قطع الاتصالات يعرقل عمل المسعفين في غزة

«صار لي خمسة وعشرون عاما وأنا أقدّم خدمة الإسعاف لأهل القطاع ولم أصل يوماً إلى هذا الوضع»، هكذا يسرد المسعف حسن زعرب، قصته، وهو من آخر أطقم الإسعاف العاملة حاليا في غزة في ظل خروج مستشفيات غزة من الخدمة وحصار المتبقي منها، وانعدام وقطع الاتصالات للمرة الرابعة مع خدمة الاتصال المركزي بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي شبكات الاتصال في القطاع.


ويكمل المسعف حسن: «بتنا اليوم نعمل على خطط بديلة للتعامل مع الوضع الحالي، فنحن نتوجه بسيارة الإسعاف نحو أعمدة الدخان التي تتصاعد بعد القصف الإسرائيلي، وأحياناً ننتظر عند أبواب المستشفيات لوقت وصول أول سيارة مدنية أو توكتوك يحمل مصابا للمستشفى، ومن خلالهم نستطيع معرفة أماكن القصف ومن ثم نتوجه إلى المنطقة المقصوفة».

ويضيف: «لاحظنا في كل المرات التي قطعت خدمات الاتصالات والإنترنت عن غزة، أن إسرائيل تكثف غاراتها الجوية على بيوت المواطنين، ما يوقع مجازر كبيرة، والشهداء بالمئات، والضحايا نجدهم ملقون على الأرض في اليوم التالي».

ويقول محمد نجل المسعف زعرب: «لكي أطمئن على والدي أقوم بالاتصال به من خلال سيارة إسعاف أخرى لأستطيع من خلال موجة اللاسلكي الاطمئنان عليه من خلال كلمات قليلة فقط. وأطمئنه كذلك على أفراد الأسرة».

وقالت جمعية الهلال الأحمر إنها فقدت تماما كافة الاتصالات مع غرفة عملياتها في غزة، وكذلك فرقها العاملة هناك.

وأضاف محمد الفتياني المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني: «عدم توفر خدمة الاتصال في الإسعاف الوطني يهدد حياة المدنيين في قطاع غزة، وذلك من الممكن أن يزيد من حالات الوفيات في المناطق المقصوفة، لأنه إذا كان هناك شخص جريح أو مصاب، فإنه لا يستطيع التواصل مع الخط الساخن وهذا يمكن أن يفقد البعض حياته».

وأعلن الإعلام الحكومي في غزة في تصريح صحافي أن فرق الإنقاذ لا تستطيع تلقي اتصالات الطوارئ، كما أن السكان اضطروا لنقل الشهداء والمصابين بسياراتهم إلى المستشفى لعدم قدرتهم على التواصل مع خدمات الإسعاف.

ويبين أسامة الشامي الذي فقد من أسرته 12 شخصا: «قطع الاتصالات الإنترنت يؤثر بشكل مباشر في استجابة فرق الإسعاف للحالات المصابة والجرحى، ما يدفع أفراد الفرق الطبية للانصات إلى أصوات القصف الإسرائيلي ويحاولون التحرك نحو مصدر الصوت لإنقاذ الجرحى والمصابين».

وعن استشهاد زوجة أخيه التي كانت حاملا في الشهر الخامس نظرا لغياب خدمات الإسعاف والرعاية الطبية اللازمة، يضيف لـ»القدس العربي» «لقد تعرضت بسبب القصف إلى نزيف شديد ولم تحصل على أي خدمة طبية في هذه الحالة الطارئة التي لم نعرف كيف نتعامل معها إلى أن ارتقت شهيدة مع ابنتها الجنين التي لم تر النور».

ويؤكد أحد المسعفين في نقطة تجمع من نقاط الإسعاف أنه بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت يقف المسعفون عاجزين عن التحرك بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي لسيارات الإسعاف.

ويتابع لـ»القدس العربي»: «في أوقات انقطاع الاتصالات اصبحنا نسمع أصوات المواطنين الذين يصلون إلى ضباط الإسعاف جرياً على الأقدام، وهم يصرخون إسعاف، إسعاف».

ويكمل سرد كواليس التعامل مع الحالات إن «العمل يسير ببطء شديد، بينما يقطع أحد المواطنين أو المصابين مسافات كبيرة زحفاً أو مشياً على الأقدام ليخبرنا بالتوجه إلى نقطة الاستهداف، لأنه لا توجد أي وسيلة إتصال لدينا بسبب مشاكل وقطع الاتصالات».
وكانت شركة الاتصالات الفلسطينية أعلنت أن القصف الإسرائيلي دمر جميع المسارات الدولية المتبقية التي توصل غزة بالعالم الخارجي الذي تستغله إسرائيل في تنفيذ مجازر بعيدة عن تغطية العالم لتظل حقيقة الإبادة الجماعية مخفية وتلعب إسرائيل دور الضحية.