صحيفة عبرية.. لـ “كابينت الحرب”: كفاكم تصريحات استعراضية

أعلن اتحاد العمال البلجيكي رفضه تحميل إرساليات سلاح إلى إسرائيل. ونشر عمال الميناء في برشلونة أيضاً بياناً مشابهاً، لا لأن اتحادات العمال تميزت بفهم النزاع، لكنها إشارات تبشر بالشر، وثمة المزيد. قبل أسبوعين، تبين في استطلاع "رويترز” و”ايبسوس” أن معظم الأمريكيين يؤيدون وقف النار. كما أن استطلاع "ياهو ويوغوف” أشار إلى نتائج مشابهة. هم ليسوا ضد إسرائيل، ولا ضد حماس، لكنهم يكررون الكلمتين السحريتين "وقف النار”، في ضوء صور الدمار. وقد يتفاقم هذا الأمر.


يجب القضاء على حماس واقتلاعها وإبادتها، أما أولئك الذين سيبقون على قيد الحياة من رجالها فعليهم أن يقفوا أمام صيغة حديث في محاكمات نورنبيرغ؛ لأن أيديولوجيا حماس نازية بكل معنى الكلمة. "يجب إبادة الصهاينة اليهود عن آخرهم”، هذا ما يبثه دعاة قناة "الأقصى” التابعة لحماس، وهو غسل أدمغة اجتازه الأطفال في برامج حماس التلفزيونية. لقد أعلن النازيون بأنهم يحتاجون إلى "مجال معيشة”، خصوصاً في المناطق الواقعة شرقي ألمانيا. أما قادة حماس فتحدثوا عن "السيطرة على 512 مليون كيلومتر مربع من العالم كله”. شهيتهم أكبر بكثير من شهية النازيين.


لكن أجزاء غير قليلة في العالم ترفض الاعتراف. من ناحيتهم، حماس منظمة مقاومة فلسطينية، مقاومة مشروعة. لا يقف العالم ضد حق إسرائيل في اقتلاع حماس، لكن الكثيرين في الغرب أيضاً، لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا شيئاً لا يتناسب وفكرهم المشوه. ويريحهم أن يكونوا عمياناً عن استثمار حماس لمئات ملايين الدولارات في صناعة الموت التي تضمنت شبكة أنفاق لا مثيل لها بأي مكان في العالم.


لم تفشل إسرائيل في جبهة الرأي العام الدولي، لكن الفشل مسألة وقت. صحيح أن قسماً غير قليل من النخب يقف إلى جانب حماس، وهو إما لجهل، أو لاسامية منهم، أو مزاج تفكيري يتعلق بـ "القوى التقدمية”. التقدمية الراديكالية، القديمة، هي نوع من الشلل في عضلات الدماغ. ولا تزال الاستطلاعات تشهد عن تأييد متزايد لوقف النار. هذا رد فعل طبيعي. كل قنوات التلفزيون في العالم تبث صور الخراب والدمار من قطاع غزة – وقلبهم الرحيم يميل لاتخاذ صورة الضحية. هم ليسوا أشراراً وليسوا سيئين، لكنهم لا يعرفون.


تحتاج إسرائيل إلى دعم دولي لمواصلة القتال. لم نحصل عليه من منظمات الطلاب التي وقعت على كتاب تأييد لحماس فور فظاعة 7 أكتوبر، ولا من "المثقفين والفنانين” من النوع الكريه المتمثل بجوديت بتلر ممن وقعوا هم أيضاً على عريضة مناهضة لإسرائيل رداً على ما فعلته حماس؛ لكننا بحاجة لتأييد عشرات الملايين ممن لا يعرفون الوضع، ونحن بحاجة أيضاً إلى تأييد الملايين في العالم العربي والإسلامي من غير المتحمسين للإخوان المسلمين، كما أننا بحاجة أيضاً إلى تأييد الكونغرس.


لهذا السبب، على إسرائيل الخروج من الجمود وتغير قواعد اللعب. بدلاً من التصريحات الاستعراضية عن "استمرار الحرب بكل القوة”، وعن "إنهاء وقف النار”، هناك حاجة لنقول: إسرائيل لا تريد استمرار الحرب. إسرائيل تقترح وقف نار. وبشرط، بالطبع بشرط، أن يجرد القطاع من السلاح، ويعاد كل المخطوفين وينصرف نشطاء حماس من القطاع. وهذا ما سيمنح إسرائيل التفوق الاستراتيجي في الرأي العام الدولي. وبالطبع، مساحة زمنية أخرى لمواصلة القتال.


ويمكن مواصلة الجمود الفكري الإسرائيلي الدائم، وإطلاق المزيد من التصريحات الحربية. يبدو هذا ممتازاً لبعض، فقط لبعض، من الآذان الإسرائيلية. ويبدو مخيفاً في آذان عشرات الملايين، بمن فيهم السياسيون في الغرب الذين مع المزيد من هذه التصريحات المتبجحة – إسرائيل ستفقدهم. هذا ما سيتسبب بضغط متزايد على إسرائيل. وهذا لن يخدم القتال، بل سيعرقله. أتريدون تصفية حماس، فلتفضلوا وأدخلوها في فخ؛ بدلاً من أن تكون العناوين بعد يوم أو يومين أو ثلاثة "حماس تطالب باستمرار وقف النار، وإسرائيل ترفض”، على العناوين أن تكون معاكسة؛ "إسرائيل تقترح وقف نار، وحماس ترفض”.

تحتاج إسرائيل من أجل هزيمة حماس إلى أكثر بكثير من أسبوع أو أسبوعين؛ يدور الحديث عن أشهر. توقف القتال البري بسبب ضغط دولي، وربما يحصل مرة أخرى. نعرف أن جموداً فكرياً عسكرياً وسياسياً أدى بنا إلى 7 أكتوبر. الجيش صحا، أما المستوى السياسي، حالياً، فيصرّ على مواصلة الجمود الفكري.