وأننا بحاجة للمزيد من انتشار الثقافة الديمقراطية وتجسيد معناها الحقيقي .. والتي تدفع للتعامل بأسلوب حضاري.. ينبني على حسن الإنصات للآخر.. واحترام الرأي المخالف.. كبديل قوي للتعصب.. حينما سيصبح الجميع مقتنعا ومتشبعا بتلك القيم .. ليترجم ذلك بتلقائية في السلوك اليومي.. وسيكون الاختلاف رحمة بالنسبة للجميع.. وليس نقمة عليهم .. وسنعول على مجتمعنا خيراً .. فلا نعمم السلوك العصبي بل سنشخصه تشخيصا علاجياً ونجتثه فلن يعود أبداً ذلك الورم الكامن في موجود الجسم المجتمعي والى الأبد .. بهمه الخيرين الطيبين الذين حملوا .. وما زالوا يحملون الرسالة بكل أمانة وإخلاص .
هدانا الله عز وجل جميعا إلى سواء السبيل وأكرمنا في دُنيانا وآخرتنا
والله ولي التوفيق
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com