استمرار قصف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق ومخاوف من استخدام المليشيات المنظومة الإيرانية «خرداد-15»

ارتفع عدد الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق إلى 61 استهدافا منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وحتى ظهر الجمعة، بعد ثلاث هجمات ضد قاعدتين في العراق وأخرى في سوريا، وأعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» مسؤوليتها عن الهجمات بواسطة الطائرات المسيرة، وتبنت في بيانات منفصلة، استهداف قاعدة «الحرير» الأمريكية في إقليم كردستان العراق. وقاعدة «عين الأسد» غرب العراق وقاعدة «تل بيدر» غرب مدينة الحسكة أقصى شرق سوريا بواسطة طائرات مسيرة ثابتة الجناح. حيث هاجمت «الحرير» و«تل بيدر» بطائرة واحدة لكل منهما، في حين هاجمت «عين الأسد» بطائرتين. وأوضحت البيانات الثلاثة التي نشرتها معرفات الميليشيات الإيرانية على تطبيق «تلغرام» أن الطائرات تمكنت من إصابة أهدافها بشكل مباشر

في سياق منفصل، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» الخميس، تعرض قواعدها العسكرية في كل من سوريا والعراق إلى 58 هجوما منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهو اليوم الذي بدأت فيه الميليشيات الموالية لإيران في البلدين هجماتها ردا على بدء الجيش الإسرائيلي الاجتياح البري لقطاع غزة في فلسطين أو ما أسماه الجيش الإسرائيلي عملية «السيوف الحديدية» ضد حركة المقاومة الإسلامية «حماس»

وخلال المؤتمر الصحافي اليومي للبنتاغون، قالت نائبة المتحدث باسم الوزارة، سابرينا سينغ إن «جميع الهجمات التي نفذت ضد قواتنا منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) جرى إحباطها». مشيرة إلى أن «الهجمات لم تلحق أضرارا كبيرة بالبنية التحتية ولم تسفر عن إصابات خطيرة لدى الجنود، والمصابين عادوا إلى مهامهم». وأوضحت المتحدثة أن الهجمات توزعت بين العراق وسوريا وكانت حصيلتها كالتالي: «27 هجوما في العراق، و30 إلى 31 هجوما في سوريا». مشددة على أن بلادها سترد «حتما في المكان والزمان اللذين تختارهما» في حال استمرار الهجمات

احتمال تصاعد التوتر بين أمريكا وإيران

من جهة أخرى، نفى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في حديث لشبكة «سي بي إس نيوز» الأمريكية مسؤولية إيران عن الهجوم بطائرة مسيرة في البحر الأحمر، قيل إنها حاولت استهداف مدمرة أمريكية. ورفض الاتهامات بأن بلاده تقف خلف الهجمات التي تشنها الميليشيات الشيعية التابعة للحرس الثوري ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق

وفي دير الزور، يستمر التوتر بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والعشائر العربية التي شكلت ما عرف باسم «قوات العشائر» ويتجه مقاتلون سابقون إلى تجميع أنفسهم في تشكيلات عسكرية صغيرة تدعم شيخ قبيلة العكيدات ابراهيم الهفل. وأعلن مجموعة من المقاتلين من عشيرة «التلت» عن تشكيل «لواء بيارق العكيدات» وتعهد الناطق العمل تحت راية الهفل وتحرير جميع أراضي الجزيرة السورية من سيطرة «قسد» وطالب البيان أبناء العشائر العربية الذين يقاتلون في صفوف «قسد» الابتعاد عن المقاتلين «الملاحدة» حسب ما قال قارئ البيان الملثم. وأعطى الأمان لكل أبناء العشائر في حال الجلوس في بيوتهم وترك القتال إلى جانب «قسد»

في السياق، أعلن تجمع من المقاتلين في بيان مصور، تشكيل كتيبة ذئاب الفرات وإعلان تبعيتها إلى جيش العشائر الذي يقودها الشيخ الهفل

وفي وقت سابق، تناقل ناشطون من دير الزور خبر اجتماع شيخ مشايخ العكيدات مصعب الهفل المقيم في الدوحة بقطر مع «التحالف الدولي لمحاربة داعش» في أربيل منتصف الأسبوع، وقالت الشائعات أن الهفل توافق على حل الخلافات بين العشائر العربية والمقاتلين الأكراد

إلى ذلك، أكدت مصادر «القدس العربي» في منطقة الميادين بريف دير الزور الشرقي، أن مقاتلي الميليشيات الإيرانية أفرغوا الكثير من مقرات تجمعهم وتمركزوا في منازل المدنيين المستولى عليها من قبل قوات النظام والميليشيات بهدف تخفيف خسائر القصف الجوي الأمريكي والإسرائيلي مع احتمال تصاعد التوتر بين أمريكا وإيران

المنظومة الإيرانية للدفاع الجوي

يأتي التصعيد في غرب الفرات شرق سوريا مع توقعات بسعي إيران إلى تشغيل منظوماتها الجوية المقدمة إلى النظام السوري حسب اتفاق مع الأسد عام 2020 يقضي بتزويد الجيش السوري بأنظمة دفاع جوي إيرانية الصنع

وتتخوف واشنطن مع احتمال امتلاك منظومات دفاع جوي لصالح حزب الله اللبناني أو تشغيلها من قبله وخصوصا في لبنان أو مناطق انتشاره في دير الزور وحلب وحمص وريف دمشق ودرعا والقنيطرة

وفي تقرير لمعهد واشنطن، قال فرزين نديمي المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج إن التقارير الواردة من محافظة دير الزور السورية تشير إلى أن الميليشيات ربما تتدرب بشكلٍ نشط على استخدام المنظومة الإيرانية للدفاع الجوي «خرداد-15» وهو منظومة الصواريخ المتوسطة إلى طويلة المدى. وتدعي إيران في محاولة تسويقها أنها قادرة على الاشتباك مع ما يصل إلى ست طائرات حربية في وقت واحد من مدى يصل إلى 120 كيلومتراً

ووصف الباحث احتمال امتلاك حزب الله المنظومة بأنه مثير للقلق بصورةٍ خاصة في ظل السياق الحالي للحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» وتوسع رقعة الاشتباكات الحدودية بين إسرائيل وحزب الله ومحاولات البنتاغون ردع الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق

ويأتي القلق الأمريكي بعد نجاح حزب الله إسقاط عدة طائرات مسيرة إسرائيلية خلال الأسبوعين الأخيرين قرب الحدود اللبنانية وهو ما يشكك بامتلاك الحزب منظومة جديدة غير المدافع المضادة للطائرات التي امتلكها في وقت سابق وهما منظومتا الدفاع الجوي المحمولة «ستريلا» و«إيغلا» الروسيتين ومنظومة «ميثاق» الإيرانية. ومن الواضح أن استهداف المسيرات الإسرائيلية فوق أراضي لبنان قد أثر على استخدامها فوق مناطق التوتر على جانبي الحدود

على الجبهة السورية، فقد شهد الأسبوعان الأخيران توترا أقل على جبهة الجولان، إذ استجاب حزب الله فيما يبدو لضغوط النظام السوري بوقف الهجمات من جنوب البلاد ضد إسرائيل، إلا أن الجيش الإسرائيلي قصف من جهة الجولان عدة نقاط في جنوب دمشق، وقالت وزارة الدفاع السورية «ان منظومات الدفاع الجوي تصدت لصواريخ العدوان وسقطت معظمها وأدى العدوان إلى وقوع بعض الخسائر المادية». والغريب في الأمر أن إسرائيل لم تعلق أو تنشر أي تفاصيل على الهجوم أو أنه بالفعل قد حدث. من الواضح أن التحذيرات الأمريكية لإيران والمتمثلة بقصفها مواقعها «الحرس الثوري» وباقي الميليشيات التابعة له في دير الزور ومحيطها لم يمنع الأخيرة من استمرار قصفها اليومي وبمعدلات أعلى من سابقاتها. على العكس فإن الهجوم على القواعد الأمريكية لا يرتبط في إطار الرد على حرب غزة وانما هو جزء من سياسة الضغط الإيراني على أمريكا في عدة مناطق ويتعلق بالوجود الأمريكي ذاته في سوريا، إذ لا تتوقف طهران عن الحديث عن عدم شرعية الوجود الأمريكي في سوريا وان تدخلها مخالف للقانون الدولي كونه يأتي دون رغبة من دمشق بخلاف وجودها ووجود روسيا إذ أنها حصلا بطلب من الحكومة السورية، حسب تعبيرها

ويأتي دعم العشائر العربية من قنوات النظام والحرس الثوري المختلفة في شرق الفرات ومحافظة الحسكة كجزء من الاستراتيجية الإيرانية ضد الوجود الأمريكي في سوريا