تداعيات الحرب على موازنة اسرائيل

زياد الرفاتي

فرضت الحرب على غزة نفسها على الموازنة الاسرائيلية في سابقة لم تحدث من قبل وبهذا الحجم من التأثير السلبي ،  وقامت وزارة المالية  في سياق التعامل مع الحرب باجراء تعديل على الموازنة للمتبقي من العام 2023 لتوجيه الموارد المالية نحو تمويل الحرب ، وتتضمن الموازنة المعدلة زيادة في حجم العجز و تواجه تحديات جمة فخسائر الاقتصاد الشهرية  تبلغ 2،4 مليار دولار و رحى الحرب لا تزال دائرة ومعها تزداد الخسائر الاقتصادية اليومية الباهظة . 

وتحذر الوزارة من اتساع حجم المخاطر الاقتصادية بسبب الحرب والزيادة الحادة في النفقات التي قابلها تراجع في الدخل من الضرائب، وبأن  تسجل اسرائيل عجزا في الموازنة يصل الى 4،5% العام المقبل . 

قدرت اجمالي خسائر اسرائيل  منذ اندلاع الحرب وحتى الان بمبلغ  13،6 مليار دولار منها 10 مليار دولار تكلفة الحرب والباقي خسائر اقتصادية ، اضافة الى خسائرمقدرة بقيمة  2،5 مليار دولار تكلفة اعادة الاعمار للمستوطنات والمباني التي تعرضت لأضرار بسبب قصفها بالصواريخ . 

ويدرس جهاز الأمن تقليص عدد قوات الاحتياط تم استدعاؤها وسحب جزء من ساحات القتال بسبب الكلفة الاقتصادية .

وحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية  فان اقتصاد اسرئيل أكتوى بنار الحرب على غزة وأغرقت الالاف من الشركات الاسرائيلية في الأزمات ، وأن  اسرائيل اقترضت  6 مليارات دولار لتمويل حربها على غزة عبر صفقات سرية واكتتابات خاصة منها طرح سندات جديدة بقيمة  5،1 مليار دولار بأسعار فائدة مرتفعة لجمع تمويلات للحرب بادارة أحد البنوك الاستثمارية الأميركية  الكبرى .  

 وقد حذر محافظ  البنك المركزي الاسرائيلي في السابع والعشرين من الشهر الجاري من تداعيات الحرب على الاقتصاد الاسرائيلي وأن الحرب لها تأثير سلبي ملحوظ على اقتصاد اسرائيل و نعيش فترة عدم يقين بنسبة كبيرة وعدم وضوح في الوضع السياسي ،  وأنه من المتوقع أن تصل خسائر اقتصاد اسرائيل من الحرب على غزة في الميزانية الى نحو  10% من الناتج المحلي الاجمالي وبما يوازي 52 مليار دولار وتتوافق تقديرات المركزي مع توقعات الحكومة الاسرائيلية البالغة 54 مليار دولار في حال استمرارالحرب عدة أشهر ، وبنيت توقعات المركزي الاسرائيلي على فرضيات  بشأن الاقتصاد منها افتراض أن تأثير الحرب سيستمر حتى العام القادم ، وعدم توسع الحرب وستكون  في معظمها على جبهة واحدة ،  وتوقعات بأن تتحمل الولايات المتحدة ثلث خسائر اقتصاد اسرائيل من الحرب . 

ويتوقع المركزي ارتفاع نسبة الديون الى 66% من الناتج المحلي الاجمالي في 2024  مقابل 58% قبل الحرب نتيجة الاتجاه الى الاقتراض الداخلي والخارجي واصدار سندات دين لتمويل تكاليف الحرب وأن الحكومة بحاجة الى تحقيق توازن بين دعم الاقتصاد والوضع المالي وتسعى اسرائيل للتعامل مع المتغيرات التي فرضتها الحرب على ميزانيتها ، وثبت الفائدة عند أعلى مستوياتها في 16 عاما عند 4،75% ،  فيما صادقت الحكومة الاسرائيلية على تمديد ولاية محافظ  البنك المركزي . 

 وقد خصص مشروع الميزانية الاسرائيلية للعام 2024 ملايين الدولارات لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية ، وعقب الاعلان عن  ذلك انتقد الاتحاد الأوروبي الاجراء والسياسة التوسعية في الاستيطان كما هاجمته السلطة الفلسطينية بقوة ،  وحسب وزارة الاقتصاد الفلسطيني فان اقتحامات الجيش الاسرائيلي للمدن الفلسطينية تهدد 85% من شركات الضفة الغربية والتي تعاني من ضعف الأداء وتوقف الانتاج  وصعوبة التنقل وتوزيع البضائع  بين المدن بسبب الحرب على غزة والاغلاقات والحواجز وقد نصبت  اسرائيل أكثر من 140 حاجزا اضافيا في الضفة الغربية مع ارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة ، وتراجع الطاقة الانتاجية للمنشات الصناعية وانخفاض مبيعات المحال التجارية بنسبة تزيد على 50%  ، وترفض السلطة استلام أموال الضرائب من اسرائيل  بعد قيامها باستقطاع حصة قطاع غزة عقابا، في حين أن موظفي السلطة الفلسطينية بلا رواتب منذ شهرين و تتيحسلفة من البنوك لموظفيها وموظفي قطاع غزة " نصف راتب "، وكل ذلك ينعكس على حركة ونشاط الأسواق ومستويات البطالة والفقر والأمن الغذائي . 

وفي استطلاع اعلامي اجري بتاريخ 28/11/2023، فان أكثر قطاع مهدد بالأزمة المالية في الضفة الغربية هو قطاع الغذاء بنسبة 50% يليه قطاع التعليم بنسبة 25% و قطاع الصحة بنسبة 25% . 

والتساؤل المطروح فيما اذا ستتأثر كبرى البنوك الاسرائيلية بالحرب على غزة ، وحسب التقارير الاقتصادية فان حجم الأصول لأكبر خمسة بنوك اسرائيلية  يبلغ نحو 700 مليار دولار ، وكان أداء البنوك الخمسة الكبرى في الربع الثاني 2023 ( قبل الحرب ) ارتفاع متوسط الايرادات 44% لتصل الى 5،1 مليار شيكلوارتفاع متوسط أرباحها بنسبة 50% لتحقق  1،5 مليار شيكل وحجم خسائر القيمة السوقية لأسهم أكبر خمسة بنوك  في اسرائيل منذ 7 أكتوبر بلغ 2،7 مليار دولار وقامت برفع المخصصات في الربع الثالث  من العام 2023 ، أما اختبار التحمل للبنوك الخاص بالمركزي الاسرائيلي فقد أعلن نتائجها أن النظام المصرفي مستقر ولديه رأسمال كاف لتحمل صدمة كبيرة وسيناريوهات الاختبار افترضت بلوغ معدلات البطالة 15% والتضخم 5،4% .

ونشرت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني أن الحرب على غزة لم تؤثر على بنوك الشرق الأوسط وشمال افريقيا ( المغرب العربي ) في الوقت الحالي ، وسيؤدي اتساعها الى تخارج 220 مليار دولار الى خارج المنطقة مثلما حصل في أوقات الأزمات السابقة ، فيما أشارالفاتيكان أن الحرب على الدوام هزيمة يربح فيها فقط مصنعو الأسلحة ، 
أما وزير المالية السعودي فان الحرب على غزة تؤثر على الدول منخفضة الدخل في المنطقة  .