العلاقات العربية الصينية والتعاون الاقتصادي بينهما أداة وورقة ضغط لوقف الحرب على غزة

بدأ وفد عربي واسلامي على مستوى وزراء الخارجية من بينهم وزير الخارجية الأردني الأحد زيارة للصين في مستهل جولة تشمل الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي وصاحبة القرار والنفوذ للتأثير من طرفها لوقف الحرب المستعرة على غزة .

وتعتبر  الصين من القوى الكبرى سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، ويعد اقتصادها ثاني أقوى وأكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة ، والأولى بشريا وقد وصل عدد سكانها 1،4 مليار نسمة يشكلون 18% من سكان الكرة الأرضية .

تملك الدول العربية أدوات وأوراق ضغط على الصين للعب دور أكثر فعالية وتأثيرا على الولايات المتحدة وأوروبا لايقاف العدوان الاسرائيلي على غزة والتنسيق بينهما للتصويت على مشروع قرار ملزم بمجلس الأمن على ذلك وتجنب الانقسام وعدم استخدام حق النقض الفيتو كما حصل في مشروع قرار سابق يتعلق بالحرب على غزة . 

وقد عقد الرئيسان الأميركي والصيني بسان فرانسيسكو الجمعة الماضية  لقاء طال انتظاره تخلله مناقشات صريحة  امتدت لأربع ساعات واعتباره علامة فارقة ، واتفقا على تعزيز التعاون الاقتصاديوشددا على الحوار رغم الخلافات العميقة لحلها بين البلدين ومنع الانجراف الى صراع عسكري .

فيما أبدى الرئيس بايدن ارتياحه لنتائج محادثاته مع الرئيس الصيني ودعا  لعدم تحويل " المنافسة الى صراع " مع الصين  وأهمية استئناف الاتصالات العسكرية بينهما لتجنب الصراع ، يما رد الرئيس الصيني بأن الكوكب كبير بما يكفي لنجاح وازدهار الصين والولايات المتحدة ولا ننوي تحدي الولايات المتحدة و من الخطأ النظر الى بكين كتهديد والصين مستعدة لتكون شريكا وصديقا للولايات المتحدة وأن بلاده لن تسعى أبدا للهيمنة.

وفي مجال التعاون الاقتصادي العربي الصينيتعتبر المملكة العربية السعودية مركز الثقل والتأثير في ذلك .

ومن خلال الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين التي نظمت في الرياض في حزيران الماضي , فقد تم اطلاق " اعلان الرياض "لتعزيز الشراكات الاقتصادية .

حيث أعلن وزير الاستثمار السعودي الالتزام بالعمل كجسر يربط العالم العربي بالصين ، وسنعمل مع الصين لاغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة ، والنمو في التبادل التجاري مع الصين يخلق فرصا واعدة للاستثمار ، والوقت حان لتكون الصين شريكا استراتيجيا رئيسيا للتنمية في المنطقة ، وأن السعودية تسعى للتعاون مع الصين بدلا من التنافس معها ، والتعاون الاقتصادي مع الصين حقق انجازات نوعية في السنوات الأخيرة ، وضمن التبادل التجاري السعودي الصيني تم توقيع  اتفاقيات بقيمة 50 مليار دولار مع الجانب الصيني في كانون الأول 2022 ، وأن الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية يبلغ 3،5 تريليون دولار وثلثها في السعودية ، أما حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2022فقد وصل الى 106 مليار دولار بارتفاع سنوي بنسبة 30% وارتفاع صادرات المملكة الى الصين بنسبة 30% وارتفاع وارداتها من الصين بنسبة 31% ،  وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة في 2022 ، والاستثمارات الصينية في السعودية  تتركز في قطاع الطاقة ، وأن التعاون الاقتصادي مع الصين حقق انجازات نوعية في السنوات الأخيرة ، واستثمارات أرامكو وسابك في الصين تتجاوز 20 مليار دولار .

فيما أعلن وزير الطاقة السعودي أن الطلب على النفط في الصين لايزال في تزايد ، والاعلان القريب عن استثمارات سعودية صيتية مشتركة في كلا البلدين ، ولا نلتفت للانتقادات بشأن تنامي العلاقات السعودية الصينية ، وأن الصين ستكون أكثر انخراطا معنا في الأعمال التجارية والجميع يذهب حيث توجد الفرص الاستثمارية ومنخرطون مع الجميع .

أما وزير الخارجية السعودي فأعلن أن هناك رغبة متبادلة بين الدول العربية والصين لتطوير الشراكة والتعاون ، وأن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للدول العربية بقيمة 430 مليار دولار ، وأن زيارة الرئيس الصيني للرياض زادت من توطيد العلاقات الثنائية .

تتوافر الارادة السياسية العربية للتعامل مع الصين بعلاقات متوازنة لصالح التنمية والشعوب العربية  ودولة الصين  وزيادة  حجم التبادل التجاري معها  مدفوعا بالموقع الجغرافي للعالم العربي وتدفق التجارة والرهان على مساهمة الصين في تطوير الصناعة العربية باعتبارها مصنعا للعالم ومن خلال نقل التكنولوجيا وتطوير القوى العاملة والعمل معا وفق مبدأ التعاون وليس التنافس ومدفوعا ايضا باحتياجات الصين من النفط والطاقة وهو نمو حقيقي وليس ناتجا عن ارتفاع أسعار النفط  ووصل التبادل التجاري الى 330 مليار دولار في العام 2021 ، ارتفع الى 430 مليار دولار في العام 2022 ، وبلغ 134 مليار دولار في الأربعة  أشهر الأولى من العام 2023 .

أما دولة الامارات فلديها طموح بأن تضاعف حجم التبادل التجاري مع الصين ليصل الى 200 مليار دولار ، وتعتبر وزارة التجارة الصينية أن بكين الشريك التجاري الأكبر للدول العربية  .

تسعى الصين لتأمين وتنويع مصادر الطاقة من السعودية التي تستورد منها 17% من احتياجاتها النفطية والامارات والعراق وقطر وسلطنة عمان للحفاظ على القوة والقدرة التنافسية لها وتنويع السياسات والأهداف الاستراتيجية .

أماحجم استثمارات الصين في الدول العربية فقد بلغ 980 مليون دولار في نهاية العام 2023 ، وتهدف  الصين الى توسيع مشاريعها في الشرق الأوسط ، وفي استطلاع تم اجراؤه أظهر أن 82% من 120 شركة صينية تعتزم التوسع   أو الدخول الى منطقة الشرق الأوسط ، وقد سجل  العام 2020 أن الصين أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي " تجارة ثنائية " ، وسجل العام 2023 أنها أكبر شريك تجاري غير نفطي للسعودية والامارات على مستوى العالم وأكبر وجهتين لها .

وقد أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق عام 2013 وتسعى الى تنفيذها ، ودوافع المبادرة كما يلي :-

- انخفاض الطلب المحلي .

- ركود الصادرات في الخارج .

- الحاجة لزيادة التواصل مع الاقتصادات النامية .

ويشمل النطاق الجغرافي للمبادرة 140 دولة وعلى امتداد 13 ألف كم و اختصار المسافات بأخرى أقرب وأكثر أمانا وبانفاق عليها يصل الى 1،3 تريليون دولار ،مع تأكيد وزير الخارجية الصيني مواصلة دعمها  لدول الشرق الأوسط لاستكشاف الطريق نحو التنمية بشروطها الوطنية .

والصين تواجه اتهامات بأنها جهة اغراق غير مسؤولة لدفع الدول  للتخلف عن السداد بما ذلك الدول الافريقية التي تتغلغل فيها ، وعلاقات الصين المتصدعة مع واشنطن تعد سببا في جعل الارتباط بالمبادرة مثيرا للانقسام على نحو متزايد .