الكاذبون أبناء «الكذبة الكبرى» !!


 

لو واصل أبي وأمي رحلة الشتات من يافا جنوباً الى غزة كان يمكن أن أكون أحدهم. شهيداً، جريحاً، مقاوماً، مقاتلاً. وكما أهل غزة، أحمل أشلاء أطفالي بيدَي و الأحياء منهم على كتفَي. امشي الى مستشفى قصفته قوات الاحتلال. لا سرير فيه لضحية فقد ساقه أو يده أو كليها. عمليات دون تخدير، لا كهرباء ولا ماء ولا وقود ولا غذاء. فقد منع المجرمون أعداء الحياة كل ضرورات العيش عن مدنيين يحبون الحياة لكن بكرامة.
كلما قصفوا مدرسة لوكالة الغوث أتخيلها مدرستي التي درست فيها في مخيم الزرقاء. وكلما انتقلوا من منطقة الى منطقة في غزة، نازحين لاجئين أتحسس « كرت المؤن» الذي تصدقت به الأمم المتحدة التي كانت السبب في تشتتنا و يمنحون اليهود وطناً و يمحون وطننا.
صامدون أهلنا في غزة رغم الدمار والقصف المتواصل منذ خمسين يوماً. صابرون رغم الجراح و الألم. مصرون على البقاء في منازلهم التي لم تعد منازل. لا « نكبة ثانية»، سنعيش هنا ونعيد البناء وننجب الأولاد ونقول لأبنائنا وأحفادنا ابقوا هنا مهما تكرر العدوان، لا ترحلوا. ونقول للغزاة « أنتم المندحرون و نحن الباقون «. مهما طال الزمن، ومهما قتلتم منا، نحن المؤمنون بأن الاستشهاد حياة أخرى خالدة وأننا لا بد عائدون. أنتم ودولتكم المزعومة كذبة ونحن الحقيقة كما النهر و البحر و شجر التين والزيتون.
مارستم علينا ما مارسه النازيون عليكم. قصفتم و أحرقتم ودمرتم وقتلتم وقلتم للعالم أن المستشفيات مقرات عسكرية والمدارس قواعد لـ «الإرهابيين»، فكشف العالم كذبكم وعرف مقصدكم وهدفكم، ترتكبون الابادة الجماعية ومحو غزة عن وجه الأرض كما طالبتم علناً بمحو قرية «حوارة « المناضلة في الضفة.
طرحتم حلاً دوليا للفلسطينيين !
ما أغربه وما أوقحه من حل. « ليرحل أهل غزة الى الدول العربية « وطبعاً، لاحقاً أهل الضفة الغربية ! لكأنهم حمولة زائدة على هذه الأرض. ألا تعلمون، بل تعلمون، أنهم هنا منذ ما قبل أول تاريخكم الذي زيفتموه. أجدادهم الكنعانيون وجدو قبل أن يوجد أجداد أجدادكم، و «العماليق « الذين ذكركم بهم نتنياهو هم العرب القدامى نحن نسلهم، و»القوم الجبارين « الذين قلتم لموسى « ان فيها قوم جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها « نحن أبناؤهم.
نحن نقول لكم ما هو الحل.انه ما قالته قبل سنوات هيلين توماس عميدة الصحفيين في البيت الأبيض «أن ترحلوا انتم الى بلادكم التي جئتم منها وتتركوا فلسطين لأهلها «.
رأيتموهم في غزة يخرجون لكم من أمام و من خلف ومن تحت ومن كل الجهات، يقتلونكم من مسافة صفر، يحرقون دباباتكم الميركابا فخر صناعتكم العسكرية بولاعة سجائر او بحشوات مفجرة محلية، حسب تعبير اللواء فايز الدويري، يلصقونها بها فتنفجر. ألم يقل جنرالاتكم « كأننا نقاتل أشباحاً لا نعلم من أين يخرجون لنا « ؟
ها هو حاخامكم الأكبر نتنياهو يركع على ركبتيه، كما وعد أبو عبيدة في بداية عدوانكم، ويوافق على صفقة تبادل الأسرى. ذليلاً فاشلاً مهزوماً. هل سمعتم الأسيرات المحررات ماذا قلن فور خروجهن من زنانيكم النازية ؟ « فرحنا لخروجنا من الأسر لكن قلوبنا مع أهل غزة. لاتكتمل فرحتنا الا بتحرير فلسطين «. خرجن أكثر صلابة رغم وحشية التعامل معهن داخل المعتقل. انهن الفلسطينيات، أمهات وزوجات وأخوات الرجال الرجال. هل تعلمون عندما يمدحون المرأة عندنا ماذا يقولون ؟ « أخت رجال «. تصون زوجها، تشاركه في تحمل أعباء الحياة، تربي أبناءها، على الكرامة و الشهامة و..الزيت و الزعتر وما يتيسر.
يا أبناء الكذبة الكبرى المسماة «إسرائيل»، لقد بدأت فعلياً رحلة العودة.
رحلة عودتكم إلى بلادكم و عودة الفلسطينيين إلى بلادهم.