صحافة المحافظات وإجابة الملك


رغم انها مصدر الخير للعاصمة ورافدها الرئيس بالطاقات البشرية والموارد الاولية وسوق منتجاتها الاول , الا ان المحافظات بقيت اسيرة العمّانية في كل التفاصيل المعيشية ابتداء من خبز افرانها الى باقي موازناتها وظروف عملها, وبالضرورة لم تنج صحافة المحافظات من سطوة المركز وبريق العاصمة .

فقد خطفت عمان الخبر الاول , بحكم الدور السياسي وبحكم الاستحواذ على كل شيء , فحتى ممثلو المحافظات السياسيون والبرلمانيون يصبحون عمانيين بالاقامة واللهجة والتواجد وتخطفهم العاصمة بأضوائها وحضورها , وخلال جولات المسؤولين على المحافظات يكون المندوب العمّاني موجودا فيقطع الطريق على شباب المحافظات , رغم ان الخبر العمّاني مستهلك وممجوج او على احسن احواله مفتوح للجميع ولا يحقق فلسفة السبق الصحفي الذي يطارده الاعلام بشغف .

تقارير المحافظات لا يستقبلها المحرر او الصحفي العمّاني بود او بتقدير تستحقه بوصفها سبقا صحفيا , فعقلية العاصمة الاستهلاكية استحوذت على ذهنه , بل يمكن ان يتابع موضوعها عمّاني لتصبح جديرة برعاية المحرر بأثر رجعي وبوعي متأخر , مضيفا عليها ظلال عمان الثقيلة ونازعا دسمها الاصلي فيخضعها لثقافة الاستهلاك , وحتى الحراك الشعبي الذي بدأ عفيفا في المحافظات سرقته العاصمة ببريق اضوائها وكاميرات المراسلين ومتابعات الصحفيين فحرفته عن نواياه ومقاصده بعد ان ألبسته انتهازيتها وألاعيبها وتحالفاتها .

صباح الثلاثاء الماضي قلب شاب من شباب الدستور في محافظة الكرك معادلة عمان وتغلّب على كل اضوائها وهو ينقل تقريرا صحفيا عن مقام الصحابي جعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه , وكان زميلنا منصور الطراونة يضع في تقريره وجع الكرك وساحات مؤتة , ويكشف اوجاع المقامات ويكشف ان المحافظات فيها الخير كله حتى في السبق الصحفي .

جاءت إجابة الملك على تقرير منصور , بسرعة الحركة منذ فجر الاربعاء , لإزالة الوجع وجبر الضرر , وهنا لا اتحدث عن نبل الاجابة فهي اصيلة عند الهاشميين ولها ديمومتها التي تزيح عنها وجل الاستذكار والكتابة وخاصة عند الملك عبد الله الذي يفاجئنا في حجم متابعته وليس باستجابته .

الجديد في إجابة الملك لتقرير الزميل منصور الطراونة , هو ضرورة منح اخبار المحافظات وتقارير الزملاء فيها الاهتمام اللازم بوصفها اخبارا بكرا وطازجة وتستطيع كل صحيفة ان تحقق سبقها الصحفي دون كبير عناء وتستحق الدستور ان تفاخر بأنها ما زالت قارئة جيدة لدرس المحافظات ربما لطبيعة رئيس تحريرها الزميل محمد حسن التل الذي كان مسؤولا عن اخبار المحافظات لفترة طويلة وما زال مربوطا بحبل سري وصلة رحم واجبة مع اربد المحافظة والام .

السبق الصحفي بات نادرا في زمن التنافس الفضائي الكوني المفتوح على مصراعيه ووسط استثمارات اعلامية ضخمة في رذاذ الفضاء بحيث تسبق الصورة الفضائية الكلمة المحلية , ولكن هذه المنافسة ما زالت في العواصم وما زالت مشغولة بالخبر المطلوب عربيا لا المطلوب محليا , وهذا هو ملعب الصحافة الرئيس والثري , وهو ابرز عوامل الجذب للقراء المحليين .

الخبر المحلي سيبقى هو الماكث في ارض الصحافة وفي سجّل انجازها , وفي الاسهام بتحقيق دورها ورسالتها كحارسة على مصالح الشعب , وهو مضمار التميز الوحيد بين الصحف الاردنية لتبقى همزة الوصل بين الاردني ودولته وتحقيق مطالبه العادلة والمشروعة وبإيصال رسالة الدولة الى ناسها .

نبارك للدستور , سنديانة الصحافة المحلية وأُم الصحف ريادتها ونطالبها بالمزيد للمحافظات واهلها وشبابها , ونبارك لزميلنا العزيز منصور الطراونة هذا السبق وهذا التقرير الذي ازال اوجاعا , والشكر موصول للملك على إجابته .