جمعة زرقاء" لإخراج أسواق إسرائيل من الملاجئ
تتلهف الأسواق الإسرائيلية على قدوم ما يعرف بـ"الجمعة السوداء"، للخروج من حالة الركود التي تسيطر على مختلف السلع غير الأساسية التي تضررت كثيراً بفعل الحرب الدائرة ضد قطاع غزة، لتستغل هذا اليوم الذي ينتظره المستهلكون كل عام، في إحياء المبيعات، ولكن تحت شعار "الجمعة الزرقاء" وفق وصف وسائل إعلام إسرائيلية، لتشجيع المتسوقين على الشراء وإخراج الأسواق من "ملاجئ الحرب" التي تسببت في شلل الاقتصاد.
ويعد يوم "الجمعة السوداء" من أبرز الأيام من الناحية التجارية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وإسرائيل تحديداً بالإضافة إلى العديد من البلدان الأخرى، ويوافق هذا العام 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وفيه تقدم المتاجر خصومات كبيرة لعملائها الذين ينتظرون هذا اليوم كل عام.
وتسببت الحرب في خسائر باهظة لمختلف الأنشطة التجارية في إسرائيل من ملابس ومجوهرات وأجهزة إلكترونية وكهربائية بشكل خاص، إذ ركز المستهلكون مشترياتهم على السلع الأساسية، لا سيما الغذائية، وما يعرف بسلع الحرب التي يزداد الطلب عليها خلال فترات البقاء في الملاجئ، في ظل الخوف من طول أمد القتال وتداعياته على الحياة اليومية
ولتحريك الأسواق أعلنت الكثير من المتاجر الإسرائيلية عن حسومات كبيرة على الأسعار تصل إلى 70% في العديد من المنتجات خلال "الجمعة الزرقاء" التي قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير لها إنها ستكون هذا العام بـ"لمسة وطنية، لأننا سئمنا السواد"، في إشارة إلى ما أطلق عليه الإسرائيليون "السبت الأسود" الذي شنت خلاله المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأشارت الصحيفة، أمس، إلى أن سلاسل التسويق ومواقف السيارات ستقدم عروضاً ترويجية متنوعة استعداداً لهذه الجمعة، "لتحفيز الاقتصاد الإسرائيلي وتشجيع المنتجات المحلية"
وفي "الجمعة السوداء" من العام الماضي 2022، أنفق الإسرائيليون أكثر من 890 مليون شيكل (حوالى 240 مليون دولار) في الداخل، ونحو 100 مليون شيكل في الخارج، بحسب تقرير لـ"القناة 12" الإسرائيلية، حيث وصلت نسبة الخصم في تلك الجمعة إلى 30% فقط
وتبدد الحرب الحالية التي تعد أسوأ تصعيد مسلح تدخله إسرائيل منذ 50 عاماً مكاسب الرفاهية التي نعم بها الاقتصاد على مدار عقود ماضية بدعم من صادرات التكنولوجيا واكتشافات الغاز الطبيعي البحرية وارتفاع مستويات المعيشة، إذ ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقرب من 55 ألف دولار، متجاوزاً دولاً مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا
وانهار إنفاق الأسر خلال الأيام التي تلت عملية "طوفان الأقصى"، ما أحدث صدمة كبيرة لقطاع المستهلكين الذي يمثل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. كذلك انخفض الاستهلاك الخاص بنحو الثلث في الأيام التي تلت التصعيد، مقارنة بمتوسط أسبوع في عام 2023، وفقاً لغرفة مقاصة نظام المدفوعات في إسرائيل "شفا". وانخفض الإنفاق على أمورٍ مثل الترفيه والتسلية بنسبة تصل إلى 70%
ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال بنك إسرائيل (المركزي)، إن الإسرائيليين ينفقون أقل بعد مرور خمسة أسابيع على الحرب، لكن التعافي ربما بدأ بعد تراجع حاد في بداية الصراع
وأوضح البنك أن الإنفاق ببطاقات الائتمان هوى بنسبة 20% خلال الأسابيع الثلاثة الأولى للحرب لكن حدة الهبوط تقلصت بعد ذلك إلى 9% ومع ذلك تظل أقل من المستوى المتوقع. ونفقات بطاقات الائتمان "مؤشر لمستوى النشاط التجاري والاستهلاك، واستخدامها مهم جداً في الأزمة حين يكون هناك عدم يقين متزايد"، وفق البنك المركزي
وأسواق الحرب تؤثر سلباً على الاقتصاد، حيث يزداد الطلب فقط على ما توصف بسلع الحرب من مواد أساسية كالغذاء والأجهزة الكهربائية الضرورية، وفق تقرير منفصل لمعاريف، مشيرة إلى أن سلسلة مستودعات كهربائية سجلت قفزة بنحو 90 ضعفاً في مبيعات الترانزستور و70 ضعفاً في مبيعات الهواتف المنزلية خلال شهر من الحرب، الذي تم فيه بيع معظم "منتجات الطوارئ" في العديد من المناطق. وترجع هذه القفزة في المبيعات حاجة الإسرائيليين إلى البقاء في غرفة الطوارئ أثناء الإنذارات والرغبة في مواكبة ما يحدث في الخارج
في المقابل تضررت أسواق الكثير من السلع مثل الأثاث والأجهزة المنزلية والملابس والسلع الفاخرة. وأفادت جمعية صناعة الأثاث بانخفاض حاد في النشاط منذ اندلاع الحرب، محذرة من أن العديد من الشركات ستتعرض للإفلاس حال عدم الحصول على قروض وتعويضات تؤمنها الحكومة لمواجهة انخفاض الأرباح، وفق موقع "كالكاليست" الإسرائيلي
وقال بنزيون أدوريم، رئيس رابطة صناعات الأثاث التابعة لجمعية المصنعين الإسرائيليين في تصريحات لـ"كالكاليست" إن معظم السلاسل تضررت من إغلاق مراكز التسوق التي توجد فيها بأمر من قيادة الجبهة الداخلية بداية الحرب، وعندما فتحت المراكز لم يأت المشترون، لذلك هناك انخفاض في المبيعات بنحو 75%
وتضم جمعية صناعات الأثاث 60 شركة تمتلك مصانع كبيرة جداً بحجم مبيعات كل منها أكثر من نصف مليار شيكل (134.4 مليون دولار)، ويعمل بها مجتمعة ما يتراوح بين 15 ألفا و20 ألف شخص. وإلى جانب ذلك يمثل اتحاد الحرفيين 200 شركة صغيرة، يقدر حجم مبيعاتها الإجمالي بنصف مليار شيكل